ثالثاً: تعرضه للحبس في السجن:-
تعرض الإمام ابن حزم، للحبس في السجن مرتين: الأولى: لما كان في المرية (ألميريا حالياً)، وكان يحكمها خيران العامري، إذ أوشى إليه بعضهم أن ابن حزم يسعى في القيام بدعوة الدولة الأموية، فسُجِن بضعة أشهر، ثم أُخرِج إلى حصن القصر نفيا، وبقي فيه بضعة أشهر. الثانية: لما كان وزيرا للمستظهر عبد الرحمن بن هشام، وقد انتهت وزارته بالسجن سنة (416هـ). نشأته وطلبه للعلم: –
كان أول طلب أبي محمد ابن حزم للعلم وهو في صغره، علمًا أنه قد تربىّ في بيت عز وترف وجاه، فلم يشغله كل ذلك عن طلب العلم، وبمثل ذلك يفاخر ابن حزم، فإن العز والجاه والرئاسة صوارف عن طلب العلم، ومع توفر ذلكم العز والرئاسة لديه؛ إلا أنها لم تصرفه عن مقصده الأعظم، وهو علو القدر في الدنيا والآخرة. فكان أول ما بدأ به ابن حزم الأندلسي من طلب العلم في صغره هو القرآن الكريم، ورواية الشعر، وتعلُّم الخط، كل ذلك على أيدي نساء في قصر أبيه من الجواري، والقريبات، كما حدث بذلك عن نفسه. تعلم ابن حزم الأندلسي تلك العلوم وبرع فيها، وشُغِف بالأدب والشعر حتى أولِع بهما، فصار له نصيبٌ وافر من علم اللغة، وإقراض الشعر، وصناعة الخطابة، ثم تلا ذلك سماع ابن حزم للحديث قبل الأربعمائة، فروى عن بعض مشايخه موطأ مالك، والمدونة، وبعض المسانيد، وفي ذلك دليل على أنه كان مالكي المذهب أولًا، ثم تحول شافعيًا، وأقام عليه زمنًا، ثم تحول إلى مذهب أهل الظاهر، فأقبل على قراءة العلوم، وتقييد الآثار والسنن، ونافح عن مذهبه حتى لقي ﷲ ربه.
ابن حزم الاندلسي الفصل في الملل والنحل
وبالإضافة إلى ذلك، كان ابن حزم صاحب مقدرة استدلاليّة هائلة، ودقّة في الملاحظة، واستقلال تامٍّ في التفكير، إلّا أنّه من ناحية أخرى كان عنيفاً، وحادَّ المزاج. مُؤلَّفات ابن حزم
وضع ابن حزم قَبل وفاته عدداً كبيراً من المُؤلَّفات، والمُصنَّفات؛ منها ما هو موجود حتى الآن، ومنها ما اندثر، وفُقِد مع الزمن، وفيما يلي ذِكر لأهمّها: [٢]
المُصنَّفات الموجودة
وأهمّ هذه المُصنَّفات:
الإحكام في أصول الأحكام. أسماء الصحابة والرواة. منظومة في قواعد أصول فقه الظاهریّة. التلخيص لوجوه التخليص. جمهرة أنساب العرب. ديوان ابن حزم. المُصنَّفات المفقودة
وأهم هذه المُصنَّفات:
الإظهار لما شنع على الظاهريّة. أسماء الله الحُسنى. الإملاء في قواعد الفقه. ذكر أوقات الأمراء وأیّامهم بالأندلس. اختصار كلام جالينوس في الأمراض الحادة. المراجع
↑ ناصر بن صقير بن منصور السفياني ، القواعد الفقهية عند الإمام ابن حزم من خلال كتابه المحلى ، صفحة 53-56،111-114. بتصرّف. ^ أ ب يحيى علي يحيى الدجني، جهود ابن حزم في نقض العهد الجديد ، صفحة 20-25، 30-33. بتصرّف.
