إن أعظم مطلوبٍ من المكلَّف هو توحيدُ الله تعالى بالعبادة، فلأجله أرسلت الرسل وأنزلت الكتب؛ لذا عظَّم الشرع جناب التوحيد غايةَ التعظيم، فحرم الشركَ وجعله سببَ الخلود في النار، وأخبر أنه تعالى يغفِر كلَّ ذنب إلا الشرك، وحرَّم كلَّ الطرق المؤدِّية للشرك حمايةً لجناب التوحيد وصيانةً له. حكم الحلف بغير الله - عبد العزيز بن باز - طريق الإسلام. ومن تلك الأمور التي حرِّمت صيانةً لجناب التوحيد: الحلفُ بغير الله تعالى. أولا: النهيُ عن الحلف بغير الله تعالى:
مما ورد في النهي عن الحلف بغير الله تعالى: حديث عبد الله بن عمر أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: « من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت » ( [1]) ، وفي لفظ آخر: « من كان حالفًا فلا يحلف إلا بالله » ( [2]) ، وفي روايةٍ: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بنَ الخطاب في ركب وهو يحلف بأبيه، فناداهم صلى الله عليه وسلم: « ألا إنَّ الله ينهاكم أن تحلِفوا بآبائكم، فمن كان حالفًا فليحلِف بالله، وإلا فليصمت » ( [3]). وعن سعد بن عبيدة أن ابن عمر سمع رجلًا يقول: لا والكعبة، فقال ابن عمر: لا يحلف بغير الله، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « من حلف بغير الله فقد كفر » أو: « أشرك » ( [4]). وفي روايةٍ عن سعد بن عبيدة قال: جلستُ أنا ومحمَّد الكنديُّ إلى عبد الله بن عمر، ثم قمت من عنده، فجلست إلى سعيد بن المسيب، قال: فجاء صاحبي وقد اصفرَّ وجهه وتغيَّر لونه، فقال: قم إليَّ، قلت: ألم أكن جالسًا معك الساعةَ؟ فقال سعيدٌ: قم إلى صاحبك، قال: فقمتُ إليه، فقال: ألم تسمع إلى ما قال ابنُ عمر؟!
- حكم الحَلِف بغير الله في مذهب أهل البيت – موقع الإسلام العتيق
- حكم الحلف بغير الله تعالى عن اهل السنة ومذاهبهم الاربع يا ابا حمزة اين الشرك - منتدى الكفيل
- حكم الحلف بغير الله - عبد العزيز بن باز - طريق الإسلام
حكم الحَلِف بغير الله في مذهب أهل البيت – موقع الإسلام العتيق
وقال الجويني: "فإن قيل: أليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي العُشَراء: «وأبيك لو طعنت في خاصرته لحلَّ لك» ( [9]) ؟! حكم الحلف بغير الله تعالى عن اهل السنة ومذاهبهم الاربع يا ابا حمزة اين الشرك - منتدى الكفيل. قلنا: جرى هذا في كلامِه صلى الله عليه وسلم من غير قصدٍ كما يقول الواحدُ منَّا: لا والله، وبلى والله، من غير أن يجرد إلى الحلف قصدًا" ( [10]). وقال النووي في الجمع بين النهي وبين حديث « أفلح وأبيه »: "والنهي إنما ورد فيمن قصد حقيقةَ الحلِف؛ لما فيه من إعظام المحلوف به ومضاهاته به سبحانه وتعالى، فهذا هو الجواب المرضي" ( [11]). ثالثًا: أقسام الحلف بغير الله تعالى وحكمها:
على ما تقدَّم فالحلف بغير الله تعالى على ثلاثة أقسام:
الأول: أن يحلفَ بغير الله مع تعظيمِ المحلوفِ به كتعظيمِ الله أو أشدّ، وذلك مثل أن يُعرَض على السارق الحلف بالله فيحلِف، فإذا عرض عليه الحلِف بغير الله تعالى خافَ واضطرب وأبى أن يحلفَ وأقرَّ بالسرقة، فهذا شرك أكبر ( [12]). الثاني: أن يحلفَ بغير الله قاصدًا تعظيمَه لكنه ليس كتعظيم الله، سواء كان معتقدًا أن له منزلة في الشرع تسوغ الحلف به مثل الحلف بالنبي أو بالكعبة، أو ليست له منزلة في الشرع كمن يحلف بأبيه، فهذا محرَّم وهو شرك أصغر؛ لأنَّه يشمله عموم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحلف بغير الله، وهو ذريعة ووسيلة للشرك الأكبر.
ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدق. رواه أحمد والبخاري وأبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال ابن العربي: من حلف بها جاداً فهو كافر، ومن قالها جاهلاً أو ذاهلاً يقول: لا إله إلا الله يكفر الله عنه ويرد قلبه عن السهو إلى الذكر ولسانه إلى الحق وينفي عنه ما جرى به في اللغو. انتهى. نقله عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري. وفي جميع الأحوال أنت مطالب أخي السائل بأن تجاهد نفسك حتى تنزه لسانك عن الحلف بغير الله تعالى، قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ولكن قد يقول بعض الناس إن الحلف بغير الله قد جرى على لسانه ويصعب عليه أن يدعه فما الجواب؟ نقول: إن هذا ليس بحجة بل جاهد نفسك على تركه والخروج منه، وأذكر أنني قد نهيت رجلاً يقول: والنبي، فقال: والنبي لا أعود لها. حكم الحَلِف بغير الله في مذهب أهل البيت – موقع الإسلام العتيق. فهو قالها على أساس أن يؤكد أنه لن يعود لها لكنها تجري على لسانه. فنقول: حاول بقدر ما تستطيع أن تمحو من لسانك هذه الكلمة لأنها شرك، والشرك خطره عظيم. انتهى والله أعلم.
حكم الحلف بغير الله تعالى عن اهل السنة ومذاهبهم الاربع يا ابا حمزة اين الشرك - منتدى الكفيل
أخرج أبو داوود والنسائي ما ورد عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله قال { لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد ولا تحلفوا بالله إلا أنتم صادقون}. عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قد حلف باللات والعزى وأخبر رسول الله عما فعل فقال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم {قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شئ قدير، وانفث عن يسارك ثلاثًا، وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ولا تُعد} وقد أخرجه النسائي، وهذا الحديث يعُد دليلًا على عدم القسم بغير الله وأن من فعل ذلك فقد أشرك ويجب عليه أن يوحد الله ولا يكرر ما قاله مرة أخرى. المراجع: 1 2.
رَوَى البخاري ومسلم أنَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال حين سَمِع عمر يَحْلِف بأبيه: "إنَّ الله يَنهاكم أنْ تَحلِفوا بآبائكم، فمن كان حالِفًا فلْيحلِف بالله أو ليَصمت". ورَوَى أبو داود والترمذي وقال: حسن، قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "مَن حَلِف بغير الله فقد كَفَر" وفي بعض الروايات " فقد أَشْرَك" وفي بعضها "فقد كَفَر وأشْرَك".
حكم الحلف بغير الله - عبد العزيز بن باز - طريق الإسلام
قال الألباني: صحيح. وقال شعيب الأرناؤوط في تخريحه: إسناده ضعيف، وفي الباب عن عبد الله بن الزبير عند أحمد (16101)، والنسائي في "الكبرى" (5962): أن رجلا حلف بالله الذي لا إله إلا هو كاذبًا فغفر له. وسنده ضعيف، اضطرب فيه عطاء بن السائب. قال شعبة أحد رواته: من قبل التوحيد، قال السندي: أي: من أجل اشتمال حلفه على لا إله إلا هو، ففيه ترغيب في قول لا إله إلا الله. انتهى. والله أعلم.
الحمد لله. الحلف لا يجوز إلا بالله أو باسم من أسمائه أو بصفة من صفاته ؛ لما روى البخاري (2679) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ). آيات الله نوعان: الآيات الشرعية: وهي كلام الله تعالى من القرآن وغيره مما يوحيه إلى عباده ويتكلم به. والآيات الكونية: كالليل والنهار والسموات والأرض التي تدل على عظمته وعلمه وحكمته. وعلى هذا ، فمن حلف بآيات الله ، فلا يخلو أمره من حالتين:
الحال الأولى: أن يحلف بآيات الله ، ويكون مقصوده بالآيات كلام الله ، كالقرآن الكريم ، فالحلف في هذه الحال جائز ؛ لأن القرآن كلام الله ، وكلامه صفة من صفاته. الحال الثانية: أن يحلف بآيات الله ، ويكون مقصوده بالآيات: الآيات الكونية ، كالليل والنهار والشمس والقمر ، فالحلف في هذه الحال لا يجوز ؛ لأن الآيات الكونية مخلوقة ، والحلف بالمخلوق لا يجوز. وقد سئل علماء اللجنة الدائمة: ما هو حكم الحلف بآيات الله ، تقول: أقسم بآيات الله ؟
فأجابوا: " يجوز الحلف بآيات الله إذا كان قصد الحالف الحلف بالقرآن ؛ لأنه من كلام الله وكلامه سبحانه صفة من صفاته ، وأما إن أراد بآيات الله غير القرآن ، فإنه لا يجوز.