وقال آخرون: بل نـزل ذلك لاختلاف كان من المسلمين في قطعها وتركها. * ذكر من قال: نـزل ذلك لقول اليهود للمسلمين ما قالوا: حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا سلمة بن الفضل، قال: ثنا محمد بن إسحاق، قال: ثنا يزيد بن رومان، قال: لما نـزل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بهم، يعني ببني النضير تحصنوا منه في الحصون، فأمر رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بقطع النخل، والتحريق فيها، فنادوْه: يا محمد، قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه، فما بال قطع النخل وتحريقها؟ فأنـزل الله عزّ وجلّ: (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ). ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله - مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. * ذكر من قال: نـزل ذلك لاختلاف كان بين المسلمين في أمرها: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا)... الآية، أي ليعظهم، فقطع المسلمون يومئذ النخل، وأمسك آخرون كراهية أن يكون إفسادًا، فقالت اليهود: آلله أذن لكم في الفساد؟ فأنـزل الله: (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ). حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا) قال: نهى بعض المهاجرين بعضًا عن قطع النخل، وقالوا: إنما هي مغانم المسلمين، ونـزل القرآن بتصديق من نهى عن قطعه، وتحليل من قطعه من الإثم، وإنما قطعه وتركه بإذنه.
باب: {ما قطعتم من لينة} - حديث صحيح البخاري
قال ابن إسحاق: وقد حدثني بعض آل يامين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليامين: «ألم تر ما لقيت من ابن عمك، وما هم به من شأني» ؟ فجعل يامين بن عمير لرجل جعلا على أن يقتل عمرو بن جحاش، فقتله فيما يزعمون. ونزل في بني النضير سورة الحشر بأسرها، يذكر فيها ما أصابهم الله به من نقمته، وما سلط عليهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما عمل به فيهم. انتهى.
ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله - مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
واللينة: اسم يشمل سائر النخيل على أصح الاحتمالات وأولاها، فهذه حال بني النضير، وكيف عاقبهم الله في الدنيا. ثم ذكر من انتقلت إليه أموالهم وأمتعتهم، فقال: { { وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ}} أي: من أهل هذه القرية، وهم بنو النضير. { فـ} إنكم يا معشر المسلمين { { ما أَوْجَفْتُمْ}} أي: ما أجلبتم وأسرعتم وحشدتم، { { عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ}} أي: لم تتعبوا بتحصيلها، لا بأنفسكم ولا بمواشيكم، بل قذف الله في قلوبهم الرعب، فأتتكم صفوا عفوا، ولهذا. قال: { { وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}} من تمام قدرته أنه لا يمتنع منه ممتنع، ولا يتعزز من دونه قوي. ما قطعتم من لينة - الطير الأبابيل. وتعريف الفيء في اصطلاح الفقهاء: هو ما أخذ من مال الكفار بحق، من غير قتال، كهذا المال الذي فروا وتركوه خوفا من المسلمين، وسمي فيئا، لأنه رجع من الكفار الذين هم غير مستحقين له، إلى المسلمين الذين لهم الحق الأوفر فيه. #أبو_الهيثم #مع_القرآن
5
3
6, 036
ما قطعتم من لينة - الطير الأبابيل
والآية تبين أنّ الهدف من هذا القطع؛ كان من أجل جعل اليهود يستسلمون، ولإلقاء الرعب في نفوسهم، وجعلهم يذوقون الذل والحسرة والخزي وهم يرون أفضل أموالهم تقطع بأيدي أعدائهم. باب: {ما قطعتم من لينة} - حديث صحيح البخاري. [١] وأما ما بقي قائماً من النخيل كان مصدر حسرة وخزي كذلك؛ لأنهم سيتركونه لأعدائهم المسلمين بعد أن ينهزموا أمامهم، ويتركوا أرضهم وديارهم، ويدلل على ذلك أنهم عندما أخذوا يخرِّبون ديارهم بأيديهم وهم يرحلون حتى لا يستفيد منها المسلمون، فالإذن بقطع النخيل أو تركه كان سبباً لتعذيبهم. [١]
التعريف بسورة الحشر
هذه الآية الكريمة هي الآية الخامسة من سورة الحشر، وسورة الحشر سورة مدنية، تتناول موضوع إجلاء النبي -صلى الله عليه وسلم- ليهود بني النضير من المدينة المنورة بعد نقضهم الصلح معه، وكان ذلك بعد أن تآمروا لقتله -صلى الله عليه وسلم- حين جاءهم ليساعدوه في دية قتيلين قتلهما أحد المسلمين خطأً بناء على العهد الذي كان بينهم. [٤] وجمع النبي -صلى الله عليه وسلم- قواته وحاصرهم بضعاً وعشرين ليلة، وكانت حصونهم منيعة حتى ظن هؤلاء اليهود أنّ الحصون ستمنعم من المسلمين، وكذلك ظن المسلمون، ولكن الله -سبحانه وتعالى- من بيده كل شيء ألقى في قلوبهم الرعب فاستسلموا وأخذ المسلمون ديارهم وخرجوا ومعهم ما تحمل دوابهم.
﴿ما قَطَعْتُمْ مِن لِينَةٍ أوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإذْنِ اللَّهِ ولِيُخْزِيَ الفاسِقِينَ﴾.
