تاريخ النشر: الإثنين 18 ربيع الآخر 1438 هـ - 16-1-2017 م
التقييم:
رقم الفتوى: 344569
110744
0
106
السؤال
كرهت شخصًا بسبب بعض التصرفات، وكنت أدعو أن يبتعد عنا، كأن يأتيه رزق في دولة أخرى، حتى لا أدعو عليه بالموت، فتعب فجأة، ولما علمت قلت: (ياكش يموت علشان نرتاح)، فزاد تعبه، ومات بعد ثلاثة أيام، فهل أنا سبب موته؟
أنا نادمة أشد الندم على هذه الجملة، وحزينة جدًّا، ولا أعلم ماذا أفعل، وأخاف أن يكون مات بسبب هذه الجملة التي لا أعلم هل هي مجرد تمنٍّ للموت، أم هي تعدّ من الدعاء عليه، واستجيبت الدعوة، فأرجو منكم الإفادة. الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء على الشخص بمجرد الصرف عنكم؛ لأنك تكرهينه، أو لا ترضين عن تصرفاته، لا حرج فيه في حدّ ذاته، ما لم يترتب عليه إثم، أو قطيعة رحم، أو غير ذلك مما لا يجوز شرعًا، فلا يجوز لك الدعاء عليه بالصرف في هذه الحالة، ما لم يكن في تصرفاته ظلم لكم. ومن باب أحرى لا يجوز الدعاء عليه بالموت، إلا إذا كان قد ظلمكم ظلمًا بينًا يناسب الدعاء عليه بالموت، فلا حرج عليكم في الدعاء عليه بما يناسب ظلمه؛ لأن الدعاء على الظالم مشروع بقدر مظلمته، قال الله تعالى: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا {النساء: 148}.
- الدعاء على الظالم بالموت - الطير الأبابيل
الدعاء على الظالم بالموت - الطير الأبابيل
اهـ. من الفروق. وقال ابن تيمية: وللمظلوم الاستعانة بمخلوق، فبخالقه أولى، فله الدعاء بما آلمه بقدر ما موجبه ألم ظلمه، لا على من شتمه، أو أخذ ماله بالكفر. من الفروع لابن مفلح. وقال زكريا الأنصاري: أما الدعاء على الظالم فجائز ، لكن الأحسن الصبر والعفو؛ لقوله تعالى:{ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور}. ولذلك شرطان:
أحدهما: أن لا يدعو عليه بملابسته معصية؛ لأن إرادة المعصية معصية، بل يدعو عليه بأنكاد الدنيا، كقوله: اللهم عليك بفلان، وقوله: اللهم سلط عليه كلبًا من كلابك. وقوله: اللهم خذ حقي منه، اللهم افعل به ما فعل. الثاني: أن يدعو عليه بقضية مثل قضيته، أو دونها، حتى لا يكون ظالمًا بالزيادة؛ قال تعالى: {فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}، فلو قال: اللهم ارزقه سوء الخاتمة، وقصد الكفر كَفَر، وإلا فلا. من تلخيص الأزهية في أحكام الأدعية. فعلى هذا القول لا يجوز لك الدعاء على مطلقك إن ظلمك، إلا بما يوازي ظلمه لك، دون زيادة. وذهب بعض العلماء إلى جواز الدعاء على الظالم مطلقًا، ولو بزيادة على مقدار ظلمه؛ فقد أخرج مسلم عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن أروى بنت أويس، ادعت على سعيد بن زيد أنه أخذ شيئًا من أرضها، فخاصمته إلى مروان بن الحكم، فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها شيئًا بعد الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: من أخذ شبرًا من الأرض ظلمًا، طوقه إلى سبع أرضين.
فقال له مروان: لا أسألك بينة بعد هذا، فقال: « اللهم، إن كانت كاذبة فاعم بصرها، واقتلها في أرضها»، قال: «فما ماتت حتى ذهب بصرها، ثم بينا هي تمشي في أرضها، إذ وقعت في حفرة فماتت ». قال القرطبي: وقول سعيد: ((اللهم إن كانت كاذبة فاعم بصرها، واقتلها في أرضها))؛ دليلٌ على أن سعيدًا استجاز الدُّعاء على الظالم بأكثر مما ظلم فيه، وفيه إشكال مع قوله تعالى: {وجزاء سيئةِ سيئة مثلها}، وقوله: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}. ووجه الإشكال: أنه كما لا يجوز أن يأخذ من الظالم، أو الغاصب زيادة على القصاص، أو على مقدار ما أخذ، كذلك لا يجوز أن يدعو عليه بزيادة على ذلك، لإمكان الإجابة، فتحصل الزيادة الممنوعة، ولو لم يستجب له؛ أليس قد أراد وتمنى شرًّا زائدًا على قدر الجناية للمسلم؟! وهو ممنوع منه، وإنما الذي يجوز أن يدعو به على الظالم أن يقول: اللهم خذ لي حقي منه، اللهم افعل به مثل ما فعل، وما أشبه ذلك {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور}.