الحكمة من نزول القرآن الكريم مفرقاً
هناك العديد من الحكم التي يمكن الاستدلال عليها من تنزيل القرآن الكريم مفرقاً على النبي -محمد صلى الله عليه وسلم-، والتي من أهمها:
تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم
كان في قصص القرآن العزاء والتسلية للرسول محمد، وذلك عند معرفته لما فعله الأقوام الماضية مع أنبيائها، لذلك كان يصبر على أذى المشركين كما صبر الأنبياء السابقون، فقد قال تعالى في ذلك: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَك} [هود: 120]. الإعجاز وتحدي الكفار
تمادى الكفار بأفعالم وكفرهم وعنادهم، وزاد أذاهم للرسول وصحابته رضوان الله عليهم، وقد كانوا يسألون الرسول صلى الله عليه وسلم العديد من الأسئلة ليتحدوه ويعجزوه، فكان يأتيهم رده تعالى بآيات تدحض كفرهم وتردهم خائبين، وقد تحداهم الله تعالى بالإتيان بمثل القرآن أو الإتيان بآية واحدة على الأقل، فطلبوا من الرسول أن يطلب من الله تعالى أن ينزل عليه القرآن جملة واحدة، فقال تعالى في ذلك: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} [الفرقان: 32]، كما أنهم سألوه عن الروح وعن الساعة وأمور أخرى فرد الله عليهم بما يتناسب مع الموقف.
كيف نزل القران في ليلة القدر
ويمكن ان يكون سبب هذه الشبهة ما هو معروف من اخبار الديانات السابقة ، ان الكتب انزلت مكتوبة جملة واحدة، وكيفية نزول القرآن تختلف عن كيفية نزول التوراة والانجيل والزبور، فالقرآن نزل قراءة ومفرقا، اما تلك الكتب فقد نزلت مكتوبة جملة واحدة وبصيغتها الكاملة. وقد ذكر القرآن ذلك، كما في قوله تعالى: (وكتبنا له في الالواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شي ء فخذها بقوة وامر قومك ياخذواباحسنها ساوريكم دار الفاسقين)((10)). وقال تعالى: (ولما سكت عن موسى الغضب اخذ الالواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون)((11)). وهكذا يوضح القرآن ان التوارة انزلت مكتوبة بشكلها الكامل في الالواح، وبهذه الصيغة تلقاها النبي موسى(عليه السلام). هل نزل القرآن كاملا في ليلة القدر - فقه. وقد بين القرآن الحكمة من نزوله مفرقا في الاية (32) من سورة الفرقان، كما وبين ذلك في الاية (145) من سورة الاعراف. وملخص الحكمة في الايتين هو:
1- لنثبت به فؤادك. 2- لتقراه على الناس على مكث. فالحكمة اذن هي ان استمرار نزول الوحي، وتواصل نزول القرآن ومواصلة النبي بالقرآن، يثبت فؤاد النبي(صلى الله عليه واله) ويقوي موقفه الجهادي في مواجهة التحديات اولا، وثانيا ان الرسالة الاسلامية رسالة تغييرشامل، وتسعى لبناء مجتمع ودولة وحضارة، وتثبيت قانون ونظام.
كيف نزل القران ومن كتبه
وقد رد الشيخ المفيد على هذا الراي بقوله: ((الذي ذهب اليه ابو جعفر في هذا الباب اصله حديث واحد، لا يوجب علما ولا عملا ونزول القرآن على الاسباب الحادثة،حالا فحالا يدل على خلاف ماتضمنه الحديث. وذلك انه قد تضمن حكم ما حدث،وذكر ماجرى، وذلك لا يكون على الحقيقة الا لحدوثه عند السبب. ثم استشهد بيات كثيرة مثل: (قد سمع اللّه قول التي تجادلك في زوجها) وكثير من امثال ذلك، بالاضافة الى استعمال القرآن صيغة الماضي في وقوع الحوادث التي وقعت في عهد النزول على النبي(صلى الله عليه واله) بعد حدوثها، فكيف يستعمل صيغة الماضي قبل وقوع الحوادث التي وقعت في المدينة في حال التسليم بنزوله كاملا في مكة ليلة القدر؟. كيف نزل القران - ووردز. ثم قال: وقد يجوز في الخبر الوارد بنزول القرآن جملة في ليلة القدر، انه نزل جملة منه في ليلة القدر، ثم تلاه ما نزل منه الى وفاة النبي(صلى الله عليه واله). فاما ان يكون نزل باسره وجميعه في ليلة القدر، فهو بعيد مما يقتضيه ظاهر القرآن، والمتواتر من الاخبار، واجماع العلماء على اختلافهم في الاراء((8)). اول ما نزل من القرآن وآخر ما نزل منه: ان اول ما نزل من القرآن هو قوله تعالى: (بسم اللّه الرحمن الرحيم* اقرا باسم ربك الذي خلق * خلق الانسان من علق * اقرا وربك الاكرم * الذي علم بالقلم * علم الانسان مالم يعلم) فهذه الايات الخمس بعد البسملة، هي اول ما نزل من القرآن على النبي(صلى الله عليه واله) في غار حراء.
