وهذه جملة لا يمكن تفصيلها، لأن تفاصيلها، جميع الشرعيات، ويدخل فيها جميع الرخص والتخفيفات"(8). مما سبق يُعلم أنَّ اليسر غاية عليا من غايات الشريعة، ومقصد كريم من مقاصدها، وهو أساس وقاعدة لكل أمر شرعي تكليفي، ولهذا تكثر الإشارات الدالة على ذلك في كتاب ربنا وسنة نبيِّنا -صلى الله عليه وسلم. فمن الإشارات القرآنية على أن اليسر مقصد شرعي، قوله تعالى: {ومَا جَعَلَ عَلَيكُم فِي الدِّين مِن حَرَجٍ} (الحج: 78)؛ وقوله عز وجل: {يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُم وخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} (النساء: 28)؛ وقوله سبحانه: {لَا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفساً إِلاَّ وُسعَهَا} (البقرة: 286). ومن أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم- الدالة على يسر الشريعة قوله: (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة) (9). المدني إختيار – الطائفة الـ19. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "ما خُيِّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثماً"(10). وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً، ولكن بعثني معلماً ميسراً) (11).
- المدني إختيار – الطائفة الـ19
- مظاهر يسر الإسلام وتسامحه - موضوع
- اليسر في الدين.. مقصد وغاية شرعية - موقع مقالات إسلام ويب
- دعاء يوم الجمعة للشيعة الامامية
المدني إختيار – الطائفة الـ19
ج- الالتزامات المالية: كالجزية والخراج والعشور: فالجزية: هي ضريبة مالية تُفرض على رؤوس أهل الذمة كل عام بشروط مخصوصة، أما الخراج: هو ما وضع على رقاب الأرضين من حقوق تؤدَّى عنها. والعشور: ضريبة تجارية تُفرض على أموال المسلمين والذميين والمستأمنين المعدة للتجارة، ومما يميز العشور عن الجزية أو الخراج، أنها تؤخذ من الذميين والمستأمنين بخلاف الجزية والخراج، فهما مختصان بالذميين.
مظاهر يسر الإسلام وتسامحه - موضوع
فـ"هذه هي القاعدة الكبرى في تكاليف هذه العقيدة كلها، فهي ميسرة لا عسر فيها، وهي توحي للقلب الذي يتذوقها، بالسهولة واليسر في أخذ الحياة كلها، وتطبع نفس المسلم بطابع خاص من السماحة التي لا تكلف فيها ولا تعقيد. سماحة تؤدى معها كل التكاليف، وكل الفرائض، وكل نشاط الحياة الجادة، وكأنما هي مسيل الماء الجاري، ونمو الشجرة الصاعدة في طمأنينة وثقة ورضاء، مع الشعور الدائم برحمة اللّه وإرادته اليسر لا العسر بعباده المؤمنين"(3). لكن إشكالاً حصل لدى البعض ففهم اليسر على غير حقيقته، مما دفعه إلى إهمال الكثير من الأحكام والأوامر الشرعية طلباً لليسر؛ بل رأينا من يدعو الناس إلى ترك كثير من الأوامر الإلهية بحجة التيسير والتخفيف عن الناس، مدعياً أن العبرة بأعمال القلوب لا الأبدان، وإصلاح النوايا لا أداء الفرائض والسُنن، حتى صارت قاعدة التيسير عند البعض ذريعة للتفريط والتقصير، بل الانسلاخ من دين الله بالكليّة.
اليسر في الدين.. مقصد وغاية شرعية - موقع مقالات إسلام ويب
وإن ذلك واضح في محاربة الدعوة الإسلامية؛ ولذلك جعل عمر - رضي الله عنه - من الشروط التي اشترطها مع نصارى الشام ألا يُظهروا شركًا. الدعوة إلى هذه الأديان الباطلة، لا شكَّ أنها من أعظم الانتقاص لله ولكتابه ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ولدينه. ب- ضوابط تجاه شريعة الإسلام: من جانب: 1. المعاملات المدنية: إن أهل الذمة يُلزمون بالخضوع في أمور التعاملات مع المسلمين وفيما بينهم بحكم الإسلام الذي به ينعم الجميع بالعدالة والأمان؛ قال تعالى: ﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾«المائدة: 42». مظاهر يسر الإسلام وتسامحه - موضوع. بيَّنت الآية أن أهل الذمة يحكمون بحكم الإسلام في الجملة، وهذا مقتضى انضمامهم إلى دولة الإسلام. الأحكام الجنائية: هذه الشريعة السمحة إقليمية التطبيق، فهي تطبَّق في دولة الإسلام على مَن رضِي الإقامة بها؛ سواء ممن آمَن بالإسلام، أم لم يؤمن به؛ حتى يعمَّ الأمن والاستقرار في ربوعها، فلا تطبَّق على فئة دون الأخرى، وعلى هذا فالقانون الجنائي الإسلامي يطبق على جميع الجرائم التي تقع في دار الإسلام، بغض النظر عن ديانة مرتكبها.
