وأدبه فأحسن تأديبه.. وكيف لا وهو حبيبه. فهو من تنام عينه ولا ينام قلبه.. وكيف ينام قلب مشتاق.. وورث هذه الصفة من أمته رجالا منهم صهيبٌ وبلال رضي الله عنهما.. قد كانا من المشتاقين... فإذا ذكروا النار طار نومهم، وإذا ذكروا الجنة هاج شوقهم، وإذا ذكروا الله تعالى وجلت قلوبهم. أما الخليل عليه السلام فقد حنَّ إلى صُنع خليله ولم يتهمه. وقد كان سؤال الخليل عليه السلام على شرط الأدب فالطمأنينة لا تكون ضدَّ الشك.. الذي هو ضد اليقين. لكنه أراد أن يسافر من علم إلى عين والذي هو المشاهدة بكيف وربما اشتاق إلى محاورة ربه أبداً فلما قيل له: أو لم تؤمن قال: بلى وكان قد اشتاق إلى خطاب حبيبه فأنزل نفسه منزلةَ الشك لينال لذيذ هذا الخطاب، و ليطمئن قلبه المتعب بحب حبيبه... المشتاق لعيانه وعينه. وكأنه اكتفى أن يكون محل عتاب حبيبه كما قالوا: " ويبقى الوُدُّ ما بقى العتابُ ". الإعجاز التربوي في رب أرني كيف تحيي الموتى - سطور. فكانت حياته بهذا العتاب فسعد كما أسعدته بخلته. وأرى خطاب الطيور الأربع الإبراهيمي إنما هو كمال تمام خلته.. فهذا خطاب بين خليلٌ وخليله. وهذا من الخليل غاية استغراقه فى الاشتياق وغوصه فى سر حبيبه واوصاف قدرته لان المحب اراد ان يحيط بحقيقة ذات المحبوب من جميع الوجوه.
الإعجاز التربوي في رب أرني كيف تحيي الموتى - سطور
كذلك قال الله تعالى عن سيدنا عيسى عليه السلام: " وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ " (آل عمران-49)
و هنا أيضا يذكر الله تعالى أن المسيح عليه السلام يحيي الموتى ويبرئ الأمراض الروحانية، بل ويخلق من بشر طينيين طيورا روحانية تماما كما علم الله سيدنا إبراهيم تربية هذه الطيور وتزكيتها. واذ قال ابراهيم ربي ارني كيف تحيي الموتى. الحكمة
حكمة درس اليوم هي أن التودد والتلطف وكسب الثقة كما يفعل مربي الطيور كفيل بصنع المعجزات، ومن هذه المعجزات تحويل بشر طينيين أموات يتمرغون في ماديات الأرض إلى طيور روحانية حية تحلق في أجواء سموات القرب الإلاهي. و هنا نشير إلى أن هذا الدرس الإلاهي العظيم ليس درسا لكل الأنبياء فقط بل هو نبراس لكل البشر، فكما أن الأنبياء مسؤولون عن تربية أقوامهم وإصلاحهم، كذلك لكل فرد مسؤوليات في تربية أبنائه وإصلاح أفراد أسرته بل والمساهمة في هداية أصدقائه وأقربائه حسب قدرته. نسأل الله تعالى أن ينفعنا بهذه الدرس ويجعلنا منه من المستفيدين وله من المطبقين.
فصل: إعراب الآية رقم (262):|نداء الإيمان
الإعراب: (قول) مبتدأ مرفوع، (معروف) نعت لقول مرفوع مثله الواو عاطفة (مغفرة) معطوف على قول مرفوع مثله (خير) خبر مرفوع (من صدقة) جارّ ومجرور متعلّق ب (خير) (يتبع) مضارع مرفوع و(ها) ضمير مفعول به (أذى) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف الواو استئنافيّة (اللّه) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (غنيّ) خبر مرفوع (حليم) خبر ثان مرفوع. جملة: (قول معروف.. خير) لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: (يتبعها أذى) في محلّ جرّ نعت لصدقة. وجملة: (اللّه غنيّ حليم) لا محلّ لها استئنافيّة. قال ربي ارني كيف تحيي الموتى. الصرف: (غنيّ)، صفة مشبّهة وزنه فعيل من غني يغني باب فرح.
حقيقة سؤال إبراهيم عليه السلام رب أرني كيف تحيي الموتى - إسلام ويب - مركز الفتوى
ولنعلم أولا ما معنى: عقيدة؟. إن العقيدة هي: أمر معقود، وإذا كان هذا فكيف يقول: { لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}؟ فهل هذا دليل على أن إبراهيم قبل السؤال، وقبل أن يجاب إليه، لم يكن قلبه مطمئناً؟ لا، لقد كان إبراهيم مؤمناً، ولكنه يريد أن يزداد اطمئناناً، لأنه أدار بفكره الكيفية التي تكون عليها عملية الإحياء، لكنه لا يعرف على أية صورة تكون. الزعم أن إبراهيم ـ عليه السلام ـ شك في قدرة الله على إحياء الموتى. إذن فالاطمئنان جاء لمراد في كيفية مخصوصة تخرجه من متاهات كيفيات متصورة ومتخيلة، ومادمت تريد الكيفية، وهذه الكيفية لا يمكن أن نشرحها لك بكلام. بل لابد أن تكون تجربة عملية واقعية، { فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ ٱلطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ}. و " صرهن " أي أملهن واضممهن إليك لتتأكد من ذوات الطير، ومن شكل كل طير، حتى لا تتوهم أنه قد جاء لك طير آخر. ما هي الطيور المرادة؟ وقال المفسرون: إن الأربعة من الطير هي: الغراب، الطاووس، الديك، الحمامة، وهكذا كان كل طائر له شكلية مختلفة. { ثُمَّ ٱجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ٱدْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً} ، فهل أجرى سيدنا إبراهيم هذه العملية أو اكتفى بأن شرح الله له الكيفية؟ إن القرآن لم يتعرض لهذه الحكاية، فإما أن يكون الله قد قال له الكيفية، فإن أراد أن يتأكد منها فليفعل، وإما أنه قد تيقن دون أن يجري تلك العملية.
ما جاء في قول إبراهيم عليه السلام ربي أرني كيف تحيي الموتى وآيات أخر - أحمد حطيبة
كتاب: الجدول في إعراب القرآن. إعراب الآية رقم (260): {وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260)}.
الزعم أن إبراهيم ـ عليه السلام ـ شك في قدرة الله على إحياء الموتى
[6]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأنبياء، باب قوله عز وجل:) ونبئهم عن ضيف إبراهيم (51) ( (الحجر) (3192)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب من فضائل إبراهيم الخليل عليه السلام (6291). [7]. المعاينة: رؤية بالعين لا شك فيها. [8]. البدهي: الطبيعي. [9]. محمد أبو النور الحديدي، مطبعة الأمانة، القاهرة، 1399هـ/ 1979م، ص281، 282.
وذلك كله مما يشهد لحقيقة الخلق, ولطلاقة قدرة الخالق ومشيئته بلا حدود ولا قيود, كما يشهد للخالق الذي أبدع هذا الخلق من العدم بالقدرة علي إفناء خلقه وعلي إعادة بعثه. وقد شرح رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ عملية البعث بعد الموت في عدد من أحاديثه الشريفة التي منها ما يلي:
(1) كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب, منه خلق وفيه يركب( صحيح مسلم).
(2) وليس من الإنسان شيء إلا يبلي إلا عظما واحدا هو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة. ما جاء في قول إبراهيم عليه السلام ربي أرني كيف تحيي الموتى وآيات أخر - أحمد حطيبة.
(3) ما بين النفختين أربعون... ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل. ليس من الإنسان شيء إلا يبلي إلا عظما واحدا هو عجب الذنب, ومنه يركب الخلق يوم القيامة( صحيح البخاري). وتشير هذه الأحاديث إلي أن سر الإنسان يتركز في عظمة واحدة في حجم حبة الخردل بنهاية عموده الفقري( العصعص) سماها رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ باسم( عجب الذنب), وكل ما زاد علي ذلك من البناء الجسدي الذي ينمو من كل من عناصر الأرض ومائها يعود بعد موت الإنسان من حيث أتي إلي تراب الأرض ومائها, ويبقي عجب الذنب ليعيد الله ـ سبحانه وتعالي ـ بعث كل مخلوق حي منه في يوم البعث.