ذات صلة شرح الآية 70 من سورة الإسراء شرح الآية 53 من سورة فصلت
شرح الآية (40) من سورة التوبة
قال الله -سبحانه تعالى- في محكم تنزليه: (إِلّا تَنصُروهُ فَقَد نَصَرَهُ اللَّـهُ إِذ أَخرَجَهُ الَّذينَ كَفَروا ثانِيَ اثنَينِ إِذ هُما فِي الغارِ إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّـهَ مَعَنا فَأَنزَلَ اللَّـهُ سَكينَتَهُ عَلَيهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنودٍ لَم تَرَوها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذينَ كَفَرُوا السُّفلى وَكَلِمَةُ اللَّـهِ هِيَ العُليا وَاللَّـهُ عَزيزٌ حَكيم). [١] وهي الآية الأربعون من سورة التوبة. وقد صف الله -عزّ وجلّ- في الآيات السابقة حال سيدنا محمدٍ -صلى الله عليه وسلّم- بعد أن مَكَر به كفّار قريشٍ ودفعوه للخروج من مكة المكرّمة، موضّحاً نصرته -جلّ وعلا- ومعيّته الملازمة لسيّدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، [٢] حيث خرج رسولنا الكريم برفقة أبي بكر الصدّيق -رضي الله عنه- حتى وصلا إلى غار ثورٍ ، وهو مكانٌ في أعلى جبلِ ثورٍ جنوبَ مكةَ المكرّمة. [٣]
وقد طمأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- صديقه أبا بكرٍ الصدّيق -رضي الله عنه-، وأخبره بأن لا يحزن لأن الله -عزّ وجلّ- معهم؛ أي بنصره ولطفه وتوفيقه، فأنزل الله السّكينة والطمأنينة على قلوبهم، وأمدّهم بالملائكةِ مثلَ يوم بدرٍ، وجعل دينه وكلمة "لا إله إلّا الله" هي العليا، ودَحَض وأذلّ كلمة الأعداء وجعلها السفلى، [٤] وبهذا فإن الله -عزّ وجلّ- حفظ نبيّه الكريم، وأيّده بالنّصر من عنده بوسائل خفيّةٍ وغيبيّةٍ لا يعلمها أحد، وأخرى ظاهرة أمام أعين أعدائه لم يستطيعوا دفعها.
تفسير الآية 40 من سورة التوبة
قال الحاكم: استفاض النقل أنهما سورتان. وقال أبو السعود: اشتهارها- أى سورة التوبة- بهذه الأسماء المتقدمة- براءة والفاضحة... إلخ- يقضى بأنها سورة مستقلة، وليست بعضا من سورة الأنفال... » «١»: وقال بعض العلماء: وهذه الأسماء وغيرها مما ثبت إطلاقه على السورة- أى سورة التوبة- من الصدر الأول، لم يعرف إطلاق واحد منها على السورة التي قبلها وهي سورة الأنفال، كما لم يعرف أنه أطلق اسم سورة الأنفال على هذه السورة. وبذلك احتفظت كل من السورتين منذ العهد الأول بما لها من اسم لم تشاركها فيه صاحبتها. وكما احتفظت كل من السورتين بما لها من اسم، احتفظت كل منهما بوقت نزولها، فسورة الأنفال نزلت بعد غزوة بدر. أى: في السنة الثانية من الهجرة. وسورة التوبة نزلت بعد غزوة تبوك، وبعد خروج أبى بكر على رأس المسلمين إلى الحج. أى: في أواخر السنة التاسعة. وكما احتفظت كل منهما بهذا وذاك، احتفظت كل منهما- أيضا- بهدفها الخاص. فسورة التوبة عالجت شئونا حدثت بعد زمن طويل من نزول سورة الأنفال، ومعرفتها باسم سورة الأنفال. وسورة الأنفال عالجت شئونا حدثت قبل نزول سورة التوبة ولم يرد لها ذكر فيها. ولا شك أن كل هذه الاعتبارات الواضحة المبينة والمحققة في السورتين من الصدر الأول، تدل دلالة واضحة على أنهما سورتان منفصلتان، وأن عدهما سورة واحدة رأى لا قيمة له، كما لا قيمة للاشتباه في استقلال كل منهما حتى يقال: تركت البسملة بينهما نظرا لاحتمال وحدتهما، وتركت بينهما فرجة نظرا لاحتمال انفصالهما.
ص272 - كتاب البحر المحيط في التفسير - سورة مريم الآيات إلى - المكتبة الشاملة
{الدُّنْيا} صفة مجرورة وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف للتعذر. {مِنَ الْآخِرَةِ} متعلقان بمحذوف حال أي بديلا من الآخرة، والجملة مستأنفة. {فَما} الفاء استئنافية. ما نافية. {مَتاعُ} مبتدأ. {الْحَياةِ} مضاف إليه. {الدُّنْيا} صفة. {فِي الْآخِرَةِ} متعلقان بمحذوف حال من متاع أي محسوبا في الآخرة. {إِلَّا} أداة حصر. {قَلِيلٌ} خبر المبتدأ والجملة الاسمية مستأنفة.. [سورة التوبة: آية 39] {إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)} {إِلَّا} إن شرطية. {لا} نافية. {تَنْفِرُوا} مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعل. والجملة ابتدائية. {يُعَذِّبْكُمْ} مضارع مجزوم والكاف مفعوله، والميم لجمع الذكور، والجملة لا محل لها جواب الشرط لم يقترن بالفاء أو إذا. {عَذابًا} مفعول مطلق. {أَلِيمًا} صفة. {وَيَسْتَبْدِلْ} مضارع مجزوم معطوف على يعذب. {قَوْمًا} مفعوله. {غَيْرَكُمْ} صفة والجملة معطوفة. {وَلا تَضُرُّوهُ} مضارع مجزوم معطوف على يستبدل وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعل والهاء مفعول به.
تفسير الميسر يا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لا تنفروا معه أيها المؤمنون إذا استَنْفَركم، وإن لا تنصروه؛ فقد أيده الله ونصره يوم أخرجه الكفار من قريش من بلده (مكة)، وهو ثاني اثنين (هو وأبو بكر الصديق رضي الله عنه) وألجؤوهما إلى نقب في جبل ثور "بمكة"، فمكثا فيه ثلاث ليال، إذ يقول لصاحبه (أبي بكر) لما رأى منه الخوف عليه: لا تحزن إن الله معنا بنصره وتأييده، فأنزل الله الطمأنينة في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعانه بجنود لم يرها أحد من البشر وهم الملائكة، فأنجاه الله من عدوه وأذل الله أعداءه، وجعل كلمة الذين كفروا السفلى. وكلمةُ الله هي العليا،، ذلك بإعلاء شأن الإسلام. والله عزيز في ملكه، حكيم في تدبير شؤون عباده. وفي هذه الآية منقبة عظيمة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه.