يروي " الأصفهاني " في كتابه " الأغاني " أن تاجراً من الكوفة قدِمَ المدينة المنورة بخُمرٍ "جمع خمار"، فباعها كلها وبقيت السُّود منها لم تُقبل عليها النساء، وبقيت بضاعة كاسدة في وجه صاحبها. وكان التاجر صديقاً ل " الدارميّ ". قل للمليحة في الخمار الأسود - مسكين الدرامي - الديوان. وكان الدارميّ مكيًّا يقيم في المدينة، اشتهر بشعر الغزل، وكان له حظ من الغناء، ثم ما لبث أن تنسّك وأقلع عن الغناء، وما عاد يقرض شعراً غزليا. فشكا التاجر لصديقه ما صار إليه أمر تجارته؛ فقال له الدارميّ: لا تقلق، فإني سأبيعها لك. ثم أنشد قائلا:
قل للمليحة في الخمار الأسودِ
ماذا فعلتِ بناسكٍ متعبدِ
قد كان شمّر للصلاة ثيابه
حتى وقفتِ له ببابِ المسجدِ
رُدّي عليه صيامه وصلاته
لا تفتنيه بحق دين محمدِ
فانتشرت الأبيات بين الناس، وأقبلت النسوة على الخمر السود، وباع الكوفيّ بضاعته ومضى في سبيله، وعاد الدراميّ لتنسكه وعبادته. وهذه الأبيات على عذوبتها كانت إعلانا تجاريا. ومن يومها توالت الاعلانات حتى وصلنا هذه الأيام إلى ما وصلنا إليه...
- قل للمليحة في الخمار الأسود - مسكين الدرامي - الديوان
- قصة" قل للمليحة في الخمار الاسود" | موقع حياتي
قل للمليحة في الخمار الأسود - مسكين الدرامي - الديوان
نسايم
10-03-2009 01:07 AM
قل للمليحة بالخمار الأسود
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتركم مع القصة:
انقطع ربيعه بن عامر والملقب بـ "مسكين الدرامي" إلى الزهد والعبادة ، والاتصال بالملأ الأعلى عابدا قد هجر الشعر و الشعراء. في عهد انعزاله قدم تاجر إلى المدينة يبيع خُمر النساء حيث يسترن وجوههن بها. وكانت النساء بذلك الوقت قد تركن لبس الخمار، فكسدت بضاعة التاجر فخاف الخسران والعودة بخفي حنين فأشارت عليه جماعة من الناس: لا يساعدك في بيعها إلا مسكين الدرامي الشاعر الشهير بالصوت الجميل. قصة" قل للمليحة في الخمار الاسود" | موقع حياتي. توجه التاجر إلى ربيعة وقص عليه قصته فأجابه المسكين الدرامي بأنه قد هجر الشعر وانقطع للعبادة. حزن التاجر واغتم بسبب كساد بضاعته ، وحين رأه مهموم صعب عليه أمر الرجل فغادر المسجد وقد استعاد شكل الشاعر القديم بإهابه و خطابه مجلجلا بصوت صخب الناس الذين فوجئوا به بينهم ينشد شعرا:
قل للمليحة بالخمار الأسود...... ماذا فعلتِ بناسكٍ متعبـــــد
قد كان شمــر للصلاة ثيابـــه...... حتي وقفت له بباب المسجــد
ردي عليه صلاته وصيامـــــه...... لا تقتليه بحق دين محمــــد
بعد هذه الأبيات انتشر بين الناس أن الدرامي قد أحب امرأة ذات خمار أسود ، وأنه قد عاد لتعاطي الشعر فخرجت نساء المدينة تطلب الخمار الأسود حتى نفذت بضاعة التاجر بأضعاف ثمنها ، عند ذلك عاد إلى بلده مجبورا خاطره.
قصة" قل للمليحة في الخمار الاسود" | موقع حياتي
فسألوا القاضي كيف عرفت أنه السارق من غير دليل مادي. فقال القاضي: لأنه لم يفزع عند سقوط الزجاجة على الأرض، واللصوص قلوبهم قاسية جامدة، ومتعودة على الأخطار والفر والكر بحكم عملهم المليء بالمخاطر والمفاجآت. فأكسبهم ذلك رباطة جأش، وقدرة على تحمل الأشياء المفاجئة فهم مستعدون دائما، أما زميله فقد خاف وارتعد من إرتطام الزجاجة بالأرض بطريقة مضحكة. فكيف له أن يسرق في جوف الليل مع الأهوال المحيطة به، عندئذ عرفت أنه السارق.
تاجر بالمدينة استورد خمراً سوداء بكميات كبيرة لم يستطع تصريفها وكسد سوقها، فشكى إلى صديقه الشاعر أمره، فلم يكن من هذا الصديق إلا أن بادر فنظم هذه الأبيات التي تناقلتها الألسن، وتغنى بها الصبيان والصبايا، وراحت المليحات وغير المليحات يتسابقن إلى شـراء الخمـر السوداء من صاحبنا حتى نفدت بضاعته المزجاة.. هذا أسلوب من أساليب الإعلان في ذلك العصر، يدل على ما للإعلان من أثر في رواج البضاعة ولفت الأنظار إليها. أما الأساليب الجهنمية التي يلجأ إليها تجار الأقمشة ويضحكون بها على ذقون النساء – لو صـح أن لهن ذقوناً- فإن هذه القصة صورة مصغرة منها، على غرار ما يفعلون الآن من إطـلاق أسماء شاذة على الأقمشة مثل (زنُوبه) (وأنا قلبي إليك ميال) وما شابهها من الأسماء المائعـة، فقـد قيل لي إن تاجر قماش قديما -يعني قماش- كسد سوقه ولم يسأل أحد عنه، فأخـرجه وأطلـق علـيه اسماً جديداً، هذه الأسماء الخلابة وأغلى سعره بصورة جنونية، فتهافتت عليه النسوة ونفد من الأسواق أو كاد. 1957* * كاتب وصحافي سعودي 1920 - 1991