كيف نزل القران على محمد
5- سورة الفرقان ، الاية 32. 6- السيوط ي ، الاتقان في علوم القرآن: 1/116 117. 7- تصحيح اعتقاد الصدوق: ص 232. 8- تصحيح اعتقاد الصدوق: ص 233. 9- سورة الفرقان ، الاية 32. 10- سورة الاعراف ، الاية 145. 11- سورة الاعراف ، الاية 154.
متى نزل القران الكريم في اي شهر نزل القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك ، استدلالاً بقَوْله تعالى: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ"، وقد ذهب إلى ذلك القَوْل جماعةٌ من أهل العلم، منهم: الواحدي، وابن كثير، ومحمد بن إسحاق، وعُبيد الله بن عُمير، ويحيى الصرصريّ، إلّا أنّهم اختلفوا في تحديد اليوم من شهر رمضان؛ فقِيل هو اليوم السابع منه. وقِيل: الرابع عشر، وقِيل: السابع عشر كما رُوِي عن أبي جعفر الباقر، وذهبت جماعةٌ من أصحاب رسول الله إلى القَوْل بنزوله في اليوم الرابع والعشرين من شهر رمضان، أي ليلة خمسة وعشرين؛ لاعتقادهم بأنّها ليلة القَدْر؛ واستدلالًا بما ورد عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أنّه قال: "أُنزِلَت صحُفُ إبراهيمَ أولَ ليلةٍ من رمضانَ، وأُنزلَت التوراةُ لستٍّ مَضَين من رمضانَ، وأُنزِلَ الإنجيلُ لثلاثِ عشرةَ ليلةً خلَتْ من رمضانَ، وأُنزلَ الزَّبورُ لثمانِ عشرةَ خلَتْ من رمضانَ، وأُنزِلَ القرآنُ لأربعٍ وعشرين خلَتْ من رمضانَ". وقد ذهب ابن حجر إلى القَوْل بنزول القرآن جملةً واحدةً في شهر رمضان، وكذلك ابتداء نزوله على النبيّ عليه الصلاة والسلام مُفرَّقاً في الشهر نفسه.
"لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم", فهو الرؤوف بكم والغيور على مقامكم ووحدتكم وعزتكم وكرامتكم, فماذا تحسبونه سيقول وقد إستشرى الظلم وداسكم الهوان وإفترسكم الطامع فيكم, بمعاونة الخوانيين الخانعين الراكعين أمام أسيادهم القابضين على مصيرهم وهم يسبحون بحمدهم بكرة وأصيلا!! "عزيز عليه ما عنتم", فهل أدركتم ما عنتم, وما فعلتم بدينكم ودنياكم ؟! !
“عزيز عليه ما عَنِتُّم”!! لــ الكاتب / صادق السامرائي
17507 - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله: ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم) قال: جعله الله من أنفسهم ، فلا يحسدونه على ما أعطاه الله من النبوة والكرامة. وأما قوله: ( عزيز عليه ما عنتم) فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله. فقال بعضهم: معناه: ما ضللتم. 17508 - حدثنا أبو كريب قال: حدثنا طلق بن غنام قال: حدثنا الحكم بن ظهير عن السدي ، عن ابن عباس في قوله: ( عزيز عليه ما عنتم) قال: ما ضللتم. عزيز عليه ما عنتّم | جريدتي. [ ص: 586] وقال آخرون: بل معنى ذلك: عزيز عليه عنت مؤمنكم. 17509 - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد ، عن قتادة: ( عزيز عليه ما عنتم): عزيز عليه عنت مؤمنهم. قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب قول ابن عباس. وذلك أن الله عم بالخبر عن نبي الله أنه عزيز عليه ما عنت قومه ، ولم يخصص أهل الإيمان به. فكان - صلى الله عليه وسلم - [ كما جاء الخبر من] الله به عزيزا عليه عنت جمعهم. فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يوصف - صلى الله عليه وسلم - بأنه كان عزيزا عليه عنت جميعهم ، وهو يقتل كفارهم ، ويسبي ذراريهم ، ويسلبهم أموالهم ؟
قيل: إن إسلامهم - لو كانوا أسلموا - كان أحب إليه من إقامتهم على كفرهم وتكذيبهم إياه ، حتى يستحقوا ذلك من الله.
