ج - إصلاح الشخص نفسه:
أي الالتزام الكامل بتطبيق الأحكام الشرعية في سائر العلاقات والمعاملات والعبادات. د - الصبر على المحن والبلاء:
حيث أن عصر الغيبة الكبرى يتميز بتعاظم الجور والظلم والفساد بشكل ملحوظ. لذلك جاء الكثير من الأحاديث التي تؤكد على مبدأ الصبر وتحث عليه وخصوصاً في زمن الغيبة وتتحدث عن عظم أجر الصابرين كما في الأحاديث التالية. الصبر على البلاء وانتظار الفرج مكتوب. عن الرسول (ص) قال: ( إن من ورائكم أيام الصبر ، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر ، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم). وعن الإمام الصادق (ع) قال: ( وانتظار الفرج بالصبر). وعن الرضا (ع) قال: ( ما أحسن الصبر وانتظار الفرج ، أما سمعت قول الله عز وجل) وارتقبوا إني معكم رقيب ( وقوله) فانتظروا إني معكم من المنتظرين ( فعليكم بالصبر فإنما يجيء الفرج على اليأس). فالمؤمن المترقب لفرج إمامه المنتظر (ع) يلاقي صعوبات كثيرة لتكذيب الناس له بوجود هذا الإمام المغيب ، كما يلاقي صعوبات كثيرة لقيامه بواجباته الرسالية بعكس ذلك الشخص الجالس في بيته يتفرج وكأن الأمر لا يعنيه بشيء. ولذلك حينما سمع الإمام الصادق (ع) بعض أصحابه يتذاكرون جماعة منهم وقد ماتوا ولم يدركوا زمان القائم وهم يتحسرون على ذلك قال لهم: ( من مات منكم وهو منتظرا لهذا الأمر كان كمن هو مع القائم في فسطاطه ، ثم قال: لا بل كان كالضارب بين يدي رسول الله (ص) بالسيف - وفي رواية أخرى كمن استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله -).
الصبر على البلاء وانتظار الفرج والرزق
وعن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى:) يوم ندعوا كل أناس بإمامهم. فقال (ع): ( يا فضيل اعرف إمامك فإنك إذا عرفت إمامك لم يضرك تقدم هذا الأمر أو تأخر ، ومن عرف إمامه ثم مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر كان بمنزلة من كان قاعداً في عسكره.. لا بل بمنزلة من قعد تحت لوائه.
وقد سبق بيان معنى الاستعجال والتحذير منه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 63158 ، 54325 ، 69484 ، كما سبق بيان شروط إجابة الدعاء وموانعه: 11571 ، 8331 ، 2395 ، 23599 ، 43346. ونذكر السائل الكريم بقول الله تعالى: وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {سورة البقرة: 216} وقوله صلى الله عليه وسلم: عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ. رواه الترمذي وحسنه وابن ماجه وحسنه الألباني الصحيحة. الصبر في البلاء | الشيخ خالد الحبشي. وأما قول السائل: (لقد كنت أظن خاطئا أن انتظار الفرج عبادة) فقولك هذا هو الخطأ، وليس معنى كون هذا اللفظ لم تصح نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم أنه كلام باطل، بل لا شك أن انتظار الفرج عبادة عظيمة، قال الشيخ ابن عثيمين في أحد أجوبته في فتاوى برنامج نور على الدرب: الواجب على من أصيب بأمر يضيق به صدره ويزداد به غمه أن يصبر ويحتسب الأجر من الله عز وجل وينتظر الفرج، فهذه ثلاثة أمور: الصبر، واحتساب الأجر، وانتظار الفرج من الله عز وجل. وذلك أن الإنسان إذا أصيب بمصيبة من غم أو غيره فإنه يكفر الله بها عنه سيئاته وخطيئاته، وما أكثر السيئات والخطيئات من بني آدم (فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون).
