كما يقرأها في آخر صلاة يُصليها في ليلته في ركعتي الوتر، عن عبدالعزيز بن جريج قال: سألنا عائشة رضي الله عنها: بأي شيء كان يُوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان يقرأ في الأولى بـ«سبِّح اسم ربك الأعلى»، وفي الثانية بـ«قل يا أيها الكافرون»، وفي الثالثة بـ«قل هو الله أحد»؛ رواه الترمذي، ورواه ابن ماجه، وصحَّحه الألباني. ويقرأها عند النوم، عن فروة بن نوفل - رضي الله عنه - أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، علِّمني شيئًا أقوله إذا أويتُ إلى فراشي، قال: ((اقرأ قل يا أيها الكافرون؛ فإنها براءة من الشِّرك))؛ رواه الترمذي، وأبو داود. ويقرأها في ركعتي الطواف، من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه في صحيح مسلم: لسنا نعرف العُمرة، حتى إذا أتينا البيتَ معه، استلم الركنَ، فرَمَلَ ثلاثًا ومشى أربعًا، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام، فقرأ: ﴿ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ﴾ [البقرة: 125]، فجعل المقام بينه وبين البيت، فكان أبي يقول - ولا أعلَمه ذكَره إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم -: كان يقرأ في الركعتين: قل هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الكافرون - الآية 6. بمعنى أن الإنسان حينما يكرِّرها ويقرأها في بداية يومه وفي نهاية يومه، وفي بَدء ليله؛ ليُجدِّد التوحيد والإخلاص، فنحن بحاجة لأن نجدِّد التوحيد ونجدد الإخلاص في قلوبنا وفي نفوسنا وفي حياتنا، فلا تظنَّ أيها المسلم أنك بإيمانك الأول قد انتهى كل شيءٍ، وبتوحيدك الأول قد انتهى كل شيء، أنت بحاجة لأن تجدِّد التوحيد في كل يوم، لذلك جعل الله ثوابَ قراءتها تَعدِل قراءة رُبُع القرآن؛ ليَحثَّنا على ترديدها، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((... ومن قرأ قل يا أيها الكافرون عُدِلتْ له برُبُع القرآن... ))؛ رواه الترمذي.
- القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الكافرون - الآية 6
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الكافرون - الآية 6
الثالث: أن ذلك تأكيد محض. وثم قول رابع ، نصره أبو العباس بن تيمية في بعض كتبه ، وهو أن المراد بقوله: ( لا أعبد ما تعبدون) نفي الفعل لأنها جملة فعلية ( ولا أنا عابد ما عبدتم) نفي قبوله لذلك بالكلية; لأن النفي بالجملة الاسمية آكد فكأنه نفى الفعل ، وكونه قابلا لذلك ومعناه نفي الوقوع ونفي الإمكان الشرعي أيضا. وهو قول حسن أيضا ، والله أعلم. وقد استدل الإمام أبو عبد الله الشافعي وغيره بهذه الآية الكريمة: ( لكم دينكم ولي دين) على أن الكفر كله ملة واحدة تورثه اليهود من النصارى ، وبالعكس; إذا كان بينهما نسب أو سبب يتوارث به; لأن الأديان - ما عدا الإسلام - كلها كالشيء الواحد في البطلان. وذهب أحمد بن حنبل ومن وافقه إلى عدم توريث النصارى من اليهود وبالعكس; لحديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يتوارث أهل ملتين شتى ". آخر تفسير سورة " قل يا أيها الكافرون " ولله الحمد والمنة.
الأقوال الآن كم؟ ثلاثة. القول الرابع اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن قوله: ﴿لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ هذا الفِعل، فوافق القولَ الأولَ في هذه الجملة، ﴿وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (٤) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ أي: في القَبول؛ بمعنى: ولنْ أقبلَ غير عبادتي، ولنْ أقبلَ عبادتكم، وأنتم كذلك لنْ تقبلوا. فتكون الجملةُ الأولى عائدةً على الفِعل، والجملةُ الثانية عائدةً على القَبول والرضا؛ يعني: لا أعبده ولا أرضى به، وأنتم كذلك لا تعبدون الله ولا ترضون بعبادته. وهذا القول إذا تأمَّلتَه لا يَرِدُ عليه شيءٌ من (... ) السابقة، فيكون قولًا حسنًا جيِّدًا.