فهنا للذين يحلفون، للذين يؤلون من نسائهم انتظار أربعة أشهر، التربص بمعنى الانتظار، فإن رجعوا قبل فوات الأشهر الأربعة فإن الله غفور لما وقع منهم من الحلف بسبب رجوعهم رحيم بهم.
- للذين يؤلون من نسائهم - عالم حواء
- تفسير قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ...}
- [182] قوله تعالى: {لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ..} الآية، وقوله تعالى: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ ..} الآيات 226- 227 - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت
للذين يؤلون من نسائهم - عالم حواء
وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [سورة البقرة:227]، يعني: إن عقدوا العزم على الطلاق، رفض أن يرجع في الأربعة أشهر، ومضى في يمينه تاركًا الجماع، فإن الله سميع لأقوالهم عليم بمقاصدهم. فهنا: وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ ، يدل على أن الطلاق بيد الرجل وليس بيد المرأة، وَإِنْ عَزَمُوا هم يعني الذين يؤلون من نسائهم. للذين يؤلون من نسائهم تربص اربعة اشهر. وكذلك أيضًا كما سبق الإيلاء، وكذلك أيضًا الظِهار على الراجح من أقوال أهل العلم؛ فإنه يكون للرجل خاصة، يعني: لو أن المرأة قالت لزوجها أنت عليّ كظهر أبي مثلاً، فهذا لا يكون ظهارًا؛ لأن المرأة لا تملك هذا وإلا لصار ذلك بيد النساء إذا غضبت على زوجها قالت اذهب أنت عليّ كظهر أبي، ثم تقول له بعد ذلك انتظر حتى أُكفر كفارة الظِهار، فليس لها ذلك. كذلك في قوله هنا: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ [سورة البقرة:226]، لو أنه آلا من امرأة أجنبية، حلف ألا يطأها فهذا ليس بشيء؛ لأنها ليست امرأته، وكذلك لو أنه تزوجها بعد ذلك، يعني: حلف كما في الظهار، فالظِهار أيضًا قُيد بهذا، يُظاهرون من نسائهم، فلو أنه ظاهر من أجنبية فليس بشيء؛ لأنه وقع على غير محل قابل.
تفسير قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ...}
فلما كان من الغد استدعى عمر بتلك المرأة وقال لها: أين زوجك؟ فقالت: بعثتَ به إلى العراق! فاستدعى نساء فسألهنّ عن المرأة كم مقدار ما تصبِر عن زوجها؟ فقلن: شهرين، ويَقلّ صبرها في ثلاثة أشهر، وينفَدُ صبرُها في أربعة أشهر، فجعل عمر مدّة غزوِ الرجل أربعة أشهر؛ فإذا مضت أربعةُ أشهر استرد الغازين ووجه بقوم آخرين؛ وهذا والله أعلم يقوِّي اختصاص مدّة الإيلاء بأربعة أشهر. (فَإِنْ فَاءُوا) أي: رجعوا إلى ما كانوا عليه، وهو كناية عن الجماع، قاله ابن عباس، ومسروق والشعبي، وسعيد بن جبير، وغير واحد، ومنهم ابن جرير رحمه الله. (فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ) أي: لما سلف من التقصير في حقهن بسبب اليمين. وفي ختم الآية بقوله (فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ترغيب بالفيء والعود إلى جماع الزوجة والإحسان إليها، لأنه أحب إلى الله. (رَحِيمٌ) حيث جعل لأيمانهم كفارة وتحلة، ولم يجعلها لازمة لهم، غير قابلة للانفكاك. [182] قوله تعالى: {لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ..} الآية، وقوله تعالى: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ ..} الآيات 226- 227 - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت. (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ) أي: قصدوا الطلاق، أي: طلاق زوجاتهم اللاتي مضى على إيلائهم منهن أربعة أشهر. • وفي هذا دلالة على أنه لا يقع الطلاق بمجرد مضي أربعة أشهر على الإيلاء، وهذا مذهب جماهير العلماء، فإذا انقضت المدة يخيّر الحالف إما أن يفيء (يرجع) وإما أن يطلق، فإن أبى أن يطلق أمره الحاكم بالطلاق إذا طلبت المرأة، لأن الحق لها.