مما تقدم يتبين أن أهل السنة والجماعة حقًّا هم الذين اعتصموا بكتاب الله تعالى وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم في عقائدهم وسائر أصول دينهم، ولم يعارضوا نصوصهما بالعقل أو الهوى، وتمسكوا بما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من دعائم الإيمان وأركان الإسلام، فكانوا أئمة الهدى ومنار الحق ودعاة الخير والفلاح؛ كالحسن البصري وسعيد بن المسيب ومجاهد وأبي حنيفة ومالك والشافعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق والبخاري ومن سلك سبيلهم والتزموا نهجهم عقيدةً واستدلالًا. هل الأشاعرة من أهل السنة والجماعة؟. أمَّا هؤلاء الذين خرجوا عنهم في مسائل من أصول الدين ففيهم من السنة بقدر ما بقي لديهم مما وافقوا فيه الصحابة رضي الله عنهم وأئمة الهدى من مسائل أصول الإسلام، وفيهم من البدع والخطأ بقدر ما خالفوهم فيه من ذلك قليلًا كان أو كثيرًا. وأقربهم إلى أهل السنة والجماعة أبو الحسن الأشعري ومن تبعه عقيدة واستدلالًا. وبهذا يعرف أن ليس لأهل السنة والجماعة مدرستان، إنما هي مدرسة واحدة يقوم بنصرتها والدعوة إليها من سلك طريقهم، وابن تيمية ممن قام بذلك ووقف حياته عليه وليس هو الذي أنشأ هذه الطريقة؛ بل هو متبع لما كان عليه أئمة الهدى من الصحابة ومن تبعهم من علماء القرون الثلاثة التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالخير، وكذلك مناظروه إنما قاموا بنصر مذهب من قلدوه ممن انتسب إلى أهل السنة والجماعة كأبي الحسن الأشعري وأصحابه بعد أن رجع عن الاعتزال وسلك طريق أهل السنة إلا في قليل من المسائل؛ ولذا كان أقرب إلى طريقة أهل السنة والجماعة من سائر الطوائف.
هل الأشاعرة من أهل السنة والجماعة؟
3- أن ما أثبتوه من هذه الصفات السبع-أو ما زاد عنها-ليس إثباتهم لها
موفقاً للحق على التمام، بل لهم في تقريرهم لتفاصيل تلك الصفات أخطاء
مشهورة، كقولهم بالكلام النفسي وغيره، حتى إن مذهبهم في بعض ما أثبتوه
ليقرب من قول المعتزلة، كإثبات من أثبت منهم رؤية المؤمنين لربهم لكن
بلا جهه!! مذهب الأشاعرة في الأسماء الحسنى، والرد عليهم - ملفات متنوعة - طريق الإسلام. وعند تفصيل قولهم يردونها إلى قدرٍ من الإدراك والعلم الذي
لا تخالف فيه المعتزلة [8]. 4- ومن أعظم بدع الأشاعرة فيما يتعلق بأسماء الله الحسنى، موقفهم من
مسألة خلق الأسماء الحسنى، ذلك أنهم يظهرون القول بأن الأسماء الحسنى
غير مخلوقة، ويبدون النكير على المعتزلة لقولهم بخلقها، ولكن عند
التحقيق نجد أن مذهبهم في ذلك يرجع إلى مذهب المعتزلة، وذلك يتبين بما
يلي:
أ- قولهم إن الاسم هو المسمى، يدل على أن قولهم: إن أسماء الله غير
مخلوقة، أي أن المُسَمَّى غير مخلوق، أي أن ذات الله غير مخلوقة، وهذا
أمر خارج عن محل النزاع، ولا يخالف فيه المعتزلة، بل لا يخالف فيه كل
من يقر بالخالق من أهل الكفر والإشراك. ب- وأما ما يعنيه أهل السنة في كلامهم عن الأسماء الحسنى، وهي
الأسماء المعلومة(كاسم الرحمن والرحيم... الخ) فهذه مخلوقة عندهم، وهم
يسمونها تسميات لا أسماء، وهم قالوا: إنها قد يطلق عليها (أسماء)، أي
أن هذا ليس هو الأصل فيها، وإنما قالوا ذلك هروباً من استدلال أهل
السنة عليهم -والمعتزلة أيضاً- من أن النصوص جاءت بالجمع في الأسماء،
والمُسَمَّى واحد، فاضطروا إلى أن يقولوا: إن تلك تسميات لا أسماء،
إنما الاسم واحد، وهو المسمى، وهو ذات الله تعالى، أما تلك الأسماء
فهي ألفاظ مخلوقة.
