وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: الجواب متروك, وإن كان القول الآخر غير مدفوع, وذلك أن قوله: ( وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) يدلّ على أن في الكلام متروكا, إذ كان عقيبه ( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ) ، وإذا كان ذلك كذلك, فمعنى الكلام: حتى إذا جاءوا وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها: سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين, دخلوها وقالوا: الحمد لله الذي صدقنا وعده. وعنى بقوله ( سَلامٌ عَلَيْكُمْ): أمنة من الله لكم أن ينالكم بعدُ مكروه أو أذى. شبكة الألوكة. وقوله ( طِبْتُمْ) يقول: طابت أعمالكم في الدنيا, فطاب اليوم مثواكم. وكان مجاهد يقول في ذلك ما حدثنا محمد بن عمر, قال: ثنا أبو عاصم. قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد يقول في ( طِبْتُمْ) قال: كنتم طيبين في طاعة الله. ------------------------ الهوامش: (2) هذا البيت لم نقف على قائله. استشهد به المؤلف عند قوله تعالى " حتى إذا جاءوها وفتحت" على أن الواو زائدة في قوله تعالى " وفتحت أبوابها" كزيادتها في قول الشاعر: " فإذا وذلك" لأن الشاعر يريد: " فإذا ذلك" بدون واو.
الشيخ حسن صالح وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا - Youtube
[1] مغني البيب: 476. [2] تفسير ابن كثير: 7 /121. [3] حادي الأرواح: 38. [4] بدائع الفوائد: 2 /401. [5] وقد مر ذكر شيء من ذلك. [6] ومعنى مقحمة؛ أي: زائدة؛ يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: "وقالت طائفة أخرى: الواو زائدة والجواب الفعل الذي بعدها كما هو في الآية الثانية، وهذا أيضًا ضعيف، فإن زيادة الواو غير معروفة في كلامهم، ولا يليق بأفصح الكلام أن يكون فيه حرف زائد لغير معنى ولا فائدة"؛ حادي الارواح: 38. [7] مغني اللبيب: 476. [8] وعلى هذا القول يكون جواب الشرط هو المعطوف عليه المقدر، والله أعلم. [9] رواه الترمذي وغيره، وصححه العلامة الألباني في صحيح الجامع تحت رقم: 1459. [10] رواه ابن عساكر عن حذيفة رضي الله عنه وهو في صحيح الجامع تحت رقم: 7118. [11] رواه مسلم من حديث أنس رضي الله عنه. زُمَراً زُمَراً - طريق الإسلام. [13] تيسير الكريم الرحمن: 730. [14] بدائع الفوائد:2 /402. [15] بدائع الفوائد: 2 /401. [16] حادي الأرواح: 38. [17] تفسير ابن كثير: 7 /121. [18] البرهان للزركشي: 3 /189-190، بتصرف يسير.
زُمَراً زُمَراً - طريق الإسلام
أخرجاه وقد روى هذا الحديث - في السبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب - البخاري ومسلم ، عن ابن عباس ، وجابر بن عبد الله ، وعمران بن حصين ، وابن مسعود ، ورفاعة بن عرابة الجهني ، وأم قيس بنت محصن. ولهما عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا - أو: سبعمائة ألف - آخذ بعضهم ببعض ، حتى يدخل أولهم وآخرهم الجنة ، وجوههم على صورة القمر ليلة البدر ".. الشيخ حسن صالح وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا - YouTube. وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن محمد بن زياد قال: سمعت أبا أمامة الباهلي يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: وعدني ربي - عز وجل - أن يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا ، مع كل ألف سبعون ألفا ، ولا حساب عليهم ولا عذاب ، وثلاث حثيات من حثيات ربي - عز وجل - ". وكذا رواه الوليد بن مسلم ، عن صفوان بن عمرو ، عن سليم بن عامر [ و] أبي اليمان عامر بن عبد الله بن لحي عن أبي أمامة [ رضي الله عنه]. ورواه الطبراني ، عن عتبة بن عبد السلمي: " ثم يشفع كل ألف في سبعين ألفا ". وروي مثله ، عن ثوبان وأبي سعيد الأنماري ، وله شواهد من وجوه كثيرة. وقوله: ( حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين) لم يذكر الجواب هاهنا ، وتقديره: حتى إذا جاءوها ، وكانت هذه الأمور من فتح الأبواب لهم إكراما وتعظيما ، وتلقتهم الملائكة الخزنة بالبشارة والسلام والثناء ، لا كما تلقى الزبانية الكفرة بالتثريب والتأنيب ، فتقديره: إذا كان هذا سعدوا وطابوا ، وسروا وفرحوا ، بقدر كل ما يكون لهم فيه نعيم.
وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً - مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
وجَعلهم زُمراً بحسب مراتب التقوى. والواو في جملة { وفتحت أبوابها} واو الحال ، أي حين جاءوها وقد فتحت أبوابها فوجدوا الأبواب مفتوحة على ما هو الشأن في اقتبال أهل الكرامة.
شبكة الألوكة
وفي المسند عن حكيم بن معاوية ، عن أبيه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله. وقال عبد بن حميد: حدثنا الحسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن ما بين مصراعين في الجنة مسيرة أربعين سنة ". وقوله: ( وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم) أي: طابت أعمالكم وأقوالكم ، وطاب سعيكم فطاب جزاؤكم ، كما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينادى بين المسلمين في بعض الغزوات: " إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة " وفي رواية: " مؤمنة ".. وقوله: ( فادخلوها خالدين) أي: ماكثين فيها أبدا ، لا يبغون عنها حولا.
♦ الرابع: ورود تفاسير للآية أقوى وأرجح من القول بواو الثمانية: كالقول بالعطف والحالية:
أ- الواو عاطفة على محذوف:
من الأقوال المعتبرة في تفسير الآية أن الواو عاطفة على شيء لم يذكر؛ قال تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾، فالعطف يلزم معطوفًا عليه، فدل على حذف كلام قبل الواو، وهو مجيء النبي صلى الله عليه وسلم واستفتاحه [8].