وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " من نسي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير ما حكمه؟
فأجاب: قد ذكر النووي والحافظ ابن القيم وغيرهما في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أقوالا ثلاثة:
الأول: أنها فرض لا تسقط لا عمدا ولا سهوا، روي ذلك عن عمر وابنه وابن مسعود وأبي مسعود الأنصاري، وقال به الشعبي من التابعين، وذهب إليه الشافعي وأحمد في المشهور عنه. والقول الثاني: أنها واجبة، بمعنى أن من تركها عمدا بطلت صلاته، ومن تركها سهوا أجزأته صلاته، وهو قول ابن راهويه، ورواية عن الإمام أحمد، اختارها الخرقي، وذكر في المغني: أنها ظاهر مذهب أحمد رحمه الله. وحجة القولين: ما جاءت به الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية كعب بن عجرة وأبي سعيد وأبى حميد وأبي مسعود الأنصاري وغيرهم، وفيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: أمرنا الله أن نصلى عليك، فكيف نصلي عليك، قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد هذا لفظ البخاري، في أحاديث الأنبياء من كتاب بدء الخلق من صحيحه من رواية كعب بن عجرة رضي الله عنه، وله ألفاظ أخر عند البخاري ومسلم وغيرهما، ولكن هذا اللفظ الذي ذكرناه هو أتمها وأكملها.
هل تسجد للسهو إذا نسيت عدد مرات التسبيح في الركوع والسجود؟ - الإسلام سؤال وجواب
ولكن إن ترك فرض في الصلاة كسجوده هنا عندما يسجد لا بد أن يسجد سجود السهو. أما إذا لم يتذكر المؤمن أنه قد نسى ركناً أساسياً في صلاته قبل السلام. ولكن في حال تذكر بعد الإنتهاء من الصلاة وكان على وضوءه فعليه أن يسجد سجدة سهو. كيف يتم سجود السهو:
سوف نعرض رأي المذهب الشافعي في طريقة سجود السهو، وهو أن يقوم المُصلي بسجدتين كالسجدات الخاصة بالصلاة. ونيته تكون بتأدية سجود السهو، والموعد الذي يتم فيه سجود السهو هو بعد التشهد والصلاة على النبي صلوات الله عليه وسلامه. وذلك قبل أن يتم التسليم الأخير من الصلاة. أما المذهب الحنفي فيرى أن طريقة سجود السهو تكون، بسجود المصلي سجدتين بعد التسليم من ناحية اليمين فقط. ثم يقول التشهد بعد أن يقوم بالسجدتين ويُسلم بعد التشهد. ولكن المذهب المالكي فيرى، إن المصلي يسجد سجدتين ثم يقوم التشهد بعدهم. نسيان سجود السهو. كما قد رأى أن السجدتين قد تكون قبل التسليم الأخير أو بعده على حسب ما سهى عنه المصلي. أما ما يجب أن يقوله المصلي أثناء سجوده، فلم تذكر السنة النبوية المطهرة أي شيء مخصوص بذلك. كذلك الإمام النووي فقد قال أن سجود السهو سجدتان، بينهم جلسة ويسَن الإفتراش ومحمود أن يقول المؤمن " سبحان ربي الأعلى " خلال سجوده.
نسيان سجود السهو
م/ وَلَهُ أَنْ يَسْجُدَ قَبْلَ اَلسَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ. أي: أن المصنف - رحمه الله - يرى أن الإنسان مخير بسجود السهو، إن أحب سجد قبل السلام وإن أحب سجد بعده، وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال: القول الأول: السجود للسهو محله قبل السلام. وهذا مذهب الشافعي. لحديث عبد الله بن بحينة السابق، الذي فيه: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ترك التشهد الأول وسجد للسهو قبل السلام). ولحديث أبي سعيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا شك أحدكم في صلاته، فلم يدر كم صلى … ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم). وقالوا: إن سجود السهو إتمام للصلاة، وجبر للنقص الحاصل بها، فكان قبل السلام لا بعده. القول الثاني: أن سجود السهو كله بعد السلام. وهذا مذهب أبي حنيفة. واستدلوا بحديث الباب. ولحديث ابن مسعود في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب … فليتم ثم يسلم ثم يسجد). القول الثالث: التفريق، فما كان عن نقص قبل السلام، وما كان عن زيادة فبعد السلام. وهذا مذهب مالك. قال ابن عبد البر: " وبه يصح استعمال الخبرين جميعاً، وقال: واستعمال الأخبار على وجهها أولى من ادعاء النسخ ". القول الرابع: أن سجود السهو قبل السلام إلا إذا سلم قبل إتمامها فهو بعد السلام، وهذا المشهور من المذهب.
وقد بسط القول في هذه المسألة النووي في شرح المهذب، والعلامة ابن القيم في جلاء الأفهام، ونقل كلامهما وبسط القول في هذه المسألة يطول، وفيما أشرنا إليه كفاية. إذا عرفت ذلك، فعلى القول الأول: من تركها ناسيا لزمه أن يعود إلى الصلاة، فيأتي بها ثم يسلم ويسجد للسهو، والأفضل أن السجود هنا يكون بعد السلام؛ لأنه قد سلم عن نقص، فأشبه ما جاء في حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين، وإن سجد قبل السلام أجزأه. وإن طال الفصل لزمه أن يستأنف الصلاة كسائر الأركان. وعلى القول الثاني إن ذكر قريبا سجد للسهو، وإن طال الفصل سقط عنه السجود وتمت صلاته، وهذا القول أقرب عندي؛ لحديث فضالة بن عبيد عند أحمد وأبي داود والترمذي والنسائي بسند جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو في صلاته ولم يحمد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: عجل هذا، ثم دعاه فقال له: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بما شاء انتهى. ولم يأمره بالإعادة، والظاهر والله أعلم أن ذلك لجهله، فيستدل به على سقوطها عن الجاهل بوجوبها، ومثله الناسي، وتقدم لك أن هذا قول إسحاق، ورواية منصوصة عن أحمد، اختارها من ذكر آنفا، وعلى هذا القول تجتمع الأحاديث الواردة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والأخذ بالقول الأول أحوط؛ لما فيه من العمل بكل الأحاديث والخروج من الخلاف.