نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. ([1]) في اليوم العاشر من شهر محرم. ([2]) رواه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء رقم (3397)، ورواه مسلم في كتاب الصيام، رقم (1130). ([3]) رواه مسلم في كتاب الصيام رقم (1162). ([4]) رواه أحمد في مسنده، 1/241.
- قصة سيدنا موسى وفرعون
- قصة موسى مع فرعون
- قصه موسي وفرعون كامله
قصة سيدنا موسى وفرعون
يوم مقتل فرعون
وفي يوم أخذ موسى من آمن بالله من قوم بني إسرائيل وفر من فرعون منطلقاً بهم خارج مصر، ولكن فرعون أتبعهم هو وجنوده ولحقوا بهم كي يقتلوهم، حتى وصل موسى وقوم بني إسرائيل إلى ضفة البحر حيث شعر بالهرع عندما وجد البحر أمامه وفرعون ورجاله خلفه، وقد ظن إنه سيموت مقتولاً في هذا المكان ولكن الله سبحانه وتعالى حعل من البحر جبل يمر عليه موسى وقوم بني إسرائيل وعندما أتبعه فرعون من فوق هذا الجبل، إنطبق الجبل عليه وعلى رجاله فغرقوا جميعهم. وهكذا قد انتهت قصة فرعون والعبرة والموعظة منها هو أن الله يُنجي عباده الصالحين والمؤمنين به، ويعذب أعداءه، كما إن الله قادراً على إظهار الحق، وإهلاك الباطل.
قصة موسى مع فرعون
يوم الزينة
وأتفق فرعون مع موسى على إنه سيجمع السحرة التابعين لبني إسرائيل وسيختار يوم ليفعل ما فعله أمامهم وهنا سيعلم هذا سحراً أم معجزة من عند الله، وقد أختار موسى يوم الزينة وذلك اليوم كان يوم العيد في مصر القديمة، وفي هذا اليوم أجتمع السحرة وكان سيدنا موسى أخاه هارون هناك، ثم أمر موسى السحرة بأن يلقوا ما في أيديهم قبله، فألقوا السحرة عصيهم وأحبالهم أمام الناس، وسحروا أعين الناس كي يرواها ثعابين تسير في الأرض، فخاف موسى عليه السلام من هؤلاء السحرة وما يفعلونه ليعجب به الناس، فألقى العصا أرضاً وتحققت المعجزة. المعجزة
عندما ألقى سيدنا موسى العصا أرضاً تحولت إلى ثعبان كبير وضخم وحقيقياً، وعندما شاهدوا العصا وهي تتحول إلى ثعبان عرفوا بأن هذا لم يكن سحراً إطلاقاً، وهو معجزة إلهية حقيقية دون نقاش، ومنهم من أتبع موسى وآمن بالله تعالى، فغضب فرعون على قومه وظل يعذبهم لأنهم لم يؤمنون به، ثم أنزل الله عليه من السماء أصناف من مختلفة من العذاب مثل الدم والضفادع والقمل، فكان يطلب من موسى ويقول له أجعل ربك يرفع عنا العذاب وسأرسل لك قوم بني إسرائيل، فكان لا يصدق في قوله، ويستمر في تعذيب النساء والأطفال المؤمنون بالله.
قصه موسي وفرعون كامله
فاعتبروا يا أولي الأبصار فلقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}[هود:102]. فتذكروا عباد الله كيف كان عاقبة الطغاة الظالمين، وكيف كان منتهاهم ومصيرهم، وهذه سنة الله سبحانه في كل متكبر جبار، وقد قال الله عز وجل في أمثال هؤلاء:{فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}[النمل:51-52]. قصة موسى مع فرعون. فاتقوا الله عباد الله، وليكن حظكم من هذه الآيات والعبر الاعتبار، والتبصر، والرجوع إلى الله، والخوف من عذابه وسطوته، والمبادرة إلى التوبة والاستغفار، وامتثال الأوامر الإلهية، والاستقامة على الطاعة. واعلموا أنكم في شهر حرام، فضله على الله كثير من شهور العام، وهو شهر الله المحرم، أحد الأشهر الحرم التي حرم الله فيها القتال والظلم، وجعل لها ميزة من بين سائر الشهور. قال الله عز وجل: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}[التوبة:36].
فيأتي الحرام من الزنا واللواط وتكشف العورات، ولا يقدر أن يقول: إني أخاف الله. وكم من الناس يقف عاجزًا أمام سَطْوَةِ نفسه عن الانتقام! فيظلم ويبغي ويؤذي عباد الله دون وَجَلٍ أو خوفٍ. دروس وعبر من قصة موسى وفرعون [1] - عبد الله الجلالي. قال الحسن: "سبحانَ الله! القوم كفارٌ، وهم أشدُّ الكافرين كفرًا، ثبت في قلوبهم الإيمان في طَرْفَةِ عينٍ، فلم يتعاظَمْ عندهم أن قالوا: ( فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ)[طه:72]، في ذات الله تعالى، والله إن أحدَكُم اليوم ليصحب القرآن ستين عامًا، ثم إنه يبيع دينَه بثمنٍ حقيرٍ"(مفاتيح الغيب: 10/441). هذا في زمانه فكيف بزماننا، ومن أعظم الفوائد أنْهم فَرُّوا إلى أعظم الأسباب في التثبيت وهو الدعاء، نعم الدعاء والتذلُّل لله وطلب معونته وتوفيقه في الثبات، فهم قالوا: ( رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ)[الأعراف:126]. عليكم بهذا الدعاء في كل وقت وحين، واسألوا الله الثبات، وإذا كان رسولنا -صلى الله عليه وسلم- يسأل هذا فكيف بغيره، روى الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح من حديث أنسٍ قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: " يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ "، قال: فقلنا: يَا رَسُولَ اللهِ، آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟ قال: فقال: " نَعَمْ إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- يُقَلِّبُهَا "(أخرجه أحمد: 12128).
وقد صحت الأحاديث عنه r في الحث على الصيام في هذا الشهر. لا سيما اليوم العاشر منه، فقد ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قدم رسول الله r المدينة، فوجد اليهود صيامًا يوم عاشوراء، فقال لهم: « ما هذا اليوم الذي تصومونه ؟ » قالوا: هذا يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا لله، فنحن نصومه. فقال r: «نحن أحق بموسى منكم » فصامه r وأمر بصيامه ( [2]). وقد أخبر عليه الصلاة والسلام أن صيام يوم عاشوراء يكفر السنة الماضية ( [3])، وقال r:«لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع مع العاشر». قصة سيدنا موسى وفرعون. وقال r: « خالفوا اليهود، صوموا يومًا قبله أو يومًا بعده » ( [4]). أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} [يونس:90-92].