واختلفوا في أن الرعب كان لماذا؟ قيل: من وحشة المكان، وقال الكلبي: لأن أعينهم كانت مُفتَّحة كالمستيقظ الذي يُريد أن يتكلَّم وهم نيام، وقيل: لكثرة شعورهم، وطول أظفارهم، ولتقلُّبهم من غير حِسٍّ ولا إشعار، وقيل: إن الله تعالى منعهم بالرُّعب؛ لئلا يراهم أحد. ورُوي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: غزونا مع معاوية نحو الروم فمررنا بالكهف الذي فيه أصحاب الكهف، فقال معاوية: لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم، فقال ابن عباس رضي الله عنهم: لقد منع ذلك من هو خير منك، فقال: ﴿ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا ﴾، فبعث معاوية ناسًا، فقال: اذهبوا فانظروا، فلما دخلوا الكهف بعث الله عليهم ريحًا فأخرجتهم. تفسير القرآن الكريم
- سورة الكهف: الآية ١٨ وتحسبهم أيقاضا وهم رقود... / الشيخ مشاري راشد العفاسي - YouTube
- معنى شرح تفسير كلمة (بِحَنْيِ)
- التفريغ النصي - تفسير سورة الكهف [18-21] - للشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
سورة الكهف: الآية ١٨ وتحسبهم أيقاضا وهم رقود... / الشيخ مشاري راشد العفاسي - Youtube
ومقابَلَةُ الثلاثةِ بالثلاثةِ نحوُ قولِ أبي دلامةَ من شعراءِ الدولةِ العبَّاسيَّةِ أيَّامَ المعتصِمِ باللهِ:
ما أحسَنَ الدينَ والدنيا إذا اجْتَمَعا..... وأقْبَحَ الكفرَ والإفلاسَ بالرجُلِ
فالحسْنُ والدينُ والغِنَى وهو المعبَّرُ عنه بالدنيا متوافِقَةٌ لعدَمِ التنافي بينَها وقد قُوبِلَتْ بثلاثةٍ هي القُبحُ والكفْرُ والإفلاسُ الأوَّلُ للأوَّلِ والثاني للثاني والثالثُ للثالثِ, وهي متوافقةٌ أيضاً لعدَمِ التنافي بينَها, ومقابَلَةُ الأربعةِ بالأربعةِ، نحوُ قولِه تعالى {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى. وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} فالجملةُ الأُولى اجتَمَعَ فيها مُتوافِقاتٌ أربعةٌ, وهي الإعطاءُ والتُّقَى والتصديقُ بالْحُسْنَى وهي كلمةُ التوحيدِ التي هي لا إلهَ إلا اللهُ والتيسيرُ لليُسْرَى, والجملةُ الثانيةُ كذلك اجتَمعَ فيها متوافِقاتٌ أربعةٌ تُقابِلُ تلك على الترتيبِ؛ البُخْلُ المقابِلُ للإعطاءِ والاستغناءُ المقابِلُ للتقوى, والتكذيبُ المقابِلُ للتصديقِ, والتيسيرُ للعُسْرِ المقابِلُ للتيسيرِ لليُسْرَى.
معنى شرح تفسير كلمة (بِحَنْيِ)
قال ابن عباس: لو لم يقلبوا لأكلتهم الأرض. وقوله: ( وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد) قال ابن عباس ، وقتادة ومجاهد وسعيد بن جبير الوصيد: الفناء. وقال ابن عباس: بالباب. وقيل: بالصعيد ، وهو التراب. والصحيح أنه بالفناء ، وهو الباب ، ومنه قوله تعالى: ( إنها عليهم مؤصدة) [ الهمزة: 8] أي: مطبقة مغلقة. ويقال: " وصيد " و " أصيد ". ربض كلبهم على الباب كما جرت به عادة الكلاب. قال ابن جريج يحرس عليهم الباب. وهذا من سجيته وطبيعته ، حيث يربض ببابهم كأنه يحرسهم ، وكان جلوسه خارج الباب ؛ لأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب - كما ورد في الصحيح - ولا صورة ولا جنب ولا كافر ، كما ورد به الحديث الحسن وشملت كلبهم بركتهم ، فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال. التفريغ النصي - تفسير سورة الكهف [18-21] - للشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي. وهذا فائدة صحبة الأخيار ؛ فإنه صار لهذا الكلب ذكر وخبر وشأن. وقد قيل: إنه كان كلب صيد لأحدهم ، وهو الأشبه. وقيل: كان كلب طباخ الملك ، وقد كان وافقهم على الدين فصحبه كلبه فالله أعلم. وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة " همام بن الوليد الدمشقي ": حدثنا صدقة بن عمر الغساني ، حدثنا عباد المنقري ، سمعت الحسن البصري ، رحمه الله ، يقول: كان اسم كبش إبراهيم: جرير واسم هدهد سليمان: عنقز ، واسم كلب أصحاب الكهف: قطمير ، واسم عجل بني إسرائيل الذي عبدوه: بهموت.
