اليوم بمشيئة الله تعالى نسرد لكم قصة رجل هرب خوفا من الإسلام والمسلمين مما سمعه عنهم لكن ما إذا تبين له الحق ذهب إليهم بنفسه وأعلن إسلامه ، قال فيه عمر بن الخطاب رضى الله عنه ( أنت آمنت إذ كفروا وعرفت إذ أنكروا ووفيت إذ غدروا وأقبلت إذ أدبروا) يالها من كلمات من الفاروق عمر لصاحبنا ، مع الصحابى الجليل عدى بن حاتم الطائى رضى الله عنه. قصة عدى بن حاتم الطائى
فى السنة التاسعة للهجرة دان للإسلام ملك من ملوك العرب بعد نفور ، ولان للإيمان بعد إعراض وصد وأعطى الطاعة للرسول عليه الصلاة والسلام بعد إباء ، ذلكم هو عدى بن حاتم الطائى الذي يضرب المثل بجود أبيه ، ورث عدي الرئاسة عن أبيه فملكته ( طيئ) عليها ، وفرضت له الربع في غنائمها ، وأسلمت إليه القياد. قصة عدي بن حاتم الطائي. و لما صدع الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم بدعوة الهدي والحق ، ودانت له العرب حيا بعد حى ، رأي عدي في دعوة النبي صلي الله عليه وسلم زعامة توشك أن تقضي علي زعامته ورياسة ستفضى إلى إزالة رياسته ، فعادي الرسول صلي الله عليه وسلم أشد العداوة و هو لا يعرفه وأبغضه أعظم البغض قبل أن يراه. و ظل علي عداوته للإسلام قريبا من عشرين عاما حتي شرح الله صدره لدعوة الهدي والحق ولإسلام عدي بن حاتم قصة لا تنسى فلنترك للرجل نفسه الحديث عن قصته ، فهو بها أولي ، و بروايتها أجدر ، قال عدى: ما من رجل من العرب كان أشد مني كراهة لرسول الله صلي الله عليه وسلم حين سمعت به ، فقد كنت امرأ شريفا وكنت نصرانيا ، و كنت أسير في قومي بالمرباع فآخذ الربع من غنائمهم كما كان يفعل غيري من ملوك العرب.
حديث عدي بن حاتم الطائي
ثم قال لى: ( لعلك يا عدى إنما يمنعك من الدخول فى هذا الدين ما تراه من حاجة المسلمين وفقرهم فوالله ليوشكن المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه ، ولعلك يا عدى إنما يمنعك من الدخول فى هذا الدين ما ترى من قلة المسلمين وكثرة عدوهم فوالله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من (القادسية) على بعيرها حتى تزور هذا البيت لا تخاف أحدا الا الله. عدي بن حاتم قصة الاسلام. ولعلك إنما يمنعك من الدخول فى هذا الدين أنك ترى أن الملك والسلطان فى غير المسلمين وأيم الله ليوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض (بابل) قد فتحت عليهم وأن كنوز (كسرى بن هرمز) قد صارت إليهم ، فقلت: كنوز كسرى بن هرمز ، فقال: (نعم كنوز كسرى بن هرمز) ، قال عدى: عند ذلك شهدت شهادة الحق وأسلمت. عمر عدى بن حاتم رضى الله عنه طويلا وكان يقول: لقد تحققت اثنتان وبقيت الثالثة وإنها والله لابد كائنة ، فقد رأيت المرأة تخرج من (القادسية) على بعيرها لا تخاف شيئا حتى تبلغ هذا البيت وكنت فى أول خيل أغارت على كنوز كسرى بن هرمز وأخذتها وأحلف بالله لتجيئن الثالثة. وقد شاء الله أن يحقق قول نبيه عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام فجاءت الثالثة فى عهد الخليفة الزاهد العابد عمر بن عمر بن عبد العزيز حيث فاضت الأموال على المسلمين حتى جعل مناديه ينادى على من يأخذ أموال الزكاة من المسلمين فلم يجد أحدا.
فقلت: أى أُخية لا تقولى إلا خيرا وجعلت أسترضيها حتى رضيت وقصت على خبرها فإذا هو كما تناهى إلى فقلت لها وكانت امرأة حازمة عاقلة: ما ترين فى أمر الرجل ؟ (يعنى محمدا عليه الصلاة والسلام) فقالت: أرى والله أن تلحق به سريعا فإن يكن نبيا فللسابق إليه فضله وإن يكن ملكا فلن تذل عنده وأنت أنت. حديث عدي بن حاتم الطائي. قال عدى: فهيأت جهازى ومضيت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المدينة من غير أمان ولا كتاب وكان بلغنى أنه قال: إنى لأرجو أن يجعل الله يد عدى فى يدى فدخلت عليه وهو فى المسجد فسلمت عليه ، فقال: (من الرجل ؟) فقلت: عدى بن حاتم فقام إلى وأخذ بيدى وانطلق بى إلي بيته فوالله إنه لماض بى إلى البيت إذ لقيته امرأة ضعيفة كبيرة ومعها صبى صغير فاستوقفته وجعلت تكلمه فى حاجة لها. فظل معها حتى قضى حاجتها وأنا واقف فقلت فى نفسى: والله ما هذا بملك ، ثم أخذ بيدى ومضى بى حتى أتينا منزله فتناول وسادة من أدم محشوة ليفا فألقاها إلى وقال: ( اجلس على هذه) فاستحييت منه وقلت: بل أنت تجلس عليها ، فقال صلى الله عليه وسلم: (بل أنت) فامتثلت وجلست عليها. وجلس النبى صلى الله عليه وسلم على الأرض إذ لم يكن فى البيت سواها ، فقلت فى نفسى: والله ما هذا بأمر ملك ، ثم التفت إلى وقال: ( إيه يا عدى بن حاتم ألم تكن ركوسيا تدين بدين النصرانية والصابئة ؟) فقلت: بلى ، فقال صلى الله عليه وسلم: ( ألم تكن تسير فى قومك بالمرباع فتأخذ منهم مالا يحل لك فى دينك ؟) فقلت: بلى ، وعرفت أنه نبى مرسل يعلم ما يجهل.