خطبة زينب عليها السّلام في مجلس يزيد بالشام:
• قال السيّد ابن طاووس وغيره: فقامت زينب بنت عليّ بن أبي طالب عليه السّلام في مجلس يزيد وقد سَمِعَته يقرأ ابيات ابن الزِّبَعرى:
ليتَ أشياخي ببـدرٍ شَهِـدوا جَزَعَ الخزرجِ مِن وَقْعِ الأسَلْ
فأهَلَّـوا واستَهـلُّـوا فَرَحـاً ثمّ قالـوا: يا يزيـدُ لا تُشَلّْ! لستُ مِن خِنْدَفَ إنْ لم أنتقـمْ مِن بني أحمدَ ما كان فَعَـلْ! فقالت زينب عليها السّلام في خطبتها تلك:
الحمد للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى الله على رسوله وآله أجمعين. صدق الله كذلك يقول: ثُمّ كانَ عاقبةَ الذينَ أساؤوا السُّوأى أنْ كَذَّبوا بآياتِ اللهِ وكانُوا بها يَستهزِئُون. خطبة السيدة زينب عليها السلام في مجلس يزيد. أظنَنْتَ يا يزيد حيث أخَذتَ علينا أقطار الأرض وآفاق السماء، فأصبَحنا نُساق كما تُساق الأُسارى، أنّ بنا على الله هَواناً وبك عليه كرامة ؟! وأنّ ذلك لِعِظَم خَطَرِك عنده! فشَمَختَ بأنفِك، ونظرتَ في عِطفِك، جَذلانَ مسروراً، حين رأيت الدنيا لك مُستَوسِقة، والأمورَ مُتَّسِقة، وحين صفا لك مُلكنا وسلطاننا. مهلاً مهلا! أنَسِيتَ قول الله تعالى: ولا يَحسَبنَّ الذين كفروا أنّما نُملي لَهُم خيرٌ لأنفسِهِم، إنّما نُملي لَهُم ليزدادوا إثماً ولهم عذابٌ مُهين ؟!
شبكة المعارف الإسلامية :: خطبة السيدة زينب عليها السلام في الشام
اللهم خذ بحقنا وانتقم لنا ممن ظلمنا، والله ما فريت إلا في جلدك، ولا حززت إلا في لحمك، وسترد على رسول الله صلى الله عليه وسلم برغمك، وعترته ولحمته في حظيرة القدس يوم يجمع الله شملهم ملمومين من الشعث وهو قول الله تبارك وتعالى "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون". خطبة السيدة زينب بنت علي بالشام - ويكي مصدر. وسيعلم من بوأك ومكنك من رقاب المؤمنين إذا كان الحكم الله والخصم محمد صلى الله عليه وجوارحك شاهدة عليك فبئس للظالمين بدلاً أيكم شر مكاناً وأضعف حنداً. مع أني والله يا عدو الله وابن عدوه استصغر قدرك واستعظم تقريعك، غير أن العيون عبرى والصدور حرى وما يجزي ذلك أو يغني عنا وقد قتل الحسين، وحزب الشيطان يقربنا إلى حزب السفهاء ليعطوهم أموال الله على انتهاك محارم الله، فهذه الأيدي تنطف من دمائنا، وهذه الأفواه تتحلب من لحومنا، وتلك الجثث الزواكي يعتامها عسلان الفلوات. لئن اتخذتنا مغنماً لتتخذن مغرماً، حين لا تجد إلا ما قدمت يداك، تستصرخ يا ابن مرجانة ويستصرخ بك وتتعاوى وأتباعك عند الميزان، وقد وجدت أفضل زاد زودك معاوية قتلك ذرية محمد صلى الله عليه فوالله ما تقيت غير الله ولا شكواي إلا إلى الله فكيد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا يرحض عنك عار ما أتيت إلينا أبداً والحمد لله الذي ختم بالسعادة والمغفرة لسادات شبان الجنان فأوجب لهم الجنة أسأل الله أن يرفع لهم الدرجات وأن يوجب لهم المزيد من فضله فإنه ولي قدير.