التفريغ النصي - تفسير سورة الكهف [18-21] - للشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
وهبط آدم ، عليه السلام ، بالهند ، وحواء بجدة ، وإبليس بدست بيسان ، والحية بأصبهان وقد تقدم عن شعيب الجبائي أنه سماه: حمران. واختلفوا في لونه على أقوال لا حاصل لها ، ولا طائل تحتها ولا دليل عليها ، ولا حاجة إليها ، بل هي مما ينهى عنه ، فإن مستندها رجم بالغيب. وقوله تعالى: ( لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا) أي: أنه تعالى ألقى عليهم المهابة بحيث لا يقع نظر أحد عليهم إلا هابهم ؛ لما ألبسوا من المهابة والذعر ؛ لئلا يدنو منهم أحد ولا تمسهم يد لامس ، حتى يبلغ الكتاب أجله ، وتنقضي رقدتهم التي شاء تبارك وتعالى فيهم ، لما له في ذلك من الحجة والحكمة البالغة ، والرحمة الواسعة.
وقد شكل هذا العامل – التقلب الشديد – مع عامل آخر هو كون " كلبهم باسط ذراعيه بالوصيد " كأنما يحرسهم من الدخلاء. تسبب هذين العاملين { التقلب, الكلب} في أنه " لو أطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا ".. إذ لو تخيلنا دخيلا صعد إلى كهفهم فى هذا المكان المقفر فوجد أول ما وجد كلبا يفاجئه عند المدخل ليس نائما على جنبه أو متقلبا بل متحفزا باسطاً ذراعيه (3) فإذا لم يخيفه منظر الكلب ومد ببصره إلى الداخل لوجد منظرا عجيبا, سبعة آدميين ظاهرهم أنهم نائمون. لكنهم يتقلبون فى نومهم تقلبا ليس كتقلب النائم كما يعرف الناس. إذ لو سكن هذا تقلب هذا. فيراهم " نياما كالأيقاظ, يتقلبون ولا يستيقظون " (4) وهذه هيئة تثير الرعب فى قلب المطلع عليهم. • فأنى لمحمد صلى الله عليه وسلم بعلم سيكولوجية النوم الحديثة ومعدل تقلب النائم ؟!! وتأمل معي دقة ترتيب فقرات هذه الآية و تماسكها ودقة ألفاظها..
وصلى الله على من نزل عليه هذا الكلام. يستقبل الأستاذ هشام محمد طلبة رسائلكم وتعليقاتكم على المقالة على الإيميل التالي:
[email protected]
—————————————-
(1) سلسلة عالم المعرفة, العدد 163, ترجمة د / احمد عبد العزيز سلامة
(2) هذا ما أثبته العلم الحديث وذكرناه آنفا كما يؤكد ذلك الإتيان بالفعل المضارع " نقلبهم " مما يفيد استمرار الحدث, وهذا ما رآه صاحب تفسير التحرير والتنوير.
﴿ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ﴾ أكثر أهل التفسير على أنه كان من جنس الكلاب، ورُوي عن ابن جريج: أنه كان أسدًا، وسُمِّي الأسد كلبًا؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على عتبة بن أبي لهب، فقال: ((اللهم سلِّط عليه كلبًا من كلابك))، فافترسه أسد، والأول أصح. قال ابن عباس: كان كلبًا أغر، ويُروى عنه: فوق القلطي ودون الكردي [والقلطي: كلب صيني]. وقال مقاتل: كان أصفر، وقال القرظي: كان شدة صُفْرته تضرب إلى الحمرة، وقال الكلبي: لونه كالخلنج، وقيل: لون الحجر. قال ابن عباس: كان اسمه قطمير، وعن علي: اسمه ريان، وقال الأوزاعي: بتور. وقال السدي: تور وقال كعب: صهيلة. قال خالد بن معدان: ليس في الجنة شيء من الدوابِّ سوى كلب أصحاب الكهف وحمار بلعام. قوله ﴿ بِالْوَصِيدِ ﴾ قال مجاهد والضحاك: "والوصيد": فناء الكهف، وقال عطاء: "الوصيد" عتبة الباب، وقال السدي: "الوصيد": الباب، وهو رواية عكرمة عن ابن عباس. فإن قيل: لم يكن للكهف باب ولا عتبة؟ قيل: معناه موضع الباب والعتبة، كان الكلب قد بسط ذراعيه، وجعل وجهه عليهم. قال السدي: كان أصحاب الكهف إذا انقلبوا انقلب الكلب معهم، وإذا انقلبوا إلى اليمين كسر الكلب أذنه اليمنى ورقد عليها، وإذا انقلبوا إلى الشمال كسر أذنه اليسرى ورقد عليها ﴿ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ يا محمد ﴿ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا ﴾ لما ألبسهم الله من الهيبة حتى لا يصل إليهم أحد حتى يبلغ الكتاب أجله، فيوقظهم الله تعالى من رقدتهم ﴿ وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ﴾ خوفًا، قرأ أهل الحجاز بتشديد اللام والآخرون بتخفيفها.