لم أنم في ليلة من الليالي.. كان الأرق يسيطر على نفسي والقلق يخنق أنفاسي، وفجأة انفلق عمود الصباح، وانبلج نور الكون غامراً الأفق بسحر ألوانه وجلال معانيه. وأحسست بالهدوء يغمر جوانحي واستحضرت في تلك اللحظة أبلغ جملة تصف الصبح ومظاهره، فلم أجد أروع معنى ولا أرحب مقالاً من قوله تعالى في الآية 18 من سورة التكوير:
(والصبح إذا تنفس)..
إن هذه الكلمات الثلاث بإيجازها.. تومئ إلى الصبح بشتى مظاهره المعنوية والمادية، وتفصح عنه أشد الإفصاح. ومهما حاول أي كاتب أو أديب بليغ أن يرسم صورة للصبح ومظاهره وألوانه وجماله وروعته، فلن يبلغ في سمو العبارة وشمول المعنى، واكتمال المضمون مبلغ تلك الكلمات الثلاث. إنها البلاغة الإلهية التي تتدفق من الكتاب العزيز الذي يحتوي على كثير من المعجزات اللفظية والمعنوية والعلمية التي تبهر العقول وتنير الطريق إلى الحق والعدل والخير والسلام لجميع البشر قاطبة في كل زمان ومكان. والصبح اذا تنفس تفسير الاحلام. وتفتح عبارة (والصبح إذا تنفس) أمام الإنسان آفاقاً من التأمل وزخماً من الأفكار في كنه هذه الظاهرة الطبيعية (الصبح)..
لقد جعل الله عز وجل للصبح روحاً وحياة.. فالصبح أصبح كائناً يتنفس، ولكن ماهو هذا التنفس؟!
- والصبح اذا تنفس تفسير سوره
والصبح اذا تنفس تفسير سوره
قوله: ﴿وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ﴾
أي امتد ضوؤه. ويقال: تنفس النهار؛ إذا امتد بطوله، ومعنى التنفس: (خروج النسيم من الجوف [[لم أعثر على مصدر لقوله. ]]. قال ابن عباس [[لم أعثر على مصدر لقوله. ]]، والمفسرون [[وبمعنى هذا القول ذهب قتادة، وعلي بن أبي طالب، وسعيد بن جبير، والضحاك. انظر: "جامع البيان" 30/ 79، "النكت والعيون" 6/ 217، "زاد المسير" 8/ 192. وإلى هذا ذهب السمرقندي في: "بحر العلوم" 3/ 453، والقرطبي في: "الجامع لأحكام القرآن" 19/ 238. ]]: يريد طلوع الفجر إذا أضاء ثم زاد واستعرض في السماء. قال الفراء: إذا ارتفع النهار فهو تنفس الصبح) [["معاني القرآن" 3/ 242 بنصه. والصبح اذا تنفس تفسير سورة. ]] [[ما بين القوسين ساقط من (أ). ]]. (وقال الزجاج: تنفس) [[ما بين القوسين ساقط من (أ). ]]:إذا امتد حتى يصير نهارًا بينًا [["معاني القرآن وإعرابه" 5/ 292 بنصه. ]]. وأنشد (أبو عبيدة) [[ما بين القوسين ساقط من (أ). ]] لعلقمة بن قرط:
حتى إذا الصبحُ لها تَنَفَّسا... وانجاب عنها ليلُها فَعَسْعَسا [[علقمة بن قرط: هو تحريف عن علقة، وهو راجز إسلامي من بني تميم من بني عبد مناف من الرباب. انظر: "الاشتقاق" لابن دريد: 186. ]] [[ورد البيت في: "جامع البيان" 30/ 79، "المحرر الوجيز" 5/ 444، "الجامع لأحكام القرآن" 19/ 236، "تفسير القرآن العظيم" 4/ 511.
كما ورد في: كتاب الأضداد: لقطرب: 122: ش 131، كتاب الأضداد: للأصمعي: 8: ش 3، وجميعها برواية: "وعسعسا" بدلًا من: "فعسعسا"، وانظر أيضًا: كتاب الأضداد: لابن الأنباري: 33. ]] وحكى الأزهري: إذا تنفس: إذا انشق وانفلق حتى يتبين، ومنه يقال: تنفَّست القوس: إذا تصدَّعَت [["مجاز القرآن" 2/ 287. ]]، والنَّفْس [[في (أ): انصد عنه. ]]: الشَّقُّ في القِدح، والقَوْس، وما أشبهها. ذكره اللحياني [[غير واضحة في (ع). معنى قوله تعالى: {فلا أقسم بالخنس} إلى قوله: {والصبح إذا تنفس} | الموقع الرسمي لمعالي الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير - حفظه الله تعالى -. ]] [["تهذيب اللغة" 13/ 10: (نفس). ]].