سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه
الله:
توجد بعض الملصقات على المحلات مكتوب عليها: " لبيك يا رسول الله! " فهل تجوز هذه العبارة ؟ وهل هي شرك ؟ وما الواجب علينا نحوها ؟
فأجاب:
" لبيك " هذا لله عز وجل: ليبك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك. أما " لبيك يا رسول الله ": لو أن الرسول صلى الله عليه وسلم ناداك ، وقال: يا
فلان ، تقول: " لبيك يا رسول الله " ، كما كان الصحابة رضي الله عنهم إذا دعاهم
قالوا: لبيك يا رسول الله. أما بعد موته: فلا تقل:" لبيك يا رسول الله " ؛ تقول: لبيك اللهم لبيك " انتهى. والله أعلم.
- لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك · تلبية الحج... - YouTube
- لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك بصوت جماعي تقشعر له الأبدان - YouTube
لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك · تلبية الحج... - Youtube
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضلَّ له، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته أيها الأحبة:
حينما يقول الملبِّي: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريكَ لك لبيك"، فهو بذلك يُقرّ بإعلانه بالوحدانية، يُقرّ بوحدانية الله -تبارك وتعالى-، ويُعلن ذلك، ويلهج به بأعلى صوته، حتى يبحّ صوته. وقد صحَّ عن النبي ﷺ أنه سُئل: أيُّ الحجِّ أفضل؟ فقال: العَجُّ والثَّجُّ [1] ، فالعج هو: رفع الصوت بالتَّلبية، يُعلن التوحيد والبراءة من الإشراك بجميع صوره وأشكاله. فهو يقول: يا ربّ، وإن جئنا مُعظِّمين لهذا البيت، ولهذه المشاعر، فإنما كان ذلك صادرًا عن أمرك، وعن عبوديتنا لك، وعن إذعاننا وانقيادنا؛ إذ أمرتنا فأتينا مُستجيبين، ودعوتنا فأتينا مُنقادين طائعين، فنحن إنما نفعل ذلك امتثالاً وعبوديةً وتقربًا، وقلوبنا عامرة بتوحيدك وإفرادك بالعبادة دون ما سواك، وألسنتنا لاهجةٌ بهذا الإقرار، ونفي الشُّركاء عنك .
لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك بصوت جماعي تقشعر له الأبدان - Youtube
هكذا حينما يُعلنها الملبِّي، ويرفع صوتَه بها، ولكن مَن الذي يستشعر هذا؟
إنَّ هذه التَّلبية -أيها الأحبة- من أولها إلى آخرها توحيدٌ في كل جملةٍ، بل في كلِّ لفظةٍ توحيدٌ، وقد أهلَّ النبيُّ ﷺ بالتوحيد. وحينما يقول الملبي: "لبيك" فإنَّ هذا يقتضي أنَّ ثمة داعيًا دعاه فأجابه بقوله: "لبيك"، فإنما يقول المرءُ ذلك إجابةً لمن دعاه، وهذا يقتضي أنَّ الله -تبارك وتعالى- مُتَّصِفٌ بصفات الكمال على الوجه اللائق بجلاله وعظمته، فهو يتكلم كما يشاء، فدعاهم، فأجابوه قائلين: لبيك. ولا يُقال ذلك لمن لا كلامَ له، ولا نداءَ، ولا قولَ. وهكذا حينما يقول: "لبيك" فإنَّ هذا يتضمن الإقرار بأنَّ الله يسمع سمعًا يليق بجلاله وعظمته، فهو يسمع قول القائلين، وكلام المتكلمين، وسؤال الدَّاعين، يسمع ذكرَهم، ويسمع سرَّهم ونجواهم، لا تخفى عليه من شأنهم خافية، فلا يُخاطَب بهذا يُقال: "لبيك" لمن لا سمعَ له، فتعالى الله عمَّا يقول المعطِّلون علوًّا كبيرًا. وهكذا -أيها الأحبة- حينما يقول الملبي: "لبيك" فإنَّ ذلك يتضمن المحبَّة لله ، فإنَّ المجيبَ لا يقول ذلك إلا لمن يُحبّ، إذا دعاه مَن أحبَّه، أو خاطبه، أو ناداه، قال له: "لبيك" إذا كان يُحبّه، وأمَّا إذا كان لا يُحبّه فإنَّه قد يُعبر بعباراتٍ أخرى تُنبئ عن حاله وشعوره نحوه، وما يقوم بقلبه، ويدور في خلده.
هنا يقول: "لبيك" يُحبّه ويُعظِّمه، كأنَّه يقول كما فُسّر قوله: "لبيك"، بمعنى: أنا مُواجهٌ لك بما تُحبّ، كأنهم أخذوه من قول العرب: امرأة لبّة [2] ، يعني: مُحبّة لولدها. فبعض أهل العلم يقول: إنَّ معنى "لبيك" مأخوذٌ من هذا، فهو يدل على المحبَّة، فيكون ذلك من جهتين: أنَّه لا يقول ذلك عادةً إلا لمن يُحبّ، ومن جهةٍ أخرى: باعتبار أنَّ أصل هذا اللَّفظ مأخوذٌ من قولهم: امرأة لبّة. يعني: مُحبَّة لولدها، فأصل هذه المادة (اللب) يرجع إلى المحبَّة، ويُفسَّر بها. كما أنَّ قوله: "لبيك" يدل على التزام العبودية، والإقامة على ذلك، والثَّبات والدَّوام.