ولقد كان الزواج في الإسلام لإحصان الرجل والمرأة؛ ومن هنا كان على المرأة أن تستجيب لرغبة زوجها إذا سألها نفسها مهما كانت الشواغل؛ قال صلى الله عليه وسلم: « إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه؛ فلتُجب وإن كانت على ظهر قتب » (رواه البزار وصححه الألباني). حدود طاعة الزوجة لزوجها. لا لذوبان الشخصية: ولا تفهم الزوجة العاقلة أن الطاعة بهذه الصورة معناها ذوبان شخصيتها في شخصية زوجها، فنحن لا نقصد هذا بالمرة، فالطاعة الواعية التي نبحث عنها تختلف اختلافًا بينًا عن الذوبان الزوجي، فالزوجة لو فعلت ذلك لكان هذا تدميرًا للشخصية وتحطيمًا للثقة بالنفس وإلغاء الآخر، ولو اتبعت المرأة مبدأ (الذوبان)؛ لما صار عندنا إنتاج متميز ومبدع في العلاقات الزوجية. إن الذوبان الزوجي يؤدي إلى إلغاء الطرف الآخر وتهميشه، وهذا ضد الاحترام وهو منهي عنه، فقد أوصانا الله تعالى بالتشاور وتبادل الآراء قبل اتخاذ القرار، وجعل المسئولية فردية، وأعطى للمسلم استقلالية في اتخاذ قراره وتحمل المسئولية عن تصـرفاته؛ قال تعالى: { وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء:15]. والمتتبع لسيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم؛ يجد احترامه لشخصية أمهات المؤمنين وتقديرهن، بدءًا من خديجة رضي الله عنها وحتى آخر زوجاته، ولم نقرأ في السيرة بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصًا على خلاف ذلك، بل قرأنا العكس بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صرَّح وقال: "بأن الإسلام عندما جاء أعطى المرأة حقوقًا لم يكن يعرفها العرب؛ وأهمها أنه أعطاها الاستقلال الشخصي، وتحملها مسئولية قرارها حتى في زواجها" (مجلة الفرحة، العدد 75، ديسمبر 2002م، ص(66)، بتصرف).
حدود طاعة الزوجة لزوجها
حقّ الاستمتاع: على الزوجة أن تُمكِّن الزوج من الاستمتاع بها، وتُسلّم نفسها له إذا طلب ذلك، وإذا منعت نفسها عنه في الجِماع تكون قد ارتكبت كبيرةً من الكبائر، وأوقعت نفسها في المعصية، إلّا أن تكون معذورةً شرعاً بالحيض، أو بصوم الفرض، أو بالمرض، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إذا دعا الرَّجلُ امرأتَه إلى فِراشِه، فأبَت أن تَجيءَ، لعَنَتْها الملائكةُ حتَّى تُصبِحَ). حكم عدم طاعة الزوجة لزوجها. حقّ طلب الإذن: على الزوجة عدم السّماح لأحدٍ يكرهه زوجها بدخول بيته، وله عليها عدم الخروج من البيت إلّا بإذنه، وذهب الشافعيّة والحنابلة إلى عدم جواز خروجها لعيادة أبيها المريض إلّا بإذن الزوج، وله منعها من ذلك. حقّ المُعاشَرة: على الزوجة معاشرة زوجها بالمعروف، وذلك لقول الله تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ، والآية تشمل الأمر بأداء كلّ حقوق الزوجيّة. حقّ الطاعة: على الزوجة أن تُدرك أنّ عصيان زوجها والتقصير في أداء حقوقه يوغِر صدره، ويُسيء إلى قِوامته، وهو مَن أشغل كثيراً من وقته وجهده، وأنفق كثيراً من ماله في سبيل إسعادها، وعلى الزوجة أن تعِيَ أنّ هذه عبادة تضافرت الأدلّة والشواهد على فضلها وعظيم أجرها، وقد جاءت بعض الرّوايات لتضع طاعة الزوج في مصافّ العبادات الواجبة التي تُوصِل إلى رضوان الله تعالى ودخول جنّته، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إذا صَلَّتْ المرأةُ خمسَها، وصامَتْ شَهْرَها، وحفظَتْ فَرْجَها، وأَطَاعَتْ زَوْجَها، قيل لها: ادْخُلِي الجنةَ من أَيِّ أبوابِ الجنةِ شِئْتِ).
