الحلف على الزوجة بالطلاق له حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون الحلف بنية تخويف الزوجة وزجرها عن فعل شيء ما، فيحلف الزوج على زوجته بالطلاق أن لا تفعل هذا الفعل، كأن يقول لها: إذا ذهبت إلى بيت أهلك فأنت طالق ،وغرضه أن يمنعها عن هذا الذهاب إلا أنه ساعة الحلف يكون بقاؤها معه حتى لو ذهبت أحب إليه من فراقها إلا أن يكره ذهابها. الحالة الثانية: أن يكون الحلف بنية الطلاق، ومعنى نية الطلاق أن يكون كارها لإكمال الحياة مع زوجته إذا فعلت هذا الشيء، كأن يقول لها: إذا زنيت فأنت طالق. فالغالب أن من يقول لزوجته ذلك لا يقصد زجرها عن الزنا، ولكنه يقصد أنه لا يرغب في إمساكها إذا زنت فيكون – ساعة الحلف- طلاق زوجته أحب إليه إذا فعلت الفعل الذي حلف عليه وهو الزنا. وكثيرا من الناس لا يدركون هذا الفرق الدقيق بين الحلف بنية الطلاق وبين الحلف بنية التهديد والتخويف. جاء في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية:-
من صيغ الطلاق" صيغة تعليق " كقوله: إن دخلت الدار فأنت طالق. الحلف بالطلاق دون قصد أو شعور - الإسلام سؤال وجواب. ويسمى هذا طلاقا بصفة. فهذا إما أن يكون قصد صاحبه الحلف وهو يكره وقوع الطلاق إذا وجدت الصفة. وإما أن يكون قصده إيقاع الطلاق عند تحقق الصفة.
" فالأول " حكمه حكم الحلف بالطلاق باتفاق الفقهاء.
الحلف بالطلاق بدون نية الطلاق 1
الحمد لله. من تلفظ بالطلاق دون أن يشعر ، أو حدث به نفسه دون أن يتكلم بلفظ يسمعه ، لم يقع عليه شيء من الطلاق ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ روى البخاري (5269) ومسلم (127). حكم قول: (الحلف بالطلاق ليس طلاقًا) وحكم الطلاق إذا علقه على شرط. ومن حلف بالطلاق ولم يرد إيقاعه ، لكن أراد حث نفسه على فعل شيء ، أو منعها منه ، أو حثّ غيره أو منعه ، أو تصديق خبر أو تكذيبه ، فهذا يمين على الراجح ، وفيه كفارة يمين عند الحنث ، وينظر للفائدة سؤال رقم: ( 82780). والذي يظهر أنك اعتدت على الحلف بالطلاق وأكثرت منه ، ولهذا لا تشعر به ، فالواجب عليك أن تنتبه لألفاظك ، وأن تحفظ لسانك ، وتمنع نفسك من التلفظ بالطلاق هازلا أو جادا ، صيانة للنكاح ، وخروجا من خلاف أهل العلم ؛ فإن أكثر أهل العلم يقولون بوقوع الطلاق المعلق عند الحنث في اليمين ؛ فما الذي يجعلك تضع نفسك في مأزق كهذا ؟! والذي يخشى على نكاحه من الضياع ، يحفظ لسانه ، ولا يقرب لفظ الطلاق ، لا جادا ولا هازلا؛ فجاهد نفسك على إصلاحها ، وإخراجها من معتاد الناس ومألوفهم في الألفاظ والأفعال ؛ إلا ما كان منها حقا ، وخرج من دائرة الحرج الشرعي.