الحمد لله. عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
( إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ) رواه البخاري (39) ومسلم (2816)
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله:
" معنى الحديث: النهي عن التشديد في الدين ، بأن يحمِّل الإنسان نفسه من العبادة ما لا يحتمله إلا بكلفة شديدة ، وهذا هو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: ( لن يشاد الدين أحد إلا غلبه) يعني: أن الدين لا يؤخذ بالمغالبة ، فمن شاد الدين غلبه وقطعه. وفي " مسند الإمام أحمد " – (5/32) وحسنه محققو المسند - عن محجن بن الأدرع قال:
( أقبلت مع النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا كنا بباب المسجد إذا رجل يصلي قال: " أتقوله صادقا " ؟ قلت: يا نبي الله هذا فلان ، وهذا من أحسن أهل المدينة أو من أكثر أهل المدينة صلاة ، قال: " لا تسمعه فتهلكه - مرتين أو ثلاث - إنكم أمة أريد بكم اليسر)
وفي رواية له: ( إن خير دينكم أيسره ، إن خير دينكم أيسره) – " مسند أحمد " (3/479) وحسنه المحققون -.
دعاء يوم الجمعة
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحَمْدُ للهِ الأول قَبْلَ الاِنْشاءِ وَالاِحْياءِ وَالآخرِ بَعْدَ فَناءِ الأَشْياءِ ، العَلِيمِ الَّذِي لا يَنْسى مَنْ ذَكَرَهُ وَلا يَنْقُصُ مَنْ شَكَرَهُ وَلا يَخِيبُ (1) مَنْ دَعاهُ وَلا يَقْطَعُ رَجاءَ مَنْ رَجاهُ. اللّهُمَّ إِنِّي اُشْهِدُكَ وَكَفى بِكَ شَهِيداً ، وَاُشْهِدُ جَمِيعَ مَلائِكَتِكَ وَسُكَّانَ سَماواتِكَ وَحَمَلَةَ عَرْشِكَ ، وَمَنْ بَعَثْتَ مِنْ أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ ، وَأَنْشَأتَ مِنْ أَصْنافِ خَلْقِكَ ، أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ الله لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ وَحْدَكَ لاشَرِيكَ لَكَ وَلا عَدِيلَ وَلا خُلْفَ لِقَوْلِكَ وَلا تَبْدِيلَ ، وَأَنَّ مُحَمَّداً صلّى الله عليه وآله عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ أَدّى ماحَمَّلْتَهُ إِلى العِبادِ وَجاهَدَ فِي الله عَزَّ وَجلَّ حَقَّ الجِهادِ ، وَأَنَّهُ بَشَّرَ بِما هُوَ حَقٌ مِنَ الثَّوابِ ، وَأَنْذَرَ بِما هُوَ صِدْقٌ مِنَ العِقابِ. اللّهُمَّ ثَبِّتْنِي عَلى دِينِكَ ما أَحْيَيْتَنِي ، وَلاتُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي ، وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهّابُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى (2) آل مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ أَتْباعِهِ وَشِيعَتِهِ ، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهِ ، وَوَفِّقْنِي لاَداءِ فَرْضِ الجُمُعاتِ وَما أَوْجَبْتَ عَلَيَّ فِيها مِنْ الطّاعاتِ وَقَسَمْتَ لاهْلِها مِنَ العَطاءِ فِي يَوْمِ الجَزاءِ.
دعاء يوم الجمعة للشيعة الامامية
↑ المشهدي، المزار الكبير، ص 663؛ ابن طاووس، مصباح الزائر، ص 455. المصادر والمراجع
ابن طاووس، علي بن موسى، مصباح الزائر ، قم، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، ط 1، 1417 هـ. ابن المشهدي، محمد بن جعفر، المزار الكبير ، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1419 هـ. العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار ، تحقيق: السيد إبراهيم الميانجي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 3، 1403 هـ/ 1983 م. الكفعمي، إبراهيم بن علي العاملي، البلد الأمين ، بيروت، مؤسسة الأعلمي، 1417 هـ/ 1997 م. الكفعمي، إبراهيم بن علي العاملي، مصباح الكفعمي ، بيروت، مؤسسة الأعلمي، ط 3، 1403 هـ. النوري، الميرزا حسين، مستدرك الوسائل ، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، قم ـ إيران، 1407هـ.
إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ (3). الهوامش
1. في المصدر: « ولا يخيّب ». 2. على: خ. 3. الصحيفة السجاديّة: ٥٥٦ برقم ٢٤٦. مقتبس من كتاب: [ مفاتيح الجنان] / الصفحة: 71 ـ 72