[182] قوله تعالى: {لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ..} الآية، وقوله تعالى: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ ..} الآيات 226- 227 - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت
فالحق يريد العلاج لا القسوة. فلو لم يكن الرجل مضبوطا بيمين فقد يُغير رأيه بأن يأتي زوجته، ولذلك قال الحق: {لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} أي إنّ لك أيها الزوج أن تحلف ألا تقرب زوجتك أربعة أشهر لكن إن زادت المدة على أربعة أشهر فهي لن تكون تأديبا بل إضرارا. والخالق عز وجل يريد أن يؤدب لا أن يضر. فإذا ما تجاوزت المدة يكون الزوج متعديا ولا حق له. للذين يؤلون من نسائهم تفسير الميزان. إن الحق سبحانه وتعالى هو خالق الميول والعواطف والغرائز ويقنن لها التقنين السليم. إنه عز وجل يترك لنا ما يدلنا على ذلك، ففي خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يمر عمر في جوف الليل فيسمع امرأة تقول الأبيات المشهورة:
تطاول هذه الليل وأسود جانبه *** وأرقني إلا خليل ألاعبه
فوالله لولا الله تخشى عواقبه *** لزلزل من هذا السرير جوانبه
معنى ذلك أن المرأة تعاني من الوحشة إلى الرجل، وتوشك المعاناة أن تدفعها إلى سلوك غير قويم، لكن تقوى الله هي التي تمنعها من الانحراف. ومن الجائز أن نتساءل كيف سمع عمر هذه المرأة وهو يسير في الشارع، وأقول: إن المرأة تأتي عندها هذه الأحاسيس تترنم في سكون الليل، وعندما يسكن الليل لا تكون فيه ضجة فيسهل سماع ما يقال داخل البيوت، ألم يسمع عمر كلام المرأة التي تجادل ابنتها في غش اللبن؟
ولما سمع الفاروق كلام هذه المرأة التي تعاني من وحشة إلى الرجل، ذهب بفطرته السليمة وأَلمعيَّته المشرقة إلى ابنته حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها، وقال لها: كم تصبر المرأة على بعد الرجل، فقالت: من ستة شهور إلى أربعة أشهر.
3- المحلوفُ عليه هو الجماع في القُبُل ، وصريحُهُ تغيُّبُ الحشفة في الفرج، وإيلاجُ الذكر، والنيكُ. والمحتمل الجماعُ والوطءُ ، فإن قصده بهما صحّ ، وإلاّ فلا. للذين يؤلون من نسائهم - عالم حواء. 4- يشترط في المؤلى منها أن تكون منكوحةً بالعقد الدائم مدخولاً بها، فلو آلى من مملوكته، أو المتمتّع بها، أو من غير المدخول بها، وإن كانت زوجة دوام ، لم يقع ( [3]). الثالث: الايلاء عملية اضرار بالزوجة
كان اهل الجاهلية لا يحترمون المراة ، ومن بعض عاداتهم انهم يؤلون من نسائهم فهم لا يطلقونها حتى تستطيع الزواج برجل غيره ولا يعطوها حقوقها الزوجية في المعاشرة والاحترام وما تحتاجه كامرأة وانثى، وهذا من اكبرالاضرار بالمرأة ،ولذلك جاء الاسلام العظيم انتصارا لهذه المرأة الضعيفة فجعل لهذه العادة والطريقة حدا فقال تعالى ( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُو فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ،وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) وقد خير الرجل اذا آلى من زوجته وهو اما بطلاقها او الرجوع اليها. عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ إِيلَاء أهل الْجَاهِلِيَّة السّنة والسنتين وَأكْثر من ذَلِك فوقت الله أَرْبَعَة أشهر فَإِن كَانَ إيلاؤه أقل من أَرْبَعَة أشهر فَلَيْسَ بإيلاء ( [4]).