الحلف بالطلاق بدون نية الطلاق في
السؤال:
المستمع عبدالمحسن أسامة محمد، من اليمن الشمالية، بعث يسأل ويقول: هل الحلف بالطلاق لتأكيد كلام بدون نية الطلاق يقع طلاق أو لا؟ وهل العبارة التي تقول: (الحلف بالطلاق ليس طلاقًا) حديث عن رسول الله ﷺ؟
الجواب:
ليس حديثًا عن النبي ﷺ، ولكن فيه تفصيل:
الحلف بالطلاق إن كان أراد به إيقاع الطلاق وقع الطلاق، وإن كان ما أراد أن يكون، فيه كفارة يمين عند جمع من أهل العلم، وبعض أهل العلم يراه: طلاقًا، مطلقًا، ولو قصد به اليمين. والحلف بالطلاق كأن يقول: عليه الطلاق ما يكلم فلانًا، عليه الطلاق لا تخرجي من البيت، عليه الطلاق لا تكلمي فلانًا، عليه الطلاق ألا يزور فلانًا، هذا يسمى يمين إذا كان قصد به المنع، أو الحث أو التصديق أو التكذيب، فإذا قال: عليه الطلاق أنك ما تكلمين أخاك فلانًا، أو جارك فلانًا، وقصده منعها ليس قصده فراقها، فهذا عليه كفارة يمين إذا كلمت، وهكذا لو قال: عليه الطلاق أنه ما يزور فلانًا قصده منع نفسه من الزيارة، هذا يسمى يمينًا. أما إن أراد إيقاع الطلاق فهذا يقع الطلاق بالزيارة؛ لأنه علقه عليها، فإذا زار وقعت طلقة واحدة كما قال، مثلما لو قال: إذا دخل رمضان فأنت طالق، هذا ما يسمى يمين هذا تعليق، إذا دخل رمضان طلقت، أو قال: متى حضت أو متى ولدت، أو نحو ذلك.
الحلف بالطلاق بدون نية الطلاق ال٤٥
ولو قال: إن حلفت يمينا فعلي عتق رقبة وحلف بالطلاق حنث بلا نزاع نعلمه بين العلماء المشهورين
" والثاني " وهو أن يكون قصد إيقاع الطلاق عند الصفة. فهذا يقع به الطلاق إذا وجدت الصفة كما يقع المنجز عند عامة السلف والخلف، وكذلك إذا وقت الطلاق بوقت ؛ كقوله: أنت طالق عند رأس الشهر. وقد ذكر غير واحد الإجماع على وقوع هذا الطلاق المعلق. انتهى مع التصرف..
فالحاصل: أن هذا الطلاق لم يرده صاحبه، والرسول ﷺ يقول: إنما الأعمال بالنيات وهو إنما أراد منعًا أو حثًا أو تصديقًا أو تكذيبًا، فإذا قال: عليه الطلاق ألا يكلم فلانًا قال: أراد منع نفسه، وإذا قال: عليه الطلاق أن يزور فلانًا، أراد حث نفسه على الزيارة، وإذا قال: عليه الطلاق أنه ما فعل كذا، أراد التصديق أنه يصدق في ذلك، أو قال: عليه الطلاق مثلًا أن فلانًا كاذبًا، وأراد بذلك أن يكذب فلانًا. فالحاصل: أنه لم يرد إيقاع الطلاق إنما أراد معنىً آخر فيكون له ما أراد على الصحيح، وعليه الكفارة إذا كان أراد هذا المعنى، ولا يقع الطلاق، نعم. المقدم: جزاكم الله خيرًا.