خطبة السيدة زينب عليها السلام في مجلس يزيد
وكيف ترتجى مراقبه من لفظ فوة اكباد الأزكياء ،
ونبت لحمة من دماء الشهداء وكيف يستبطا فبغضنا اهل المنزل ،
من نظر الينا بالشنف و الشنآن ، والاحن و الأضغان ثم تقول غير متأثم و لا مستعظم
لأهلوا و استهلوا فرحا بعدها قالوا يا يزيد لا تشل
منحنيا على ثنايا ابي عبدالله عليه السلام ،
سيد شباب اهل الجنه ، تنكثها بمخصرتك ، وكيف لا تقول هذا و ربما نكأت القرحه! ، واستأصلت الشأفه ، بإراقتك دماء ذريه محمد صلى الله عليه و آلة ،
ونجوم الأرض من ال عبدالمطلب ، وتهتف بأشياخك. زعمت انك تناديهم ، فلتردن و شيكا موردهم ،
ولتودن انك شللت و بكمت ، ولم تكن قلت ما قلت ، وفعلت ما فعلت. خطبة السيدة زينب في مجلس يزيد. اللهم خذ بحقنا ، وانتقم من ظالمنا ،
واحلل غضبك ممن سفك دماءنا ، وقتل حماتنا ، فو الله ما فريت الا جلدك ،
ولا حززت الا لحمك ، ولتردن على رسول الله صلى الله عليه و آلة ، مما تحملت من سفك دماء ذريتة ،
وانتهكت من حرمتة ، فى عترتة و لحمتة ،
حيث يجمع الله شملهم ، ويلم شعثهم ، ويأخذ بحقهم و لا تحسبن الذين قتلوا بسبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون ال عمران ۱۶۹. وحسبك الله حاكما ، وبمحمد صلى الله عليه و آلة خصيما ،
وبجبرائيل ظهيرا ، وسيعلم من سول لك ، ومكنك من رقاب المسلمين ، وبئس للظالمين بدلا ، وأيكم شر مكانا و أضعف جندا.
خطبة السيدة زينب بنت علي بالشام - ويكي مصدر
لعمري لقد نكأت القرحة ، واستأصلت الشأفة ، بإراقتك دم سيد شباب أهل الجنة ، وابن يعسوب الدين ، وشمس آل عبد المطلب. وهتفت بأشياخك ، وتقربت بدمه إلى الكفرة من أسلافك ، ثم صرخت بندائك ، ولعمري لقد ناديتهم لو شهدوك ، ووشيكاً تشهدهم ولن يشهدوك ، ولتود يمينك ـ كما زعمت ـ شلت بك عن
مرفقها وجذت ، وأحببت أمك لم تحملك ، وإياك لم تلد ، حين تصير إلى سخط الله ، ومخاصمك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم). اللهم خذ بحقنا ، وانتقم من ظالمنا ، واحلل غضبك على من سفك دماءنا ، ونقض ذمارنا ، وقتل
حماتنا ، وهتك عنا سدولنا. وفعلت فعلتك التي فعلت ، وما فريت إلا جلدك ، وما جزرت إلا لحمك ، وسترد على رسول الله بما تحملت من دم ذريته ، وانتهكت من حرمته ، وسفكت من دماء عترته ولحمته ، حيث
يجمع به شملهم ، ويلم به شعثهم ، وينتقم من ظالمهم ، ويأخذ لهم بحقهم من أعدائهم ، فلا يستفزنك الفرح بقتلهم ، « ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً ، بل أحياء عند ربهم يرزقون ، فرحين بما
آتاهم الله من فضله ». شبكة المعارف الإسلامية :: خطبة السيدة زينب عليها السلام في الشام. (1)
وحسبك بالله ولياً وحاكماً ، وبرسول الله خصماً ، وبجبرائيل ظهيرا. وسيعلم من بوأك ومكنك من رقاب المسلمين أن « بئس للظالمين بدلاً » وأيكم شر مكاناً وأضل سبيلا.