مذهب الأشاعرة في الأسماء الحسنى، والرد عليهم - ملفات متنوعة - طريق الإسلام
- مذهب الأشاعرة في التوقيف في الأسماء:
- ذهب عامة الأشعرية إلى أن أسماء الله توقيفية، موافقةً لأهل السنة
في ذلك [4]. - بينما ذهب الباقلاني منهم إلى جواز القياس فيها، وإثباتها بالعقل،
موافقةً للمعتزلة في ذلك [5]. - وذهب الغزالي من الأشاعرة إلى أن الأسماء توقيفية، ولكن الصفات
ليست توقيفية، قال الغزالي:«كل ما يرجع إلى الاسم فذلك موقوف على
الإذن وما يرجع إلى الوصف فذلك لا يقف على الإذن بل الصادق منه مباح
دون الكاذب»[6] ، ووافقه على ذلك الرازي والنسفي [7]. بيان أوجه ضلالهم في الأسماء الحسنى:
تضمن قول الأشاعرة -في باب أسماء الله الحسنى - عدة بدع وضلالات،
ومنها:
1- قول بعضهم إن أسماء الله غير توقيفية، كالباقلاني، وسبق نقاش ذلك
عند الكلام عن المعتزلة، وبيان وجه الضلال فيه، كما أن من خطأ بعضهم
زعمه أن الأسماء توقيفية بخلاف الصفات، والحق أن الباب واحد، فأسماء
الله تعالى وصفاته أيضاً على التوقيف. 2- قولهم بنفي الصفات التي تضمنتها كثير من الأسماء، بل أكثر
الأسماء، حيث اقتصروا على صفات محدودة، سبعةٍ أو أكثر، وحرَّفوا باقي
الصفات، بالنفي، أو بإرجاعها إلى ما أثبتوه من الصفات، كنفيهم صفة علو
الذات لله تعالى، وتحريفهم معنى الاستواء إلى الاستيلاء، وإرجاعهم صفة
المحبة إلى إرادة الخير والإحسان، إلى غير ذلك من التحريفات.
وبذلك فهم خالفوا الحق في عدة أمور:
- قولهم إن الاسم هو المسمى. - قولهم إن الله ليس له أسماء، بل له اسم واحد، واسمه هو ذاته. - قولهم عن أسماء الله المعروفة: هي تسميات وليست أسماء. - قولهم عن هذه التسميات: هي ألفاظ مخلوقة، وأنها غير ثابتة في
الأزل، بل حدثت بعد أن لم تكن، وهذا أعظم بدعهم في هذا الباب، وبه
وافقوا المعتزلة المصرحين بأن أسماء الله مخلوقة. ومما يوضح ذلك في مذهب الأشاعرة في الأسماء ما يلي:
1- أنك ترى في طيات كلام الأشاعرة، وفي ردودهم على المعتزلة ما ينبئ
عن موافقتهم لهم في أن أسماء الله- والتي هي الأسماء المعروفة كالخالق
والرازق... -أنها مخلوقة، وهم يصرحون بأن هذه الأسماء (ويطلقون عليها
ألفاظ) أنها مخلوقة، وأنها لم تكن موجودة في الأزل، ويتبين لمن أمعن
النظر في كلامهم أن خلافهم مع المعتزلة لفظي. فعلى سبيل المثال: في شرح المقاصد للتفتازاني قال:«الثابث في الأزل
معنى الإلهية والعلم، ولا يلزم من انتفاء الاسم بمعنى اللفظ انتفاء
ذلك المعنى»[9]. ففي هذا تصريح بعدم قدم الأسماء(والتي هي أسماء الله عند أهل السنة)،
وأنها غير ثابتة في الأزل، أي أنها حادثة بعد أن لم تكن، كما هو صريح
مذهب المعتزلة.