اهـ. وقال ابن عطية في المحرر الوجيز: نهى الله تعالى المؤمنين بهذه الآية عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء في النصرة والخلطة المؤدية إلى الامتزاج والمعاضدة، وحكم هذه الآية باق، وكل من أكثر مخالطة هذين الصنفين فله حظه من هذا المقت الذي تضمنه قوله تعالى: فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ـ وأما معاملة اليهودي والنصراني من غير مخالطة ولا ملابسة، فلا تدخل في النهي، وقد عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم يهوديا ورهنه درعه. اهـ. فحكم الآية باق إلى عصرنا هذا وما بعده، ولكن لابد من مراعاة أن هذه الموالاة المنهي عنها، منها ما يكون معصية فقط، ومنها ما يصل إلى الكفر، وراجع في ذلك الفتويين التاليتين: 149369، 117416. وقد سبق لنا بيان ضوابط التكفير وخطر الكلام فيه، وأنه ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه، وذلك في عدة فتاوى، منها الفتويين التاليتين: 721، 53835. ومن يتولهم منكم فهو منهم. والله أعلم.
- ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون
- ومن يتولهم منكم فإنه منهم
- ومن يتولهم منكم فهو منهم
- إعراب القرآن الكريم: إعراب ثم رددناه أسفل سافلين
- تفسير ثم رددناه أسفل سافلين [ التين: 5]
ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون
هي ميزة على متميزين أن يحمل عباس محمود العقاد لقب (عملاق الفكر العربي) في عصر كثر فيه العمالقة الذين تركوا لنا إرثا فكريا غنيا، يستمر حصاد ثماره لأجيال من بعدهم. وعند هذا العملاق نقف الآن لنفتح نافذة على كتابه: (التفكير فريضة إسلامية). تفسير قوله تعالى ومن يتولهم منكم فإنه منهم. - إسلام ويب - مركز الفتوى. ولا يخفى على العقاد أن ما يقرره عنوان الكتاب لا يصح أن يأتي اعتباطا، وإنما نعلمه من مصدره الطبيعي، لذلك فإنه يسوق لنا في الفصل الأول شواهد كثيرة من القرآن الكريم تؤكد فيه مزية التنويه بالعقل، والتعويل عليه في أمر العقيدة، وأمر التَّبعة والتكليف، ويتضح ذلك من خلال الإشارات المتكررة بالثناء على الذين يتفكرون وعلى الذين يعقلون. وهو يبين من خلال الآيات الكريمة أنّ فريضة التفكير تشمل وظائف الإنسان العقلية على اختلاف أعمالها وخصائصها. فالقرآن يخاطب العقل الوازع، المانع عن المحظور والمنكر، ومثال ذلك قوله تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [سورة الأنعام/ 151]. ويخاطب كذلك العقل المُدرك الذي يُناط به الفهم والتصوّر، كما في قوله تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) [سورة البقرة/ 197].
ومن يتولهم منكم فإنه منهم
القول في تأويل قوله عز ذكره ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض)
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في المعني بهذه الآية ، وإن كان مأمورا بذلك جميع المؤمنين. فقال بعضهم: عنى بذلك عبادة بن الصامت ، وعبد الله بن أبي ابن سلول ، في براءة عبادة من حلف اليهود ، وفي تمسك عبد الله بن أبي ابن سلول بحلف اليهود ، بعد ما ظهرت عداوتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وأخبره الله أنه إذا تولاهم وتمسك بحلفهم: أنه منهم في براءته من الله ورسوله كبراءتهم منهما. ذكر من قال ذلك:
12156 - حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا ابن إدريس قال ، سمعت أبي ، عن عطية بن سعد قال: جاء عبادة بن الصامت من بني الحارث بن الخزرج ، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ، إن لي موالي من يهود كثير [ ص: 396] عددهم ، وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولاية يهود ، وأتولى الله ورسوله. ومن يتولهم منكم فإنه منهم. فقال عبد الله بن أبي: إني رجل أخاف الدوائر ، لا أبرأ من ولاية موالي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله ابن أبي: يا أبا الحباب ، ما بخلت به من ولاية يهود على عبادة بن الصامت فهو إليك دونه؟ قال: قد قبلت. فأنزل الله: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض " إلى قوله: " فترى الذين في قلوبهم مرض ".
ومن يتولهم منكم فهو منهم
{ يٰٓأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصٰرٰىٓ أَوْلِيَآءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُۥ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الظّٰلِمِينَ}
[ سورة المائدة: 51]
وقد ثبت منذ قديم الزمان بأنه مهما فعل المسلمون من تودد وتقرب وتطبيع مع هؤلاء اليهود والنصاري فإنهم لن يرضوا عنهم إلا إذا أرادوا عن دينهم وصاروا يهودا أو نصارى أو اشركوا بالله وعبدوا الاصنام كالهندوس والبوذيون والعياذ بالله.
ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد. د محمد علي طه الكوستاوي
ام درمان
فلما عادت ومعها هذا الغصن عرف أن الأرض انكشفت وأنبتت! وقيل:بل التين والزيتون هما هذان الأكلان الذان نعرفهما بحقيقتهما. وليس هناك رمز لشيء وراءهما. أو أنهما هما رمز لمنبتهما من الأرض...
وشجرة الزيتون إشير إليها في القرآن في موضع آخر بجوار الطور:فقال وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين).. كما ورد ذكر الزيتون وزيتونا ونخلا).. فأما "التين" فذكره يرد في هذا الموضع لأول مرة وللمرة الوحيدة في القرآن كله. ومن ثم فإننا لا نملك أن نجزم بشيء في هذا الأمر. وكل ما نملك أن نقوله - اعتمادا على نظائر هذا الإطار في السور القرآنية -:إن الأقرب أن يكون ذكر التين والزيتون إشارة إلى أماكن أو ذكريات ذات علاقة بالدين والإيمان. أو ذات علاقة بنشأة الإنسان في أحسن تقويم [ وربما كان ذلك في الجنة التي بدأ فيها حياته].. كي تلتئم هذه الإشارة مع الحقيقة الرئيسية البارزة في السورة; ويتناسق الإطار مع الحقيقة الموضوعة في داخله. على طريقة القرآن...
فأما الحقيقة الداخلية في السورة فهي هذه لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم. ثم رددناه أسفل سافلين. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون)..
ومنها تبدو عناية الله بخلق هذا الإنسان ابتداء في أحسن تقويم.
إعراب القرآن الكريم: إعراب ثم رددناه أسفل سافلين
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ت عوامة (ج15/ص446) حدثنا أبو الأحوص، عن عاصم، عن عكرمة، قال: من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر، ثم قرأ: {لكي لا يعلم بعد علم شيئاً}. وقد توبع أبا الأحوص على وقفه على عكرمة تابعه سعيد بن سابق أخرجه الطبري في التفسير ت شاكر (ج24/ص510-511) حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن سعيد بن سابق، عن عاصم الأحول، عن عكرمة، قال: من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر، ثم قرأ: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} قال: لا يكون حتى لا يعلم من بعد علم شيئاً. ابن حميد هو محمد الرازي متروك لكن قال السيوطي أخرجه عبد بن حميد كما في الدر المنثور (ج8/ص558) وتفسير عبد بن حميد مفقود فهذه متابعة لابن حميد لكن لا ندري من هو فهذا الخلاف الحاصل والله أعلم بصحة هذا وجاء عن ابن عباس وعكرمة مخالفاً هذا اللفظ وهو أصح ما روي في هذا أما عن ابن عباس فهو ما أخرجه الطبري في تفسيره ت شاكر (ج24/ص508) حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عدي، عن داود - هو ابن أبي هند -، عن عكرمة، عن ابن عباس {ثم رددناه أسفل سافلين} قال: إلى أرذل العمر. وأخرج الطبري في تفسيره ت شاكر (ج24/ص511) حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عدي، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون} قال: فأيما رجل كان يعمل عملاً صالحاً وهو قوي شاب، فعجز عنه، جرى له أجر ذلك العمل حتى يموت.
تفسير ثم رددناه أسفل سافلين [ التين: 5]
والقول الثاني: ما ذكره مجاهد والحسن ثم رددناه إلى النار ، قال علي عليه السلام: وضع أبواب جهنم بعضها أسفل من بعض ، فيبدأ بالأسفل فيملأ وهو أسفل سافلين ، وعلى هذا التقدير فالمعنى ثم رددناه إلى أسفل سافلين إلى النار. أما قوله تعالى: ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) فاعلم أن هذا الاستثناء على القول الأول منقطع ، والمعنى ولكن الذين كانوا صالحين من الهرمى فلهم ثواب دائم على طاعتهم وصبرهم على ابتلاء الله إياهم بالشيخوخة والهرم ، وعلى مقاساة المشاق والقيام بالعبادة وعلى تخاذل نهوضهم ، وأما على القول الثاني فالاستثناء متصل ظاهر الاتصال. أما قوله تعالى: ( فلهم أجر غير ممنون) ففيه قولان:
أحدهما: غير منقوص ولا مقطوع. وثانيهما: أجر غير ممنون أي لا يمن به عليهم ، واعلم أن كل ذلك من صفات الثواب ، لأنه يجب أن يكون غير منقطع وأن لا يكون منغصا بالمنة. ثم قال تعالى: ( فما يكذبك بعد بالدين) وفيه سؤالان:
الأولى: من المخاطب بقوله: ( فما يكذبك) ؟ الجواب فيه قولان:
أحدهما: أنه خطاب للإنسان على طريقة الالتفات ، والمراد من قوله: ( فما يكذبك) أن كل من أخبر عن الواقع بأنه لا يقع فهو كاذب ، والمعنى فما الذي يلجئك إلى هذا الكذب.
وأنَّ المشركين كانوا أسفل سافلين لأنهم ضلّلهم كبراؤهم وأيمتهم فسوّلوا لهم عبادة الأصنام لينالوا قيادتهم.