ولئن اتّخَذْتَنا مَغْنَماً، لَتجِدَنّا وشيكاً مَغْرٓماً، حين لا تجدُ إلاّ ما قدَّمْتَ وما ربُّكَ بظَلاّمٍ للعبيد ، فإلى الله المشتكى وعليه المعوَّل. فكِدْ كيدَك، واسْعَ سعيَك، وناصِبْ جهدك، فوَاللهِ لا تمحو ذِكْرَنا، ولا تُميت وحيَنا، ولا تُدرِكُ أمَدَنا، ولا تَرحضُ عنك عارها ( أي لا تغسله)، وهل رأيُك إلاّ فَنَد، وأيّامك إلاّ عَدَد، وجمعك إلاّ بَدَد!! يوم ينادي المنادي: ألاَ لَعنةُ اللهِ علَى الظالمين! فالحمد لله الذي ختم لأوّلنا بالسعادة ولآخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله أن يُكملَ لهم الثواب، ويُوجِبَ لهم المزيد، ويحسن علينا الخلافة، إنّه رحيمٌ ودود، وحسبُنا اللهُ ونِعمَ الوكيل. فقال يزيد:
يا صيحةً.. تُحمَدُ مِن صَوائحِ ما أهونَ الموتَ علَى النوائحِ! مصادر شرح مفصل للخطبه
تضمن القرآن الكريم عدداً من الآيات التي تؤسس لأصول التعامل الاقتصادي بين الناس، وتنظم حركة المجتمع اقتصادياً؛ سعياً لبناء مجتمع آمن مطمئن مستقر، ما يعود بالخير والنفع على الناس في الدنيا قبل الآخرة. تفسير: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام...). ومن الآيات الواردة في هذا السبيل، قوله سبحانه: { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} (النساء:29). في هذه الآية الكريمة ينهى سبحانه عباده المؤمنين عن أن يأكلوا أموال بعضهم بعضاً بغير وجه مشروع، كأنواع الربا والقمار، وما جرى مجرى ذلك من سائر صنوف المعاملات المالية، التي لا تتفق وأصول الشرع الحنيف. وعلى عادة الشرع في أحكامه وتشريعاته، فإنه لا يسد باباً للحرام، إلا ويفتح مقابله باباً للحلال، فلما نهى سبحانه عباده عن الكسب الحرام غير المشروع، أباح لهم طريقاً آخر للكسب الحلال المشروع، وهو طريق التجارة، ونحوها من الطرق التي أقرها الشرع الحنيف للتعامل المالي بين عباده، وبيَّن سبحانه في ختام الآية أنه إنما حرَّم عليهم ما حرَّم، وأحل لهم ما أحل من باب الرحمة بهم، هذه الرحمة التي تشمل سعادتهم في الدنيا والآخرة. بعد بيان المعنى الإجمالي للآية، نقف بضع وقفات، لكشف المزيد من المراد من هذه الآية:
الوقفة الأولى: ليس المراد من { لا تأكلوا} الأكل خاصة؛ لأن غير الأكل من التصرفات، كالأكل في هذا الباب، لكنه لما كان المقصود الأعظم من المال إنما هو الأكل، قالوا لمن ينفق ماله: إنه أكله، ووقع التعبير بـ (الأكل) جرياً على ما هو متعارف عليه.
إسلام ويب - تفسير السعدي - تفسير سورة النساء - تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم- الجزء رقم2
﴿ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮒ ﴾ التفسير والترجمة
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10) ﴾
إن الذين يأخذون أموال اليتامى، ويتصرفون فيها ظلمًا وعدوانًا، إنما يأكلون في أجوافهم نارًا تلتهب عليهم، وستحرقهم النار يوم القيامة. ﴿ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ ﮬ ﴾ التفسير والترجمة
﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188) ﴾
188 - ولا يأخذ بعضكم مال بعضكم بوجه غير مشروع، كالسرقة والغَصْب والغش، ولا تخاصموا بها إلى الحكام لتأخذوا طائفة من أموال الناس متلبّسين بالمعصية، وأنتم تعلمون أن الله حرم ذلك، فالإقدام على الذنب مع العلم بتحريمه أشد قُبْحًا وأعظم عقوبة. ﴿ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮎ ﴾ التفسير والترجمة
﴿۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ۗ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) ﴾
يا أيها الذين آمنوا، وعملوا بما شرعه الله لهم، إن كثيرًا من علماء اليهود، وكثيرًا من عُبَّاد النصارى، ليأخذون أموال الناس بغير حق شرعي، فهم يأخذونها بالرشوة وغيرها، وهم يمنعون الناس من الدخول في دين الله.
