فالشاهد هنا في هذه الآية الكريمة ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ: أنه انتقل من اصطفاء إبراهيم ، وآدم، ونوح، وآل عمران على العالمين، قال: ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [آل عمران:34]، فمن هذه الذرية مريم، وعيسى ، ليُحاج بذلك النصارى، ووفد نجران الذين جاءوا إلى النبي ﷺ، ودعاهم إلى المباهلة. وأكثر المفسرين يقولون: صدر سورة آل عمران نازل في وفد نجران حينما جاءوا إلى المدينة، فهذه توطأة؛ ليتحدث عن ميلاد المسيح ، وما جرى له بعد ذلك، وما وقع على يديه من الآيات الدالة على نبوته، وكذلك ما حصل له من الرفع بخلاف ما اعتقده اليهود من صلبه، وروجوا ذلك على النصارى حتى صدقوه، واعتقدوه. ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم. وكذلك في قوله: وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ، فيه إشارة إلى أن هذا الاصطفاء الذي وقع إنما هو لتمام علمه، وإحاطته بخلقه، فهذا فيه أن ذلك لم يكن هكذا من غير علم، وإحاطة، كذلك فيه ترغيب لهؤلاء بالاقتداء بهم، فالله سميع لأقوال العباد، إلى آخره. وفيه أيضًا أن النبوة غير مُكتسبة إذا حُمل هذا على خصوص هؤلاء الأنبياء؛ يعني أن المقصود ذوات هؤلاء، وليس الذرية، أو أن تُحمل الذُرية على الأنبياء منهم، فيكون دالاً على أن النبوة اصطفاء، وهذا هو حق بلا شك تدل عليه نصوص أخرى أن النبوة اصطفاء وليست بكسب العبد، هذا هو الاعتقاد الصحيح في هذا الباب.
- لا يدخل تحت قوله تعالى: (( ذُرِّيَّةً بَعضُهَا مِن بَعضٍ )) - مركز الأبحاث العقائدية
لا يدخل تحت قوله تعالى: (( ذُرِّيَّةً بَعضُهَا مِن بَعضٍ )) - مركز الأبحاث العقائدية
أي مثلاً: إنّ بعض من ولد نوح(عليه السلام) اصطفاهم الله لإقامة دينه وليس كلّ ولده، وهذا البعض كان ذرّية من نوح(عليه السلام) المصطفى الذي هو أيضاً بعض من ذرّية آبائه، فليس كلّ إخوان وأعمام وإخوة أجداد نوح(عليه السلام) مصطفون, إذ لاحظ دقّة الآية فإنّها لم تقل: (ذرّية كلّها من بعض), ولا: (ذرّية بعضها من كلّ)، وإلاّ لكان كلّ أولاد آدم(عليه السلام) مصطفون، أو كلّ ذرّية من هو مصطفى مصطفون، وهذا واضح البطلان. لا يدخل تحت قوله تعالى: (( ذُرِّيَّةً بَعضُهَا مِن بَعضٍ )) - مركز الأبحاث العقائدية. ثانياً: إنّ هناك فرق بين معاني الاصطفاء، والساجدين، والشرك، والطهارة، المقصودة في (الأرحام المطهّرة). فإنّ الاصطفاء، هو: اختيار من الله, ويدلّ كون آباء النبيّ(صلّى الله عليه وآله) من الساجدين على أنّهم موحّدين غير مشركين, وأمّا دلالة الأرحام المطهّرة، فهو: التنزيه عن الزنا - والعياذ بالله -. ثالثاً: ونحن نثبت التوحيد لكن آباء النبيّ(صلّى الله عليه وآله)، وبالتالي الأئمّة(عليهم السلام) من خلال (( وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ)) (الشعراء:219)، و(( ذُرِّيَّةً بَعضُهَا مِن بَعضٍ)) (آل عمران:34), ونثبت طهارة أُمّهات النبيّ(صلّى الله عليه وآله) والأئمّة(عليهم السلام) حتّى من جهة الأُمّ من خلال (الأرحام المطهّرة)، وأنّ نطفتهم كانت تنتقل في الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام المطهّرة، ولم يلتقي آباؤهم على السفاح.
وإثر قرارات جمعة الخير تلك، اندفعنا كلنا إلى الشوارع، وصحيح كان اندفاعنا فرحاً بما سمعناه من قرارات ملكية كريمة، لكنه كان أيضاً فرحاً برؤية خادم الحرمين والاطمئنان على صحته واستجابة لطلبه، فكنا في تفاعلنا ذلك نزجي الشكر الجزيل لله رب العالمين أن منّ على مليكنا بالصحة والعافية، ونرفع أكف الضراعة لله العزيز الكريم أن يديم عليه الصحة ويلبسه ثوب العافية دائماً ليقود المسيرة ويحقق لنا كل طموحنا وآمالنا في الحياة، ويحرس مسيرة الخير القاصدة هذه حتى تحقق أهدافه هو لهذا الوطن العزيز وأبنائه الأوفياء الكرماء المخلصين. ولهذا لم يكن غريباً أن تضيق صفحات إعلامنا المقروء وتعجز قدرات إعلامنا المسموع والمشاهد عن الاتساع لتعبير المواطنين عن حبهم وصدقهم وإخلاصهم ومعاهدتهم لمليكهم وقادتهم أن يظلوا على العهد دائماً وأبداً أوفياء مخلصين، ورهن الإشارة لما يطلبه منهم مليكهم الذي يحملهم في قلبه ليل نهار، فأسكنوه هم أيضاً قلوبهم الطاهرة النقية. وصحيح أن تلك التفاعلات الإعلامية كانت مشحونة بعبارات الحب والتبجيل والتقدير والاحترام للمليك المفدى، ومن أحق منه بحبنا وتقديرنا واحترامنا وطاعتنا؟! لكن انظروا إليه يطلب إلى شعبه الوفي عبر العلماء والمشايخ والمسؤولين والوزراء وممثلي الوفود الذين زاروه، أن يكفوا عن إضفاء لقبي (ملك الإنسانية) و(ملك القلوب) عليه، مقراً بالملك لله الواحد الديان وحده دون سواه، ومعترفاً بعبوديته لربه عز وجل، إذ جاء في خطابه لزائريه الذين وفدوا إليه في قصر اليمامة بالديوان الملكي يوم الثلاثاء 17 ربيع الآخر 1432هـ الموافق 22-3-2011م للسلام عليه وتقديم واجب الشكر نيابة عن المواطنين على ما تفضل به، حفظه الله، من تلك القرارات الملكية الكريمة التي شمل خيرها الجميع، جاء في ذلك الخطاب الملكي الكريم:(إخواني، هناك كلمتان مادام المشايخ حاضرين، وهي للشعب أجمع.