التّفسير
تبشر الآية الأُولى المسلمين الذين يواجهون ضغوطاً شديدة وتهديدات أحياناً من جانب قومهم الكافرين بسبب اعتناق الإسلام، تبشرهم وتعدهم بأنهم منصورون، وأن أهل الكتاب لا يقدرون عليهم ولا تنالهم من جهتهم مضرة، وأن ما سيلحقهم من الأذى من جانبهم لن يكون إلاَّ طفيفاً وعابراً: (لن يضروكم إلاَّ أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثمّ لا ينصرون). لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّآ أَذًى - الشيخ الشعراوي - YouTube. إن هاتين الآيتين تحتويان- في الحقيقة- على عدّة أخبار غيبية، وبشائر مهمة للمسلمين قد تحقق جميعها في زمن النبي الأكرم (ص) وحياته الشريفة وهي:
1- إن أهل الكتاب لا يقدرون على إلحاق أي ضرر مهم بالمسلمين، وأن ما يلحقونه بهم لن يكون إلاّ أضراراً بسيطة، وعابرة (لن يضروكم إلاّ أذى). 2- إنهم لن يثبتوا- فيالقتال- أمام المسلمين، بل ينهزمون ويكون الظفر للمسلمين، ولا يجدون ناصراً ولا معيناً: (وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثمّ لا ينصرون). 3- إنهم لن يستطيعوا الوقوف على أقدامهم ولن يتمكنوا من العيش مستقلين، بل سيبقون أذلاء دائماً، إلاَّ أن يعيدوا النظر في سلوكهم، ويسلكوا طريق الله، أو أن يعتمدوا على الآخرين ويستعينوا بقوتهم إلى حين: (ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلاّ بحبل من الله وحبل من الناس).
- Altafsir.com -تفسير ايآت القرآن الكريم (76-7-111-3)
- لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّآ أَذًى - الشيخ الشعراوي - YouTube
- لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ۖ وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ-آيات قرآنية
- لن يضروكم الا أذى (وجدنيات ) - الشيخ وجدي غنيم - الطريق إلى الله
ولفظة "باؤوا" تعني في الأصل المراجعة واتخاذ السكنى، وقد استخدمت هنا للكناية عن الإستحقاق فيكون المعنى: أن اليهود بسبب اقامتهم على المعاصي استحقوا الجزاء الإلهي، وإختاروا غضب الله كما يختار الإنسان مسكناً ومنزلاً للإقامة. Altafsir.com -تفسير ايآت القرآن الكريم (76-7-111-3). وأمّا لفظة "مسكنة" فتعني الذلة والإنقطاع الشديد الذي لا تكون معه حيلة أبداً، وهي مأخوذة من السكون أصلاً، لأن المساكين لشدة ما بهم من الفقر والضعف لا يقدرون على أية حركة، بل هم سكون وجمود. ثمّ إنه لابدّ من الإلتفات إلى أن المسكين لا يعني المحتاج والمعدم من الناحية المالية خاصّة، بل يشمل هذا الوصف كلّ من عدم الحيلة والقدرة على جميع الأصعدة، فيدخل فيه كلّ ضعف وعجز وافتقار شديد. ويرى البعض أن الفرق بين الذلة والمسكنة هو أن الذلة ما كان مفروضاً على الإنسان من غيره، بينما تكون المسكنة ناشئة من عقدة الحقارة وازدراء الذات، أي أن المسكين هو من يستهين بشخصيته ومواهبه وذاته، فتكون المسكنة نابعة من داخله، بينما تكون الذلة مفروضة من الخارج. وعلى هذا الأساس يكون مفاد قوله تعالى (وباؤوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة) هو: أن اليهود بسبب إقامتهم على المعاصي وتماديهم في الذنوب اُصيبوا بأمرين: أولاً: طردوا من جانب المجتمع وحل عليهم غضب الله سبحانه، وثانياً: إن هذه الحالة "أي الذلة" أصبحت تدريجاً صفة ذاتية لازمة لهم حتّى أنهم رغم كلّ ما يملكون من امكانيات وقدرات مالية وسياسية، يشعرون بحقارة ذاتية، وصغار باطني، ولهذا لا نجد أي استثناء في ذيل هذه الجملة من الآية.
لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّآ أَذًى - الشيخ الشعراوي - Youtube
وهذا هو ما يشير إليه قوله سبحانه إذ يقول: (ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله * ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون) وبذلك يشير سبحانه إلى علة هذا المصير الأسود الذي يلازم اليهود، ولا يفارقهم. إنهم لم يصابوا بما أصيبوا به من ذلة ومسكنة، وحقارة وصغار لأسباب قومية عنصرية أو ما شابه ذلك، بل لما كانوا يرتكبونه من الأعمال فهم:
أولاً: كانوا ينكرون آيات الله ويكذبون بها. لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ۖ وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ-آيات قرآنية. ثانياً: يصرون على قتل الأنبياء الهداة الذين ما كانوا يريدون سوى إنقاذ الناس من الجهل والخرافة، وتخليصهم من الشقاء والعناء. ثالثاً: إنهم كانوا يرتكبون كلّ فعل قبيح، ويقترفون كلَّ جريمة نكراء، ويمارسون كلّ ظلم فظيع، وتجاوز على حقوق الآخرين، ولا شكّ أن أي قوم يرتكبون مثل هذه الأُمور يصابون بمثل ما أصيب به اليهود، ويستحقون ما استحقوه من العذاب الأليم والمصير الأسود.
لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ۖ وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ-آيات قرآنية
فقالوا: يا رسول الله، ما لنا بدّ في مجالسنا، نتحدّث فيها، فقال: "إذا أبَيتم إلاّ المجلس فأعطُوا الطريقَ حقَّه"، قالوا: وما حقُّ الطريق يا رسول الله؟ قال: "غض البصر، وكفّ الأذى، وردّ السّلام، والأمر بالمعروف، والنّهي عن المنكر". قد أمر الله بدفع الأذى عن المسلمين وجعل الله كف الأذى صدقة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه:" إماطة الأذى عن الطريق صدقة". وقد حرم الله الأذى لأنه ظلم، وجعل الله دعوة المظلوم مجابة فمن وقع عليه أذى يمكنه الدعاء على من أذاه وتكون دعوته مستجابة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب". اقرأ أيضا: دعاء لهلاك الظالم بسورة الكافرون
عقاب من يؤذي الناس بالسحر
من أهم محرمات الإسلام التي حرمها الله التعامل بالسحر ومع السحرة لما يسببه من ضرر بالغ للناس، وقد جعل الله السحر ضمن الموبقات السبع التي تؤدي بصاحبها إلى الهلاك. وقد حذر منها رسول الله في الحديث الشريف" اجْتَنِبوا السَّبْعَ الموبِقَاتِ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَما هنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ".
لن يضروكم الا أذى (وجدنيات ) - الشيخ وجدي غنيم - الطريق إلى الله
فإن الصهيونية التي تعادي المسلمين اليوم وتحارب الإسلام نجدها لا تستطيع الوقوف أمام الأخطار التي تهددها إلاَّ بالإعتماد على الآخرين، وحمايتهم رغم كلّ ما تملك من الثروات والقدرات الذاتية، وكلّ هذا يؤكد ويؤيد ما ذكرته هذه الآيات وما يستفاد منها من الحقائق، ولا شكّ أن هذا الوضع سيستمر بالنسبة إلى اليهود إلاَّ إذا تخلوا عن سلوكهم العدواني وأعادوا الحقوق إلى أهلها، وعاشوا إلى جانب الآخرين على أساس من الوفاق لا الغصب والعدوان والإحتلال.
جاء في الحديث:
«... ولكنّ القوي الذي يملك نفسه عند الغضب». ففي المواقف العصيبة لا مجال أن يتكلم الرجل التافه في أمر العامّة (ولا مجال أن يقع الخطأ) لأنه قد يكلّف الكثير، ونتمنى ألا تندّ عن أحدهم (كلمة في حالة انفعال) تُحسب ضد الموقف القطري. مجالسنا مدارسنا!! ولقد تعلمنا من مجالسة (الكبار) قولهم: (الخباشة سهلة)..
فالهدم والتخريب وصبّ الزيوت المتفجرة على النار المتطايرة المستعرة، ذلك من السهولة بمكان! وهو من فعل الجاهلين والأفّاكين..
ومن ناحية أخرى، هناك (من خارج محيط الأسرة الخليجية) مَن يقصد ويتحيّن الفرص لكي يزيد اضطرام النار في مواطن الخصومات (فالحذر الحذر منهم)..
هذا النداء للمسؤولين في دول الحصار، والمرجو أن يكون فيهم الناصح الأمين..
إن العاقل في كل زمان يُدركُ قيمة ومكانة القول بمدى قُربه أو بعده من الحق..
ولكن الداهية والطامة عندما تنتكس الفِطَر الرشيدة حتى يُرى الباطل حقاً، عندئذ يُصدَّق الكذوب ويؤتمن الخائن!! «إذاً لارتابَ المُبطلون»..
والجدير (بأصحاب الرأي الذين يُستمع إليهم) أن نبتعد عما نهانا عنه نبينا عليه الصلاة والسلام عندما بيّن صفة المنافق:
«وإذا خاصم فجر»..
معناه:
إن المنافق والفاجر يبالغ ويزيد في بشاعة وحدّة الخصومة بالافتراء والطعن وتقبيح كل شيءٍ جميل، وبإشاعة البهتان وإلصاق الإفك بخصومه، وهو ما يُطلق عليه لفظ (الشيطنة)..
وكم من موقفٍ حَسَنٍ أُحيلت محاسِنُهُ فعُدّ من الذنوبِ
وقال آخر:
إن يعلموا الخير أخفوهُ، وإن علموا شراً أذاعوا.. وإن لم يعلموا كذبوا!!