عدم طاعة الزوجة لزوجها
تكرار السخرية والازدراء: وهي من السلوكيات المؤذية التي تُشكك الشريك في قدراته، وتُشبه التنمّر إلى حدٍ ما، عندما يُكرر أحد الزوجين التعامل باحتقارٍ مع شريكه وإشعاره بتفوّقه عليه، أو التقليل من قيمته وإظهار العداء له بأي شكلٍ سواء أكان شفوي، أو بصري، أو غيره، فيظهر كما لو أنه يسخر منه، في حين أن الأزواج الحقيقيين يُكمّلون ويدعمون بعضهم ولا يُشعرون بعضهم بالتعالي والكبر تحت أي ظرفٍ كان.
حكم عدم طاعة الزوجة لزوجها
هذه الزوجة فهمت معنى الطاعة على أنها مجرد مجموعة أوامر، ولكن لم تفهم الطاعة من الناحية الشرعية....
قالت زوجة لزوجها في بداية زواجهما: "No Orders" أي لا أوامر، فضحك وقال: "فكيف أطلب منكِ شيئًا؟! " قالت: "تطلب ما تريد بدون توجيه أوامر! ما هي أسباب الطلاق - موضوع. ". هذه الزوجة فهمت معنى الطاعة على أنها مجرد مجموعة أوامر: ولكن لم تفهم الطاعة من الناحية الشرعية ؛ فالطاعة هي التزام الأوامر واجتناب النواهي استجابة لأمر الله، ومن هنا؛ كان لزامًا على كل زوجة أن تصحح إدراكها لمفهوم الطاعة الزوجية، فطاعة المرأة لزوجها هي أمر شرعي محض، وهي طاعة لله أولًا ثم طاعة لزوجها المخلوق ابتغاء رضا الله سبحانه وتعالى. وبرأيي أن هذا المبدأ هو اختبار وامتحان للمرأة المسلمة: لأن طاعة المرأة لزوجها من طاعتها لربها، وطاعة الله هي حقيقة الإيمان التي عندها يظهر من بكى ممن تباكى، فإيمان بلا طاعة هباء، وإسلام بلا استجابة غثاء، فإن ساق الإيمان لا تقوم إلا على جذر الاستسلام المطلق لمنهج الله تعالى في كل شأن من شئون الحياة، سواء أكان ذلك في عالم الشعور والإحساس، أم في عالم الفعل والجوارح. ولا يتم للمسلم إيمان، بل لا تستقر حقيقته في قلبه إلا بعد أن يمتثل حقًّا لأوامر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، بل ليس له من أمر نفسه شيء، وكيف يكون له خيار في نفسه وحياته، وهو عبد مربوب لله تعالى، الذي خلقه فسواه فعدله: { أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف:54].
بقلم |
محمد جمال حليم |
السبت 05 يونيو 2021 - 06:40 م
خلق الله الأرض وعمرها وجعل الإنسان خلية فيها يسعى لإصلاحها وجعل الزواج نعمة يتكامل فيها دور الذكر مع الأنثى ليعمر الكون وتحل البركة، لذا شرع له ضوابط وأحكامًا بها تستقر الحياة ويقل النزاع ويحصل التفاهم بين الزوجين. ومما شرع الله في الزواج طاعة المرأة لزوجها فالواجب على الزوجة؛ أن تطيع زوجها في المعروف، ومن محاسن أخلاق الزوجة وطيب عشرتها لزوجها؛ إحسانها إلى أهله وتجاوزها عن زلاتهم، وإعانته على بر والديه وصلة رحمه، وإذا لم تطع الزوجة زوجها فيما يجب عليها من الطاعة؛ كانت ناشزًا.