ابن حزم الأندلسي وفاته
وهذه المقامات للحبّ جمعت في كتاب (اسمه الزهرة) وهو كتاب عرفه ابن حزم. ولو لم يطّلع على المصادر الشرقيّة الأخرى، لكان كتاب الزهرة وحده كافياً، ولكنّه كما يقول إحسان عباس لا بدّ قد اطّلع على مروج الذهب للمسعودي، وما ورد فيه عن الحبّ، ورسالة القيان للجاحظ كذلك كتاب البيان والتبيين. بل لا يستبعد الدكتور إحسان عباس أن يكون ابن حزم قد اطّلع على كتاب (فردوس الحكمة) لعلي بن ربون الطبريّ، أو مصدراً مشابهاً له، فالحديث عن ضروب المحبّة متشابهة يقول ابن ربون: "فإنّ من شأن النفس الولوع والعجب بكلّ شيء حسن من جوهر أو نبت أو دابة. وقول ابن حزم: فالظاهر أنّ النفس الحسنة تولع بكلّ شيء حسن، وتميل إلى التصاوير المتقنة. ولا يُستبعد أنّه قد عرف مصادر مشرقية أخرى ذات علاقة بالموضوع عن قريب أو بعيد بالإضافة إلى ما كان يمدّه به الشعر المشرقي، وحكايات العشّاق المشارقة ذخيرة كبيرة حول تصورات الشعراء والرواة والقصاصين لموضوع الحبّ، حتى أنّ ابن حزم قد استثنى أولئك الأعراب وشعرهم في الحبّ، إذ قال: ودعني من أخبار الأعراب والمتقدمين بينهم غير سبيلنا. ثالثاً: كما أنّ البيئة الأندلسية كانت تمدّ ابن حزم بشيئين مهمين: أولهما ذلك الشعر العفيف المتشبه بالشعر العذري نزولاً على أحكام الظرف، وقد مهّد ابن فرج في كتاب (الحدائق) لذلك السياق الأندلسي الخالص في شعر الحبّ، وكان ابن حزم معجباً بكتابه، وقد حفظ الكثير منه.
ابن حزم الاندلسي طوق الحمامة
عدد الابيات: 5
طباعة
جرى الحب مني مجرى النفس
وأعطيت عيني عنان الفرس
وليس سيد لم يزل نافراً
وربما جاد لي في الخلس
فقتله طالباً راحة
فزاد ألياً بقلبي البيس
وكان فؤادي كنبت هشيم
يبس رمى فيه رام قبس
ويا جوهر الصين سحقاً فقد
غنيت بيا قونه الاندلس
نبذة عن القصيدة
قصائد رومنسيه
عموديه
بحر المتقارب
قافية السين (س)
المقال السابق:
المقال التالي:
عدد الزيارات: 10608
وَيُعْتَبَرُ عِلْمُ تَوْجِيهِ القِرَاءَاتِ ثَمَرَةً مِنْ ثَمَرَاتِ عُلُومِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ التِّي اشْتَغَلَ العُلَمَاءُ بِهَا خِدْمَةً لِلْقُرآنِ الكَرِيمِ. المراجع:
البرهان في علوم القرآن: (1/ 339) - تقويم طرق تعليم القرآن وعلومه في مدارس تحفيظ القرآن الكريم: (ص: 58) - صفحات في علوم القراءات: (ص: 286) - عناية المسلمين باللغة العربية خدمة للقرآن الكريم: ص60 - البرهان في علوم القرآن: (339/1) - الزيادة والإحسان في علوم القرآن: 216/4 - معجم مصطلحات علوم القرآن: ص109 -
القراءة - اختبار تنافسي
فهل العدم هو في التوجّه نحو الموت؟ وأنّ الضّيق هو مزاج البشر ناتج من عدم فهم العدميّة؟ أم أنّه وجود يسعى دائمًا لتجاوز ضيق الحال الذي قد يهون الموت لأجله. وأنّ الإحساس بالضّيق ناجم عن الشعور الدائم بالظلم والمرارة في العالم الذي يضع حدودًا مستحيلة التجاوز أمام الاحتمالات التي لا حدّ لها في فكر البشر؟».
« نلاعب نارًا نقول لن تحرقنا
نصارع بحرًا نقول لن يغرقنا
نخرق الأعراف أملًا في أوهام هنا
نداعب موتًا إن نغويه يصرعنا
هو الكون يسري ولا يدري بنا
إن كنا وجدنا فلا رأي لنا
نموت يوم ولدنا دون دفننا
إن كنا رضينا بما يرسم لنا»
(شاعر مغمور)
في لحظة الصمت والحزن يلجأ الإنسان إلى صوت الوجدان لينسج تفاسير فلسفية ليفهم ما يعجز عن تفسيره في كيفية يلجأ بعض البشر إلى احتمال عدمية الموت في سبيل إزاحة العدمية في الحياة! أعتذر مسبقًا من القراء القلائل من الضيق الذي ستتسبب به هذه الرسالة، وأتفهم بكل رحابة صدر إن لم يكملوا القراءة. ما يلي هو مقاطع من رسالة ماجيستير في الفلسفة. «أزمة الإنسان الوجودية ابتدأت منذ اللحظة الأولى لوعيه وإدراكه لوجوده، والأهمّ، لاحتمال عدم وجوده. وعندما نقول عدم الوجود، فإنّ الأمر لا يتعلّق فقط بالوجود المادي، أي الحياة أو الموت، بل بالإحساس بعدميّة الوجود حتى في الحياة. الوجود العدمي هو ذاك الوجود الذي لا يحمل في طيّاته أي معنى للوجود. أزمة البشر الوجوديّة هي مضاعفة لإحساسهم وإدراكهم لعدائيّة كل ما حولهم تجاه وجودهم، وهذا يشمل إلى الطبيعة وعناصرها من بحر وزلازل وأوبئة، وصولًا إلى البشر الآخرين والصدف غير السارّة.