[5] فيض القدير (4/ 685 ح 6143). [6] شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد (63). [7] بهجة قلوب الأبرار (21، 22).
الدرس (35) من شرح الأربعين النووية حديث قل آمنت بالله ثم استقم
وهذا الحديث قد اشتمل على خصال الخير كلها، وأحاط بجميع شعب الإيمان، فكان وصية الوصايا كلها، فكل الوصايا القرآنية, والنبوية تندرج تحتها، وتنبع منها، وتصب فيها. وهذه الوصية قبس من الوصايا التي أوصاه الله بها في سورة هود، وسورة الشورى. قال تعالى في سورة هود: { فَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (سورة هود: 112). الدرس (35) من شرح الأربعين النووية حديث قل آمنت بالله ثم استقم. قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع القرآن آية كانت أشد ولا أشق عليه من هذه الآية. وقال في سورة الشورى: { فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَقُلْ ءَامَنتُ بِمَآ أَنْزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} (سورة الشورى: 15). أي فلذلك التفرق الذي حدث لأهل الكتاب ومن على شاكلاتهم أمرناك أن تدعو الناس إلى الحنيفية السمحة مستقيماً على الطريقة المثلى التي بيناها لك، والصراط المستقيم الذي هديناك إليه، ولا تلتفت إلى أهل الكتاب ولا تقف طويلاً معهم فهم أهل شُبه، وضلالات، وأهواء جامحة، وقل بقلبك ولسانك آمنت بما أنزل الله من كتاب سماوي سابق لهذا الكتاب الذي بين يدي.
وإذا أردنا أن تتحقق الاستقامة في البدن فلا بد من استقامة القلب أولا ، لأن القلب هو ملك الأعضاء ، فمتى استقام القلب على معاني الخوف من الله ، ومحبته وتعظيمه ، استقامت الجوارح على طاعة الله ، ثم يليه في الأهمية: استقامة اللسان ، لأنه الناطق بما في القلب والمعبّر عنه ، نسأل الله أن يهدينا إلى صراطه المستقيم ، صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا.