قوله: ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها نهاهم الله سبحانه عن الفساد في الأرض بوجه من الوجوه قليلا كان أو كثيرا ، ومنه قتل الناس وتخريب منازلهم وقطع أشجارهم وتغوير أنهارهم. ومن الفساد في الأرض الكفر بالله والوقوع في [ ص: 480] معاصيه ، ومعنى بعد إصلاحها: بعد أن أصلحها الله بإرسال الرسل وإنزال الكتب وتقرير الشرائع. قوله: وادعوه خوفا وطمعا إعرابهما يحتمل الوجهين المتقدمين في تضرعا وخفية وفيه أنه يشرع للداعي أن يكون عند دعائه خائفا وجلا طامعا في إجابة الله لدعائه ، فإنه إذا كان عند الدعاء جامعا بين الخوف والرجاء ظفر بمطلوبه. والخوف: الانزعاج من المضار التي لا يؤمن من وقوعها ، والطمع: توقع حصول الأمور المحبوبة. قوله: إن رحمة الله قريب من المحسنين هذا إخبار من الله سبحانه بأن رحمته قريبة من عباده المحسنين بأي نوع من الأنواع كان إحسانهم ، وفي هذا ترغيب للعباد إلى الخير وتنشيط لهم ، فإن قرب هذه الرحمة التي يكون بها الفوز بكل مطلب مقصود لكل عبد من عباد الله. رحمة الله قريب من المحسنين. وقد اختلف أئمة اللغة والإعراب في وجه تذكير خبر " رحمة الله " حيث قال: قريب ولم يقل قريبة ، فقال الزجاج: إن الرحمة مؤولة بالرحم لكونها بمعنى العفو والغفران ، ورجح هذا التأويل النحاس.
لماذا قال الله تعالى : ” إن رحمة الله قريب من المحسنين” ولم يقل _قريبة | كوكب الفوائد- فلسطين
( إنَّ رحْـمَةَ اللَّــه قَرِيبٌ مــنْ المُحْسِنيـــن) تنطلق هذه الدراسة من الآيات الكريمة الآتية:
1-يقول الله تعالى:"إن رحمة الله قريب من المحسنين"(الأعرا ف56)
2-ويقول الله تعالى:"وما يدريك لعلّ الساعة قريب"(الشورى 17)
3-ويقول الله تعالى:"هذا رحمة من ربي"(الكهف98)
من الملاحظ أن كلمة "قريب"جاءت على صيغة المذكر ،ولم تأت على صيغة المؤنّث… فبم يفسَّر ذلك؟
ذكر القرطبي ( المتوفى سنـ 671ــة) في تفسير ذلك سبعة أقوال ، نسبها كما هي عادته إلى أئمة اللغة وعلماء النحو … وهاك الأقوال السبعة:-
1-الرّحمة بمعنى الرّحم قاله الزّجاج ،واختاره النَّحاس. 2-الرحمة مصدر ،وحق المصدر التذكير كقول الله تعالى:"فمن جاءه موعظة"
(البقرة 275) لأنّ الموعظة بمعنى الوعظ. قاله النّضر بن شميل. ويعلق القرطبي قائلاً:"وهذا قريب من قول الزجاج ". (إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56) الأعراف) كلمة رحمة جاءت بالمؤنث وقريب بالمذكر فما اللمسة البيانية في هذا – Albayan alqurany. 3-أراد بالرحمة الإحسان. 4-أراد بالرحمة هنا المطر قاله الأخفش. 5-ما لا يكون تأنيثه حقيقياً جاز تذكيره. ذكره الجوهري. 6-ذكّر "قريب" على تذكير المكان أي مكاناً قريباً ويخطىء القرطبي هذا الرّأي بقوله:"لأنه لو كان كما قال لـكان "قريب"منصوباً في القرآن ". 7-ذكر على النّسب كأنه قيل إن رحمة الله ذات قرب.
(إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56) الأعراف) كلمة رحمة جاءت بالمؤنث وقريب بالمذكر فما اللمسة البيانية في هذا – Albayan Alqurany
وربما كان المضاف مؤنثا فاكتسب التذكير من المذكر المضاف إليه بالشرط الذي تقدم ، كقوله تعالى:" إن رحمة الله قريب من المحسنين " ف"رحمة " مؤنث واكتسب التذكير بإضافتها إلى الله تعالى ؟. لماذا قال الله تعالى : ” إن رحمة الله قريب من المحسنين” ولم يقل _قريبة | كوكب الفوائد- فلسطين. شرح ابن عقيل 2/49،51*
يذكر الدكتور عباس حسن شرطا ثانيا لاستفادة المضاف المذكر من المضاف إليه التأنيث وهو أن يكون المضاف إليه أو مثل جزئه وهذا الشرط أهمله ابن عقيل وضرب على ذلك بعض الأمثلة منها: - قول الشاعر:
وتشرق بالقول الذي قد أذعته كما شرقت صدر الفتاة من الدم*
فقد أنث الفعل الماضي (شرق) لتأنيث فاعله المضاف المستوفي للشرطين وهو(صدر)تأنيثا مكتسبا من المضاف إليه الذي هو كل للمضاف. - ومثال المضاف الذي يشبهه جزء المضاف إليه قول الشاعر:
وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا*
فكلمة (حب) الأولى مبتدأ مذكر ، خبره الجملة الفعلية (شغفن) والرابط بين المبتدأ والخبر ضمير النسوة (النون)*
وصح أن يكون العائد على المبتدأ المذكر ضميرا مؤنثا؛ لأن المبتدأ المذكر مضاف وكلمة(الديار) مضاف إليه مؤنثة فاكتسب منها التأنيث. والمضاف هنا وهو كلمة (حب) ليس جزءا من المضاف إليه ،ولكنه يشبهه في أن له اتصالا عرضيا وارتباطا سببيا به.
رحمة الله قريب من المحسنين
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سلمة: أخبرنا الحريري، عَنْ أَبِي نَعَامَةَ: أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ سَمِعَ ابْنَهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْقَصْرَ الْأَبْيَضَ عَنْ يَمِينِ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلْتُهَا. فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، سَلِ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وعُذ بِهِ مِنَ النَّارِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: يَكُونُ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ وَالطَّهُورِ. وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْرِ ابْنِ أبي شيبة، عَنْ عَفَّانَ بِهِ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَعَامَةَ، وَاسْمُهُ: قَيْسُ بْنُ عَبَايَةَ الْحَنَفِيُّ الْبَصْرِيُّ. وَهُوَ إِسْنَادٌ حَسَنٌ لَا بَأْسَ بِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الشيخ: مراد عبدالله بن مغفل و..... مُراده أنَّه ينبغي للمؤمن في الدُّعاء عدم التَّكلف، ولكن يدعو بما يهمّه من غير تكلُّفٍ، فيسأل الله الجنَّة، ويعوذ به من النار، يسأل الله الرزقَ الحلالَ، الزوجةَ الصَّالحة، الذُّريةَ الطَّيبة، من غير حاجةٍ إلى أن يقول: القصر الفلاني، والقصر الفلاني، والمحلّ الفلاني.
ارسل ملاحظاتك
ارسل ملاحظاتك لنا
الإسم
Please enable JavaScript. البريد الإلكتروني
الملاحظات