فرق كبير بين من يرى مكروب مهموم، نزلت به المحن والمصائب والفواجع، فيخف لمعونته، ويسارع إلى مساعدته، بما يستطعيه ويقدر عليه، وبين من يكون مقتدراً على ذلك إلا أن نفسه تضيق عن فعل ذلك، ويده تنقبض عن بذل شيء من المال، يكون في ذلك تنفيس الكربات وتفريجها. في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بينا رجل يمشي فاشتد عليه العطش فنزل بئراً فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي فملأ خُفَّه ثم أمسكه بفيه ثم رَقِي فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجراً، قال: في كلِّ كبد رطبة أجر. فإذا كان الله سبحانه -كما قال بعض أهل العلم- قد غفر لمن سقى كلباً على شدة ظمئه، فكيف بمن سقى العطاش وأشبع الجياع وكسا العراة من المسلمين؟ وكيف بمن تفقد أحوال المسلمين، وسعى في قضاء حوائجهم، وتفريج كرباتهم، وإزالة همومهم وغمومهم؟ إن الله تعالى يلقي محبة أولئك "جابري عثرات الكرام"، في قلوب العباد فيكثرون من الدعاء لهم، والثناء عليهم، وحمد صنيعهم، وشكر جميل كرمهم. وفي الصحيحين من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم أخو المسلم لا يَظْلِمُهُ ولا يُسْلِمُهُ، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيام، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة".
الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه -- صحيح مسلم
نعم إن تفريج الكربات من أعظم أسباب إجابة الدعوات، فعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أراد أن تُستجاب دعوته وأن تُكشف كُربته فليفرج عن معسر" [رواه أحمد ورجاله ثقات]. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( من أراد أن تُستجاب دعوته وتكشف كربته،فليفرّج عن معسر)
وكان سيدنا عمر رضي عنه الله مضرب الأمثال كذلك في قضاء حوائج عوام المسلمين حتى بعد توليه الخلافة ومن ذلك خدمته وزوجته المرأة التي كانت على وشك الولادة
فتساعد زوجته رضي الله عنها المرأة في وضع جنينها، بينما ينهمك هو في إنضاج الطعام، والنفخ تحت القدر؛ وتفيض عيناه بالدمع شكراً لله أن هيأ له ولزوجه أن يقضيا حاجة هذه المرأة الضعيفة، وأن يفرجا كربها، وأن ينالا شرف خدمتها في هذه اللحظات العصيبة! وهو الذي قال من قبل قولة بقيت حكمة لا يزال المسلمون يرددونها، وموعظة غالية يحاولون استهداءها: "لو أن بغلة عثرت بالعراق لسئلت عنها لمَ لم تمهد لها الطريق يا عمر"!............... وعلى خطى النبي ص وصحابته الكرام سار التابعون رضي الله عنهم أجمعين، وهذه قبسات من أنوارهم:
اشترى عبدالله بن عامر من خالد بن عقبة داره التي في السوق بتسعين ألف درهم، فلما كان الليل، سمع بكاء أهل خالد، فقال لأهله: ما لهؤلاء!
[2]: شحاته، حسين حسين، أسباب البركة في الأرزاق في ضوء القرآن والسنة، القاهرة، مدينة نصر، 1432هـ /2011م، 15. [3]: الحنفي، عبد المنعم، تجليات في أسماء الله الحُسنى، 449. [4]: البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الزكاة (24/7)، باب: الصدقة من كسب طيب (8/7)، حديث (1410)، 3، 11. [5]: ابن القيم الجوزية، محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي (ت 751هـ/1350م)، زاد المعاد في هدي خير العباد، حققه شعيب وعبد القادر الأرناؤوط، بيروت، مؤسسة الرسالة، الكويت، مكتبة المنار الإسلامية، ط 14، 1407هـ / 1986م، [1- 5]، 2، 22. منتديات الكعبة الإسلامية - البركة فى الرزق. [6]: الحنفي، عبد المنعم، تجليات في أسماء الله الحُسنى، 359. [7]: المرجع السابق، 449 وما بعدها. [8]: يُنظر، إصلاح المال، ابن أبي الدنيا، 1، 363. [9]: عبيد الضرير، نزهة الناظرين، 191. [10]: أبو سليمان الواسطي: داؤد بن إبراهيم العقيلي أبو سليمان الواسطي كان قاضياً بقزوين، من قبل الرشيد ثم من قبل الأمين والمأمون مات سنة أربع عشر مائتين بقزوين، ودفن بها وكان يعرف الموضع الذي فيه قبره بمشهد أبي سليمان. [11]: ابن أبي الدنيا، عبدالله بن محمد أبو بكر القرشي ( ت281هـ/ 904م)، الشكر، تحقيق بدر البدر، الكويت، المكتب الإسلامي، ط3 1400هـ/ 1908م، 22.
منتديات الكعبة الإسلامية - البركة فى الرزق
وهذا نصيب المؤمن من شكر الله، إذا شكره عزَّ وجلَّ على عطاياه. أما ما نراه الآن فمجتمع لا يشكر الله لا على قليل ولا كثير، كلما جالست أحداً وجدته غير راض عن الله حتى ولو فتح الله له كنوز الحياة، الكل غير راض وغير شاكرؤ ما النتيجة؟ كما نرى الآن ذهبت البركة وصعدت للسماء، ووكلنا الله إلى أنفسنا ولا نستطيع أن نقوم بأقل أمورنا، ولا أبسط همومنا إذا وكلنا الله عزَّ وجلَّ إلى أنفسنا. (1)رواه الترمذي والحاكم
(2)رواه الطبرانى وابن عساكر عن أبي ذر
الخطب الإلهامية – شهر رجب والاسراء والمعراج | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد منقول من كتاب {الخطب الإلهامية شهر رجب والاسراء والمعراج} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً
[/frame]
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2022, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة للمسلمين بشرط الإشارة لشبكة الكعبة الإسلامية
هذا؛ والله أعلم.