[٧]
وقد تعدّدت أقوالُ الفُقهاء في كون النّوم ناقضا: [٨]
ذهب الحنفيّة والشافعيّة إلى أنّ النّوم الذي يُعدّ ناقضاً للوضوءِ هو الذي يكون صاحبه نائماً ومقعدته غير مُتمكّنةٍ من الأرض ، أو النّوم مُضطجعاً أو مُتّكئاً؛ لِما في ذلك من استرخاءٍ للمفاصلِ، ومَن نام ومقعدتهُ مُلتصقة بالأرضِ؛ كالنَّوم على الأرضِ أو الدّابة، فلا يُعدُّ ذلك ناقضاً للوضوءِ. [٩]
يرى الحنفية عدم نقض الوضوء لمن نام أثناء القيام أو الرُكوع أو السُّجود في الصّلاة، وكذلك النّوم اليسير، لِقول أنس بن مالك -رضيَ الله عنه- عن أصحابِ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (كانوا يَنتَظِرونَ العِشاءَ، فيَنامُون قُعودًا، ثمَّ يُصَلُّون ولا يَتَوضَّؤون). [٩]
يرى المالكيّة والحنابلة أن النَّوم اليسير لا يُعدُّ ناقضاً للوضوءِ، والنَّوم الثقيل يُنقضهُ حتى وإن كان الزمنُ يسيراً، والفرقُ بينهُما عند المالكيّة؛ أنّ النّوم الثّقيل: هو الذي لا يشعر به صاحبهُ بالأصواتِ أو بِسقوطِ شيءٍ حولهُ أو بيده، وإن شعر فهو نومٌ خفيف. تفسير قوله تعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ...). واستدلّوا على ذلك بنومِ الصّحابة الكرام، ثُمّ قيامهم للصّلاةِ من غير أن يتوضّؤوا، وقال الحنابلة إن النّوم يُعدُّ ناقضاً للوضوءِ إلَّا ما كان يسيراً منه، وذلك لعدم غياب العقل في هذه الحالة؛ لأن النّوم الذي يغلب على العقل هو الناقض، أمّا بقاء العقل فلا يُوجب نقض الوضوء.
تفسير الايه الطيبون للطيبات
يقول الله عز و جل في سورة النور في الىية رقم 26: "الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَ الْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ۖ وَ الطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَ الطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ۚ أُولَٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ۖ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَ رِزْقٌ كَرِيمٌ"، و سوف نعرض تفسير الآية الكريمة. تفسير ابن كثير في الطيبون للطيبات والخبيثون للخبيثات
ذكر ابن كثير في تفسيره لهذه الآية قول ابن عباس أن الخبيثات من القول للخبيثين من الرجال و أن الخبيثون من الرجال للخبيثات من القول و كذلك الطيبات من القول للطيبين من الرجال و الطيبون من الرجال للطيبات من القول، و يقال ان هذه الآية قد نزلت في حادثة الإفك، و روى ذلك مجاهد و عطاء و سعيد بن جبير و الشعبي و الحسن البصري و حبيب بن أبي ثابت و الضحاك. تفسير الطبري في الطيبون للطيبات والخبيثون للخبيثات
فسر الطبري معنى الآية الكريمة بأن المقصود من الطيبون للطيبات والخبيثون للخبيثات بأن اهل القبح يصدر عنهم الكلام القبيح و هم أولى به، و أهل الخير هم أولى بحسن الكلام و طيب الكلام من غيرهم، و معنى ذلك ان من تكلموا بالسوء عن أم المؤمنين عائشة بنت أبو بكر الصديق هم اولى بهذا القبح من الكلام، و انها رضي الله عنها مبرئة مما يقولون، و قد روي عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم أنه قال: "الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال و الخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء و الطيبات من النساء للطيبين من الرجال و الطيبون من الرجال للطيبات من النساء".
تفسير ايه الطيبون للطيبات
والطيبات من القول والكلام للطيبين من الناس والطيبون من الناس للطيبات من القول. أيضا والمعنى: أن الخبيث من القول لا يليق إلا بالخبيث من الناس والطيب لا يليق إلا بالطيب من الناس. فعائشة لا يليق بها الخبيثات من القول لأنها طيبة رضي الله عنها فيضاف إليها طيبات الكلام من الثناء الحسن. 2- قال الزجاج
معناه لا يتكلم بالخبيثات إلا الخبيث من الرجال والنساء ولا يتكلم بالطيبات إلا الطيب من الرجال والنساء. وهذا ذم الذين قذفوا عائشة، ومدح للذين برؤها بالطهارة. 3- قال ابن زيد معناه
الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء أمثال عبد الله بن أبي الشاكين في الدين. كذلك والطيبات من النساء للطيبين من الرجال، والطيبون من الرجال للطيبات من النساء. يريد عائشة طيبها الله لرسوله الطيب صلى الله عليه وسلم. السعدي في تفسير: الطيبون للطيبات والخبيثون للخبيثات
الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ أي كل خبيث من الرجال والنساء، والقول والأفعال، مناسب للسيء. تفسير الايه الطيبون للطيبات. وموافق له، ومقترن به، ومشاكل له، وكل طيب من الرجال والنساء. والقول والأفعال، مناسب للحسن، وموافق له، ومقترن به، ومشاكل له.
[١٠]
موقف النبي صلى الله عليه وسلم من حادثة الإفك
كان موقف رسول الله ممّا يحدث السكوت، حيث كان مقيّداً بالوحي، ولم يرضَ أن يحكم بالأمر حتى جاءه الوحي بالخبر اليقين، [١١] ولما رآه أبو بكر ساكتاً سكت مثله، ثمّ بدأ رسول الله يعرض أمره ويستشير الأقربين منه، فاستشار علي فأشار عليه ملمّحا أنّ النّساء غير عائشة كثر. [١٢] واستشار أسامة فأشار عليه أن يبقى على عهده، ثمّ أشارت عليه إحدى زوجاته فأثنت على عائشة ومدحتها ولم تأتِ بها بسوء، ثمّ ذهب إلى عائشة وسألها إن كانت فعلت شيئاً أن تقول له وتستغفر، فقالت له: لا أقول إلّا ما قاله أبو يوسف: ( فَصَبرٌ جَميلٌ وَاللَّـهُ المُستَعانُ عَلى ما تَصِفونَ). [١٣] [١٢]
تبرئة السيدة عائشة
نزلت الآيات في قول الله -تعالى-: (إِ نَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، [١] إلى قوله -تعالى-: ( وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَـكِنَّ اللَّـهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيم ٌ).