وصايا لقمان الحكيم عليه السلام لابنه: (مراقبة الله، وإقامة الصلاة)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
الوصية الثالثة: فمن وصايا لقمان الحكيم لابنه: مراقبة اللَّه تعالى:
قوله تعالى: ﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 16]. في هذه الآية من الفوائد:
1- ينبغي للواعظ والناصح أن يكون في موعظته ما يشعر بالإشفاق على المنصوح، فإن قوله: يا بني ليس تصغير احتقار وإنما هو تصغير إشفاق. 2- أن الموعظة لا تكون موعظة حقًّا حتى تشتمل على بيان عظمة الله وسعة علمه وبالغ قدرته، وهكذا كانت دعوة الأنبياء لأقوامهم، قال نوح عليه الصلاة والسلام لقومه: ﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا * أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ﴾ [نوح: 13 - 16]. وقد اشتمل القرآن أول ما نزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تذكيره بعظمته تعالى؛ فقال تعالى: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 - 5]، وتعظيم الخالق في نفوس الخلق هو أول ما يجب على من دعا إلى الله، وبذلك أمر الله نبيه، فقال: ﴿ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴾ [المدثر: 3]، ولذلك تجد هذا المعنى في جميع قصص الأنبياء مع قومهم، ومن هنا يعلم الخطأ الكبير الذي يقع فيه بعض خطباء الجمعة الذين تخلو خطبهم من الموعظة، وإنما هي دروس علمية، ومسائل فقهية.
وصايا لقمان الحكيم لابنه
جاءنا من التراث قصة تحكي كيف أتته الحكمة حين نودي بالخلافة قبل داود، فقيل له يا لقمان، هل لك أن يجعلك الله خليفة تحكم بين الناس بالحق؟ فقال لقمان: إن أجبرني ربي عزَّ وجل قبلت، فإني أعلم أنه إن فعلت ذلك أعانني وعلمني وعصمني، وإن خيرني ربي قبلت العافية ولا أسأل البلاء، فقالت الملائكة: يا لقمان لِمَ؟ قال: لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها، يغشاه الظلم من كل مكان، فيخذل أو يعان، فإن أصاب فبالحري أن ينجو، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكون في الدنيا ذليلاً خير من أن يكون شريفاً ضائعاً، ومن يختار الدنيا على الآخرة فاتته الدنيا ولا يصير إلى ملك الآخرة. فعجبت الملائكة من حسن منطقه، فنام نومة فغط بالحكمة غطا، فانتبه فتكلم بها. لماذا أحبه الله؟
نال لقمان الكثير من العلم والحكمة على يد سيدنا داود عليه السلام؛ حتى نال المحبة من الله سبحانه وتعالى الذي وهبه فيضاً كبيراً من العلم والحكمة، مما خوّله ليكون حكيماً وخليفة لله على الأرض، وقد عرف بلقمان الحكيم؛ والسبب في ذلك يعود إلى شدة حنكته ومهارته في حل المنازعات، حيث إنّه عمل قاضيًا لبني إسرائيل.
وصايا لقمان الحكيم اسلام ويب
• الإكثار من سؤال الله تعالى العفو والمغفرة. • مزاحمة ومجالسة ومخالطة العلماء. • اليقين بالله تعالى إذا جاء الشيطان للإنسان بالشك. • تذكرة الإنسان بقرب الدار الآخرة عن الدار الدنيا للإنسان. • نصح الإنسان بعدم تأخير التوبة لله تعالى. • البعد عن الاستدانة لأنها ذل بالليل والنهار. • تجنب الطعام حالة الشبع. • الحرص على الجهاد والالتزام به. • تقوى الله تعالى بالسر والعلن في التجارة للحصول على الربح الأعظم. خلافة لقمان الحكيم بالأرض
قال رسول الله محمد عن لقمان " إن لقمان كان عبداً كثير التفكر، حسن الظن، كثير الصمت، أحب الله فأحبه الله، فمن عليه بالحكمة". ولقد نودي لقمان بالخلافة قبل سيدنا داود، فقيل له ، هل لك بخلافة الله تعالى لك بالحكم بين الناس؟ وهنا كان رده قائلاً: إن أجبرني الله تعالى قبلت، لأني أعلم عندئذ أن الله أعانني وعصمني وعلمني، بينما إن خيرني قبلت العافية واسأل الله العافية.
[4] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص866). [5] صحيح مسلم برقم (1510) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. [6] صحيح البخاري برقم (5534)، وصحيح مسلم برقم (2628) واللفظ له. [7] برقم (2378)، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (1/ 633) برقم (927). [8] صحيح البخاري برقم 6408، وصحيح مسلم برقم 2689.