وقال تعالى: ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا
يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ
مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) [فصلت: 44]". انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (8/ 391). وهكذا، من يقصر في تجويد النية وتحسين المقصد ، نقص من علمه بالقرآن بقدر هذا
التقصير. الرابع:
قال كثير من العلماء إن التيسير هنا تيسير القراءة والحفظ ، لا تيسير الفهم
والمعرفة. كما علق البخاري في "صحيحه" (6/ 143) قول مجاهد: (يسرنا): هوَّنَّا
قراءته. وقال ابن قتيبة رحمه الله:
" ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) أي: سَهَّلناه للتلاوة. ولولا ذلك:
ما أطاق العبادُ أن يَلْفِظوا به ، ولا أن يستَمِعوا [له]" انتهى من " غريب القرآن"
(ص: 432). وقال القاضي عياض رحمه الله:
"(ولقد يسرنا القرآن للذكر) وسائر الأمم لا يحفظ كتبها الواحد منهم ، فكيف الجماء
على مرور السنين عليهم.. والقرآن ميسر حفظه للغلمان في أقرب مدة ". انتهى من "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" (1/ 540). تأويل الآية: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}. ويقول ابن عطية رحمه الله:
"(يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ) معناه: سهلناه وقربناه. و(الذكر): الحفظ عن ظهر قلب، قال
ابن جبير: لم يُستظهر من كتب الله سوى القرآن.
- تأويل الآية: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}
- فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ؟ – التصوف 24/7
تأويل الآية: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}
الحمد لله.
فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ؟ – التصوف 24/7
وقال عبيدالله بن قيس الرقيات:
ذكرتُكِ إذ غاض الفراتُ بأرضنا
وسالتْ بأعلى الرقتين بحارُها [31]
وقال الشاعر الجاهلي معاوية بن مالك بن جعفر:
ذكرتُ بها الإيابَ ومن يسافرْ
كما سافرتُ يدَّكِرِ الإيابا [32]
ففي كلِّ من هذه الأبيات، استخدم فعل "ذكر" أو "تذكَّر" أو "ادِّكار" للذكر، لا للحفظ. ولنقرأ بعض الشواهد من القرآن الكريم؛ كي يتضح المعنى جليًّا؛ يقول الله تعالى:
﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2]. معنى فهل من مدكر. ﴿ فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنعام: 118]. ﴿ وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ ﴾ [يوسف: 45]. ﴿ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى ﴾ [الأعلى: 10]. معنى هذه الفقرة في هذه السورة: هذه الفقرة تكرر مجيئها في سورة القمر بعد مجموعة من الآيات، وفي كل هذه المجموعات يشير الله تعالى إلى أن هذه وتلك تدلُّك على ذكر آلاء الله تعالى من الخلق والموت، وكافة تسهيلات الحياة، والقرآن قد امتلأ بمثل هذه الآيات التي تأخذ بيدك إلى الصراط القصد السوي، فالتأويل الصحيح لهذه الفقرة هو أن القرآن هُيِّئ من كل جانب لتذكير التعليم الفطري؛ أي: إنه يمتلك دلائل عقلية ونقلية لإثبات الحقائق والأصول، فمن أنكر بها بعدُ فسيرتكب عنادًا وعتوًّا.
تأويل الآية: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [1]
تكررت هذه الفقرة في سورة القمر؛ التي قال فيها تعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17]، وقبل أن نحدِّد معناها، نودُّ أن نحدِّد معنى "التيسير" و"الذكر" في هذه الفقرة. فقد استخدم العرب فعل "يَسَّرَه له" لمعنى: أعدَّه لأمر ما، وفي الإعداد تأتي كافة التسهيلات التي تتطلبها هذه العملية؛ فمثلًا: يَسَّرَ الفرسَ للركوب، فمعناه أعدَّه بما يجب من السرج والزمام، ولكي يستعدَّ الفرس لاستعمال الراكب؛ قال الشاعر المخضرم الأعرج المعني:
وقمتُ إليه باللجام ميسِّرًا
هنالك يجزيني بما كنتُ أصنع [ 2]
"إليه"؛ أي: إلى الفرس الذي كان مستعدًّا للركوب. وقال عمر بن أبي ربيعة المخزومي:
ويَسَّرَها لنا الميمونُ حتى
لقيناها ببطنِ منًى تسير [3]
وقال مسكين الدارمي:
أقاسمهم للمال في القُلِّ والغِنى
ويدفع عنهن السنين احتياليا
فهذا لأيامِ الطراد وهذه
للهوى وهذي يُسِّرتْ لارتحاليا [4]
فهنا ذكر ثلاثة أشياء: الفرس يسَّره للحرب، والجارية يسَّرها للسلم، وأما الناقة فيسَّرها للسفر.