آيات عن أخذ أموال الناس بالباطل
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلَا تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (٢٩) وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (٣٠)) [النساء: ٢٩ - ٣٠]. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) سبق فائدة تصدير الخطاب بهذا. (لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) ينهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن أن يأكلوا أموال بعضهم بعضاً بالباطل: أي: بأنواع المكاسب التي هي غير شرعية، كأنواع الربا والقمار، والغش، والكذب، والنجش، والتدليس، وسائر المعاملات المخالفة للشرع. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- (أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا، فَقَالَ: " مَا هَذَا يَا صَاحِبَ اَلطَّعَامِ? " قَالَ: أَصَابَتْهُ اَلسَّمَاءُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ. إسلام ويب - تفسير السعدي - تفسير سورة النساء - تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم- الجزء رقم2. فَقَالَ: أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ اَلطَّعَامِ; كَيْ يَرَاهُ اَلنَّاسُ? مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي - رَوَاهُ مُسْلِمٌ وفي الرواية الأخرى (من غشنا) واللفظ الأول أعم، والغش: المراد به هنا: كتم عيب المبيع أو الثمن.
تفسير: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام...)
وقد استعمل القرآن هذا التعبير في مواضع، من ذلك قوله سبحانه: { الذين يأكلون الربا} (البقرة:275)، وقوله تعالى: { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما} (النساء:10)، وهذا من باب المجاز الذي صار كالحقيقة. وعلى هذا، يكون المراد من (الأكل) بحسب التعبير القرآني سائر التصرفات المالية غير المشروعة، ويكون المعنى في الآية التي معنا: لا يتعدى بعضكم على أموال بعض. الوقفة الثانية: قوله سبحانه: { أموالكم}، يدخل تحته أكل مال الغير بالباطل، وأكل مال النفس بالباطل، كقوله تعالى: { ولا تقتلوا أنفسكم}، فهذا التعبير يدل على النهي عن قتل الغير بغير حق، وعن قتل النفس أيضاً. و(أكل) مال النفس بالباطل، إنما يكون بإنفاقه في معاصي الله، وتبذيره على وجه البطر والإسراف، وفي كل ما لا يرضي الله تعالى. الوقفة الثالثة: يفيد قوله سبحانه: { ولا تقتلوا أنفسكم}، أن من سلك طرقاً للكسب غير مشروعة، كالربا، والقمار، والرشوة، والغصب، وما شابه ذلك من طرق الحرام، فإنه يكون بذلك قد قتل نفسه معنوياً، وقضى عليها اجتماعياً. الوقفة الرابعة: تخصيص (التجارة) بالذكر من بين سائر أسباب الكسب؛ لكونها أغلب وقوعاً، وأوفق لذوي المروءات. فكما يحل الكسب المستفاد من التجارة، فأيضاً يحل الكسب المستفاد من أنواع المكاسب الأخرى، كالزراعة والصناعة، ونحو ذلك من الأنشطة الاقتصادية التي لا تخالف أصول التعامل الشرعي.
الوقفة الخامسة: قوله سبحانه: { عن تراض}، هذا التعبير يفيد أن الأصل في إبرام المعاملات الاقتصادية هو التراضي، فإذا تراضى المتعاقدان بتجارة، أو طابت نفس المتبرع بتبرع، ثبت حلِّه بدلالة القرآن، بيد أن هذا التراضي ليس مطلقاً، بل ينبغي أن يكون مقيداً بضوابط الشرع. فإذا تراضى المتعاقدان على تعامل حرمه الشرع، كالربا وبيع الخمر ونحوهما، كان العقد باطلاً شرعاً، ولا عبرة بتراضيهما. الوقفة السادسة: إضافة الأموال والأنفس إلى عموم المؤمنين { لا تأكلوا أموالكم}، { ولا تقتلوا أنفسكم} فيه دلالة -كما قال السعدي - على أن المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ومصالحهم كالجسد الواحد، حيث كان الإيمان يجمعهم على مصالحهم الدينية والدنيوية. الوقفة السابعة: هذه الآية -كما قال ابن عاشور - أصل عظيم في حرمة الأموال وصيانتها، وقد قال صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع، ( فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام) متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه) رواه الدار قطني. وهي تفيد أن الناس إن دخلوا في أي معاملات محرمة وباطلة وظالمة، وقبلوا أي مبدأ مستند إلى هذا النوع من التعامل، كالرأسمالية، ونحوها، فإن ذلك سيؤدي إلى اختلال حركة الاقتصاد في المجتمع، وفتح الباب أمام الظلمة وعُبَّاد المال لتولي زمام الأمور، ما ينتج عنه أزمات وصراعات داخلية، تودي باستقرار المجتمع.