ذات صلة ما الحكمة من عدة المرأة المتوفى زوجها الحكمة من العدة بعد الطلاق
ما الحكمة من العدة؟
العدّة هي مدّة حدّدها الله -تعالى- في القرآن الكريم بعد التفرقة بين الزوجين، ويجب على المرأة الانتظار فيها بدون زواج حتى تنقضي تلك المدة، وقد اتّفق الفقهاء على أنّه ليس هناك عدّة للمرأة غير المدخول بها. [١] ودليل ذلك قول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا). الحكمة من مشروعية الطلاق. [٢] وقد أجمع الفقهاء على أنّ المرأة المدخول بها عليها العدّة، سواء كان سبب التفريق وفاة، أو طلاق، أو فسخ، وسواء كان عقد الزواج صحيحاً أم فاسداً، [١] وفي تشريع العدة العديد من الحكم منها:
التعبد لله تعالى
إنّ في التزام المرأة بالعدّة المفروضة عليها شرعاً امتثالاً لأمر الله -تعالى- وطلب مرضاته، فتكون حقاً لله -تعالى-، سواء علمت المرأة الحكمة من تشريع العدّة أم لم تعلم. [٣]
العدة صورة من صور وفاء الزوجة لزوجها
تعتدّ المرأة التي تُوفّي زوجها عنها في نفس بيت الزوجيّة، فتتذكر ما كان بينها وبينه، وتترحّم عليه وتسامحه على أخطائه وزلّاته، وتستغفر له، فتكون العدّة صورةً من صور وفاء الزوجة لزوجها، وحتى عدّة الطلاق فهي صورة من صور وفاء الزوجة لزوجها، فلا تتزوّج غيره إلّا بعد انقضاء عدتها.
كتب أنواع العدة في المذهب المالكية - مكتبة نور
فقالوا: إن أبا حفص طلق امرأته ثلاثًا فهل لها من نفقة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليست لها نفقة وعليها العدة" الحديث رواه مسلم (١). وحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "أمرت بريرة أن تعتد بثلاث حيض" رواه ابن ماجه (٢). وأما الإجماع فقد نقله غير واحد من الفقهاء (٣). وأما المعقول فلأن الزوج يحتاج لمدة يفكر فيها ويراجع أموره وكذا تحتاج الزوجة لمدة تستبرئ بها رحمها وليعرف الزوجان عظم ما بينهما من عقد فلا يقدمان على إنهائه إلا بعد ترو وتفكير. [الحكمة من مشروعية العدة] إن من أهم المعاني التي تظهر فيها الحكمة من العدة استبراء رحم المرأة للتأكد من حملها أو عدمه حتى لا يحصل اختلاط للأنساب، وفيها أيضا إتاحة الفرصة للزوج لمراجعة نفسه إن أراد إبقاء المرأة في عصمته في الطلاق الرجعي، كما أن فيها معنى تعظيم خطر عقد النكاح ورفع قدره وإظهار شرفه، والاحتياط لحق الزوج ومصلحة الزوجة وحق الولد، والقيام بحق الله الذي أوجبه (٤). (١) صحيح مسلم برقم (١٤٨٠). (٢) سنن ابن ماجه برقم (٢٠٧٧). كتب أنواع العدة في المذهب المالكية - مكتبة نور. قال البوصيري في مصباح الزجاجة (٢/ ١٣٠): "هذا إسناد صحيح رجاله موثقون رواه البزار في مسنده عن حميد بن الربيع عن أسيد بن زيد عن أبي معشر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به وقال: لا نعلم رواه هكذا إلا أبو معشر".
الحكمة من مشروعية الطلاق
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب
[٤]
التأكد من براءة الرحم وحفظ الأنساب
من أبرز الحِكَم للعدّة التأكد من براءة الرحم وحفظ الأنساب، فيجب على المرأة أن تعتد حتى تتأكد من وجود الحمل في رحمها أو عدمه. [٥] فإذا كانت حاملاً لا تنقضي عدّتها ولا تتزوج حتى تضع حملها، حفاظاً على نسب الجنين الذي في رحمها، وكي لا يختلط ماء الزوج الثاني بالأول عند الوطء. [٦] قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسق ماءه ولد غيره)، [٧] ويعني أن لا يتزوج امرأة حامل من غيره، فربما تنسب المرأة الحامل جنينها إلى الرجل الذي تزوجها وتنفي أنّه من الزوج الأول، فينسب إلى غير أبيه ويختلط نسبه. كما تجدر الإشارة إلى عدم جواز إخفاء المرأة لحملها لكي تتزوج، قال -تعالى-: (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) ، [٨] فليس لها أن تكتم حملها، بل يجب أن تخبر بالأمر. [٦] وتكون عدّة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام، قال -تعالى-: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً)، [٩] وذلك لكي تتأكّد من براءة رحمها من الحمل قبل أن تتزوّج من شخصٍ آخر، فتنتظر هذه المدة خشية أن يكون في بطنها حمل وهي لم تشعر به، فإذا لم تكن حاملاً تتم عدتها بأربعة أشهر وعشرة أيام، وإن كانت حاملاً فعدّتها تنتهي عند وضع حملها.