عزيز عليه ما عنتّم | جريدتي
أرسله ربنا تبارك وتعالى بالهدى ودين الحق وهو حريص على ما يبعدهم عن الضلال
هدايتكم ووصول النفع الدنيوي والأخروي إليكم
" عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ "
عزيز عليه عنتنا بأبي هو وأمي
والعنت هو دخول المشقة والمضرة عليكم
بمعنى أنه صلى الله عليه وسلم يكره ما يشقينا ويتعبنا
ولهذا جاء في الحديث المروي من طرق عنه أنه قال: " بعثت بالحنيفية السمحة " وفي الصحيح: " إن هذا الدين يسر " وشريعته كلها سهلة سمحة كاملة ، يسيرة على من يسرها الله تعالى عليه
عن أبي ذر قال. تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكرنا منه علما - قال: وقال صلى الله عليه وسلم: " ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بين لكم "
فسبحان ربنا القائل: ( بالمؤمنين رءوف رحيم)
فاللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد
المصدر:تفسير ابن كثير ،وبعض كتب التفسير الأخرى
والله أعلم
تفسير: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم)
2 ـ كان أبو سلمة رضي الله عنه أوّل،المهاجرين ـ قبل العقبة الكبرى بسنة ـ وخرج بزوجته أم سلمة وابنه سلمة ، فلما أجمع الخروج قال له أصهاره: لا نستطيع أن نغلبك على،نفسك ، أما زوجتك فهي ابنتنا ، فعلام نتركك تسير بها في البلاد ، لا والله لا تأخذها ، فانتزعوها منه ومعها ابنها. غضب آل أبي سلمة حين رأوا أهل زوجته قد منعوها أن تسافر معه فقالوا: هذه ابنتكم حبستموها ، فعلام،نترك سلمة معها ؟ والله لا نترك ابننا معها ، وتجاذبوا الغلام بينهم فخلعوا يده ، وذهبوا به. وانطلق أبو سلمة وحده إلى المدينة ،وكانت أم سلمة بعد ذهاب زوجها ، وضياع ابنها ، تخرج كل صباح إلى خارج المنازل تبكي على تشتت أسرتها حتى تمسي.. ومضى على ذلك سنةٌ ، فرَقَّ لها أحد ذويها ، وقال: ألا تخرجون هذه المسكينة ؟!! فرَّقتم بينها وبين زوجها وابنها ، فرَقّوا لها وقالوا لها: الحقي بزوجك إن شئت ، فاسترجعت ابنها من عصبته ، وخرجت تريد المدينة وليس معها أحدٌ مِنْ خلق الله.. “عزيز عليه ما عَنِتُّم”!! لــ الكاتب / صادق السامرائي. والمدينة تبعد عن مكة ثلاث مئة ميل ، ولكنْ ما تقول في قسوة القلوب ، وجفاء الطبع ؟!! حتى إذا كانت بالتنعيم ـ خارج مكة صوب المدينة ـ لقيها عثمان بن طلحة بن أبي طلحة قال لها: هل أفرج عنك يا أمَّ سلمة ؟ وكان يعرف حالها ، قالت: نعم.. قال: أزمعت اللحاق بزوجك ؟ قالت: نعم فلم تطب نفسه أن يتركها تسير وحدها لا معين لها ، فشيعها إلى المدينة ـ وهو صاحب نخوة ومروءة ـ فلما نظر إلى قباء قال:زوجك في هذه القرية ثم انصرف راجعاً إلى مكة.
فأبى عياش إلا الخروج معهما ليَبَرَّ قَسَمَ أمه فقال له عمر: إذا أبيت نصيحتي وقررت الخروج معهما ، فخذ ناقتي هذه ، فإنها ناقةٌ أصيلة ذلول ، فالزم ظهرها ، وراقبهما ، فإن رأيت في القوم ريبة فانج عليها. فخرج عليها معهما ، حتى إذا كانوا في بعض الطريق ، يلينان له القولَ ويبتسمان في وجهه ، قال أبو جهل: والله يا أخي ؛ إنَّ بعيري هذا غليظ هجين ، أفلا تردفني على ناقتك هذه ؟ قال عياش: بلى ، فأناخ ناقته ، وأناخا ليتحول أبو جهل عليها ، فلما استووا بالأرض عَدَوَا عليه ، وأوثقاه ، وربطاه ، وظل هكذا على حالته هذه حتى وصلوا إلى مكة فدخلوها نهاراً ليراه الجميع مكبلاً ، فلا يجرؤ أحد على الهجرة ، ومخالفة المشركين ، وقالا: يا أهل مكة هكذا فافعلوا بسفهائكم كما فعلنا بسفيهنا هذا!! وبقي عياش في قيد الكفار حتى إذا هاجر رسول الله ـ صلى الله علي وسلم ـ قال يوماً: (( مَن لي بعيّاش وهشام ؟! فقد طال أسرهما وأرجو الله أن يفرّجَ عنهما.. فهما محبوسان في بيت لا سقف له إمعاناً في التعذيب ، تلفحهما الشمس في النهار ، ويؤذيهما البرد في الليل ، وتحمل إليهما طعامهما امرأة)). قال الوليد بن الوليد: أنا لك يا رسول الله بهما. قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (( سِرْ على بركة الله)).