وهكذا السياق القرآني في سورة مريم جاء ناقلاً قول اليهود في حق مريم ، قال تعالى: { فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا * يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيًا * فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا} (مريم:27-29) فقوله سبحانه: { يا أخت هارون} إنما هو حكاية لتلك المقولة التي صدرت عن قوم مريم ، وإثبات الاسم واللقب لا يدل على أن المسمى واحد. أما معرفة السبب في وصف قوم مريم لها { يا أخت هارون} فهذا أمر آخر، ساكت عنه النص القرآني، وينبغي البحث عنه فيما وراء ذلك. - على أن سياق الآية -وهذا هو الأهم- لم يرد في معرض ذكر نسب مريم ؛ فالقرآن لم يقل: إن مريم أخت هارون ، وإنما ورد في معرض التوبيخ لها؛ لأنها في اعتقاد اليهود حملت سفاحاً، فما علاقة النسب الحقيقي بالسفاح؟
- وهنا ينبغي أن يثار سؤال: لماذا قال اليهود: { يا أخت هارون} ولم يقولوا: (يا أخت موسى و هارون) أو (يا أخت موسى)؟ لا شك أنهم لم يقولوا ذلك عبثاً، وإنما نسبوها إلى هارون ؛ لأن هارون -بحسب زعمهم- كان مصدر عار لهم، حيث صنع لهم عجلاً. وأيضاً فإن مريم العذراء -بحسب زعمهم أيضاً- فعلت عاراً؛ لهذا تهكموا بها واستهزؤوا منها قائلين: { يا أخت هارون}.
يا أخت هارون ما كان أبوك
وهي هفوة وغلطة شديدة ، بل هي باسم هذه ، وقد كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم وصالحيهم ، كما قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن إدريس ، سمعت أبي يذكره عن سماك ، عن علقمة بن وائل ، عن المغيرة بن شعبة قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نجران فقالوا: أرأيت ما تقرءون: ( يا أخت هارون) ، وموسى قبل عيسى بكذا وكذا ؟ قال: فرجعت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ألا أخبرتهم أنهم كانوا يتسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم ؟ ". انفرد بإخراجه مسلم ، والترمذي ، والنسائي ، من حديث عبد الله بن إدريس ، عن أبيه ، عن سماك ، به ، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب ، لا نعرفه إلا من حديث ابن إدريس. وقال ابن جرير: حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، عن سعيد بن أبي صدقة ، عن محمد بن سيرين قال نبئت أن كعبا قال: إن قوله: ( يا أخت هارون): ليس بهارون أخي موسى. قال: فقالت له عائشة: كذبت ، قال: يا أم المؤمنين ، إن كان النبي صلى الله عليه وسلم قاله ، فهو أعلم وأخبر ، وإلا فإني أجد بينهما ستمائة سنة. قال: فسكتت وفي هذا التاريخ نظر. وقال ابن جرير أيضا: حدثنا بشر ، حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله: ( يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا) قال: كانت من أهل بيت يعرفون بالصلاح ، ولا يعرفون بالفساد ، ومن الناس من يعرفون بالصلاح ويتوالدون به ، وآخرون يعرفون بالفساد ويتوالدون به.
يا اخت هارون ما كان ابوك
القران الكريم شروحات إسلامية
1988
القول في تأويل قوله تعالى: ( يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا)
اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله قيل لها: يا أخت هارون ،ومن كان هارون هذا الذي ذكره الله ، وأخبر أنهم نسبوا مريم إلى أنها أخته ، فقال بعضهم: قيل لها ( يا أخت هارون) نسبة منهم لها إلى الصلاح ، لأن أهل الصلاح فيهم كانوا يسمون هارون ، وليس بهارونأخي موسى. ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن ، قال: أخبرنا عبد الرزاق ، قال: أخبرنا معمر ، عن قتادة ،في قوله ( يا أخت هارون) قال: كان رجلا صالحا في بني إسرائيل يسمى هارون ، فشبهوها به ، فقالوا: يا شبيهة هارون في الصلاح. حدثنا بشر ، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا) قال: كانت من أهل بيت يعرفون بالصلاح ، ولا يعرفون بالفساد ومن الناس من يعرفون بالصلاح ويتوالدون به ، وآخرون يعرفون بالفساد ويتوالدون به ، وكان هارون مصلحا محببا في عشيرته ، وليس بهارون أخي موسى ، ولكنه هارون آخر. قال: وذكر لنا أنه شيع جنازته يوم مات أربعون ألفا ، كلهم يسمون هارون من بني إسرائيل. حدثني يعقوب ، قال: ثنا ابن علية ، عن سعيد بن أبي صدقة ، عن محمد بن سيرين ، قال: نبئت أن كعبا قال: إن قوله ( يا أخت هارون) ليس بهارون أخي موسى ، قال: فقالت له عائشة: كذبت ، قال: يا أم المؤمنين ،إن كان النبي صلى الله عليه وسلم قاله فهو أعلم وأخبر ، وإلا فإني أجد بينهما ست مائة سنة ، قال: فسكتت.
