ويعني جل ثناؤه بقوله: "فيجعل الخبيث بعضه على بعض"، فيحمل الكفار بعضهم فوق بعض = "فيركمه جميعا"، يقول: فيجعلهم ركامًا، وهو أن يجمع بعضهم إلى بعض حتى يكثروا، كما قال جل ثناؤه في صفة السحاب: ﴿(ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا﴾) [سورة النور: ٤٣] ، أي مجتمعًا كثيفًا، وكما:-
١٦٠٦٩ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: "فيركمه جميعًا"، قال: فيجمعه جميعًا بعضه على بعض. ليميز الله الخبيث من الطيب. وقوله: "فيجعله في جهنم" يقول: فيجعل الخبيث جميعًا في جهنم= فوحَّد الخبر عنهم لتوحيد قوله: "ليميز الله الخبيث"، ثم قال: "أولئك هم الخاسرون"، فجمع، ولم يقل: "ذلك هو الخاسر"، فردَّه إلى أول الخبر. ويعني ب "أولئك"، الذين كفروا، وتأويله: هؤلاء الذين ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله "هم الخاسرون"، ويعني بقوله: "الخاسرون" الذين غُبنت صفقتهم، وخسرت تجارتهم. [[انظر تفسير " خسر " فيما سلف ١٢: ٥٧٩، تعليق: ٢،المراجع هناك. ]] وذلك أنهم شَرَوْا بأموالهم عذابَ الله في الآخرة، وتعجَّلوا بإنفاقهم إياها فيما أنفقوا من قتال نبيّ الله والمؤمنين به، الخزيَ والذلَّ.
تفسير: (ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض)
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلن أنه يتوب إلى الله ويستغفره في اليوم مائة مرة، فليكن لكم ورد للاستغفار على الأقل مائة مرة في اليوم والليلة. [ رابعاً: بيان عظم جرم من يصد عن المسجد الحرام للعبادة الشرعية فيه] وقد بينا أن الله أمّن هذا المسجد والمسجد النبوي، وهذا من عهد رسول الله إلى اليوم، فلم يحكمهما كافر ولا تولى عليهم سلطان فاجر ولا مشرك، فحرم المؤمنين من عبادتهما، وهذا بفضل الله عز وجل، وقد أخذنا هذا من قوله تعالى: وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [الأنفال:34]. وقد كان المشركون يمنعون من يصلي حول الكعبة، أو يطوف بها حتى فتحها الله على يد رسوله في السنة الثامنة وانتهت المشكلة. [ خامساً: بيان أولياء الله تعالى والذين يحق لهم أن يلوا المسجد الحرام] ويحكموا ويسودوا، ألا [ وهم المتقون] وأما الفجرة فلا حق لهم في ذلك؛ إذ قال تعالى: إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ [الأنفال:34]. لا غيرهم، سواء قلنا: أولياء الله وأولياء المسجد لا بد من أن يكونوا متقين. تفسير: (ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض). [ سادساً: كراهية الصفير والتصفيق، وبطلان الرقص في التعبد] وقد أخذنا هذا من قوله تعالى: وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً [الأنفال:35].
وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سُئل عن أكرم الناس؟ قال: أكرم الناس أتقاهم لله؛ قالوا: ليس عن هذا نسألك؛ قال: فأكرم الناس يوسف ابن نبي الله، ابن نبي الله، ابن خليل الله، قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فعن معادن العرب تسألوني؟ قالوا: نعم, قال: فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فَقُهوا)(3). وكما قال صلى الله عليه وآله وسلم: (الناس معادن كمعادن الفضة والذهب, خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والأرواح جنود مجنّدة، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف)(4). وقال صلوات الله وسلامه عليه: (الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا في الدين)(5). وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (تجدون الناس معادن, فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا, وتجدون خير الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهيةً قبل أن يقع فيه, وتجدون شر الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه)(6). وذو الوجهين هو صاحب الخلط القبيح. وقال صلى الله عليه وسلم: (إن مثل المؤمن كمثل القطعة من الذهب، نفخ فيها صاحبها فلم تتغير ولم تنقص)(7).
وهناك مقدمة لابد منها في بداية هذا الحديث، ألا وهي الإشارة إلى ما هو معلوم ومقرر لدى الجميع، من أن مذهب أهل السنة والجماعة في الإيمان: أن الإيمان اعتقاد في القلب، يتبعه نطق باللسان الذي يترجم ويعبر عن حقيقة هذا الاعتقاد، يتبعهما عمل بالجوارح، فالقلب سائق يسوق البدن إلى الأعمال التي تناسبه، ولذلك أيضاً يقول أهل السنة والجماعة: إن الإيمان يزيد وينقص، سواء في ذلك إيمان القلب أو عمل الجوارح، فهو يزيد وينقص، وقد نطق القرآن الكريم والسنة النبوية بهذه الحقيقة. أدلة زيادة الإيمان يقول الله عز وجل: وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [التوبة:124] ويقول: وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً [المدثر:31]ويقول: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ [الفتح:4] ففي هذه الآيات التصريح بزيادة الإيمان. أدلة نقص الإيمان أما نقص الإيمان فإنه وإن لم يرد صراحة في القرآن الكريم إلا أنه معروف من هذه الأدلة، لأن الإنسان حين يؤمن بأن الإيمان يزيد، فإن هذه الزيادة إذا عدمت ولم توجد، فمعناه أن الإيمان في حالة نقص حينئذٍ، وقد صرح الرسول صلى الله عليه وسلم بنقصه كما في الحديث المتفق عليه من قوله صلى الله عليه وسلم مخاطباً النساء: {ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن} وفسر نقصان الدين بأنها إذا حاضت لم تصل ولم تصم.