يا أخت هرون هارون هو
حدثني يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد ، في قوله (يا أخت هارون) قال: اسم واطأ اسما ، كم بين هارون وبينهما من الأمم أمم كثيرة. حدثنا أبو كريب وابن المثنى وسفيان وابن وكيع وأبو السائب ، قالوا: ثنا عبد الله بن إدريس الأودي ، قال: سمعت أبي يذكر عن سماك بن حرب ، عن علقمة بن وائل ، عن المغيرة بن شعبة ، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل نجران ، فقالوا لي: ألستم تقرءون (يا أخت هارون) ؟ قلت: بلى وقد علمتم ما كان بين عيسى وموسى ، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته ، فقال: "ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم ". إقرأ المزيد في موقع لحن الحياة
شرح زمن المستقبل البسيط مع الأمثلة الدرس 36
قصة وعبرة ما حجبه الله عنا كان أعظم
قصة الحسن البصري مع محمد بن سيرين وحفظ حبل الود رغم خلاف بينهما
معلومات وحقائق عن حياة النمل
حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا الحكم بن بشير ، قال: ثنا عمرو ، عن سماك بن حرب ، عن علقمة بن وائل ، عن المغيرة بن شعبة ، قال: أرسلني النبي صلى الله عليه وسلم في بعض حوائجه إلى أهل نجران ، فقالوا: أليس نبيك يزعم أن هارون أخو مريم هو أخو موسى؟ فلم أدر ما أرد عليهم حتى رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكرت له ذلك ، فقال: "إنهم كانوا يسمون بأسماء من كان قبلهم ".
وعلى هذا فمعنى أنها أخت هارون: أنها من نسله وذريته، كما يقال للتميمي: يا أخا تميم ، وللقرشي: يا أخا قريش، وللعربي: يا أخا العرب. فمعنى قولهم: { يا أخت هارون} أي: يا من أنتِ من ذرية ذلك النبي الصالح، كيف فعلت هذه الفعلة؟
فعلى ما تقدم وتبيَّن، يكون في معنى قول القرآن: { يا أخت هارون} احتمالان، كلاهما له ما يؤيده: أحدهما: أنها الأخت حقيقة؛ وهذا على معنى أنه كان لها أخ اسمه هارون ؛ والثاني: المشابهة؛ وهذا على معنى أن ثمة قرابة بعيدة كانت تربطها ب هارون أخي موسى ، أو على معنى نسبتها لرجل صالح في زمنها كان يسمى هارون. - على أن مما يدحض قول من يقول بهذه الشبهة أن يقال له: كيف يسكت اليهود -وهم ألد أعداء الإسلام- على هذا الخطأ التاريخي الفاحش، ولم يعتبروه مأخذاً على القرآن والإسلام؟ وهل من شأن هؤلاء القوم أن يغضوا الطرف عن مثل هذا الخطأ، لو كان الأمر كذلك؟
ومن مجموع ما تقدم يزول الإشكال الذي قد يرد على الآية، وتبطل دعوى الخلط والاضطراب في القرآن التي يدعيها البعض. ومن المفيد في هذا السياق، أن ننبه إلى أن ما ورد في بعض المصادر من أن محمد بن كعب القرظي قد قال في قوله الله: { يا أخت هارون} قال: هي أخت هارون لأبيه وأمه، وهي أخت موسى أخي هارون ، التي قَصَّت أثر موسى عليه السلام: { فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون} (القصص:11) نقول: إن ما ورد في هذا خطأ محض.