فضل الإيمان وأنه يزيد وينقص
الإيمان - عباد الله - بُعد عن الحرام، وتوقٍّ للآثام، وترك للذنوب؛ جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه بها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن)). وقد دل هذا الحديث العظيم على أن ترك الحرام والبُعد عن الآثام كل ذلك داخل في مسمَّى الإيمان. دليل زيادة الإيمان ونقصانه من القرآن والسنة | المرسال. الإيمان - عباد الله - كفٌّ للأذى وبُعد عن الظلم، ووفاء بالعهود والمواثيق والأمانات؛ ففي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم))، وفي الحديث الآخر، قال - عليه الصلاة والسلام -: ((لا إيمان لمن لا أمانة له)). الإيمان - عباد الله - تحابٌّ وتآخي، وتواد وتعاون، وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((لا يؤمن أحدكم؛ حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)). وفي الحديث الآخر يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم، مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)). الإيمان - عباد الله - تكافل وتراحم وتعاون بين أهل الإيمان، وبذل للدعاء، يقول الله - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].
ص22 - كتاب حقيقة الإيمان - الإيمان قول وعمل يزيد وينقص - المكتبة الشاملة
الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص
الإيمان عند أهل السنة: نُطق باللسان، واعتقاد بالجَنان، وعمَلٌ بالأركان، يَزيد وينقص. وقد دلَّت الشريعةُ على ذلك بأن الأعمال داخلة في معنى الإيمان؛ ففي حديث وفد عبدالقيس قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((آمُرُكم بالإيمان، أتدرون ما الإيمان؟ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وأن تؤتوا الخُمُس من المغنم))، فذكر هذا الشيء، وهذا واضح جليٌّ بأن القول والعمل داخل في الإيمان، والأدلة على هذا كثيرة جدًّا، والمخالف في هذا ليس عنده دليل إلا مجرد الأوهام؛ فالذي يذهب إليه أهلُ السنة أن الإيمان مركب من أمور ثلاثة:
من العقيدة والعلم، ومن القول والنطق والعمل، وأنه يَزيد وينقص. فإذا عمل الإنسان وكثر عمله زاد إيمانه، والزيادة ليست في العمل فقط؛ فقد تكون الزيادة في اليقين، فقد يكون الإنسان في وقت أكثر يقينًا منه في وقت آخر، وكذلك القول، قد يكون القول مطابقًا لما في القلب، ومطابقًا لما في الواقع، وقد يكون مجرد قول قاله ولم يعرف معناه، ومعلوم أن مثل هذا يتفاوت، وكذلك الأعمال تتفاوت؛ فالزيادة والنقص في الجميع، في العلم وفي القول وفي العمل. الإيمان يزيد وينقص. أما الزيادة والنقصان فقد دل عليها القرآن والسنَّة والإجماع:
القرآن:
قال تعالى: ﴿ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا ﴾ [آل عمران: 173]، وقال تعالى: ﴿ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ﴾ [المدثر: 31]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا ﴾ [الأنفال: 2].
الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص
وقال تعالى: ( وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ) التوبة/124 - 125. وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرجل الحازم من إحداكن). فالإيمان إذن يزيد وينقص.
دليل زيادة الإيمان ونقصانه من القرآن والسنة | المرسال
17, أبريل, 2022
/
15, رمضان, 1443
السنَّة:
ومن السنَّة: قوله صلى الله عليه وسلم عن النساء: ((ما رأيتُ من ناقصات عقل ودين أذهَبَ للبِّ الرجل الحازم من إحداكن... ))؛ متفق عليه. الإجماع:
وحكى الإجماعَ على ذلك الشافعيُّ وأحمدُ وأبو عبيد وغيرهم، رحمهم الله تعالى. الإيمان يزيد بالحياء وينقص بالسب واللعن. وقد استدلَّ الصحابةُ رضي الله عنهم والتابعون ومَن تبِعهم من أهل السنة بهذه الآيات المذكورة على زيادة الإيمان ونقصانه. قال عمير بن حبيب الصحابي: "إن الإيمانَ يَزيد وينقص، فقيل له: وما زيادته ونقصانه؟ قال: إذا ذكرنا الله وخشيناه فذلك زيادته، وإذا غفَلنا ونسِينا وضيَّعنا فذلك نقصانه"؛ رواه ابن سعد. وقال مجاهد: " الإيمان يَزيد وينقص، وهو قول وعمل "؛ رواه ابن أبي حاتم. روى الإمام اللالكائي عن الإمام البخاري قوله: (لقِيت أكثرَ من ألف رجل من العلماء بالأمصار، فما رأيتُ أحدًا منهم يختلف في أن الإيمان قولٌ وعمل، يَزيد وينقص). مرحباً بالضيف
صحيح البخاري شرح وتعليق (02 من حديث: ( بني الإسلام على خمس)