رئيس هيئة كبار العلماء عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ د / عبدالله بن محمد آل الشيخ د / صالح بن فوزان الفوزان صالح بن محمد اللحيدان د / صالح بن عبدالله بن حميد عبدالله بن سليمان المنيع د / عبدالله بن عبدالمحسن التركي د / سعد بن ناصر الشثري د / عبدالله بن محمد المطلق د / محمد بن عبدالكريم العيسى محمد بن حسن آل الشيخ سعود بن عبدالله المعج عبدالرحمن بن عبدالعزيز الكلية د / محمد بن محمد المختار د / يعقوب بن عبد الوهاب الباحسين د / يوسف بن محمد بن سعيد د / غالب بن محمد حامظي د / عبدالسلام بن عبدالله السليمان د / جبريل بن محمد البصيلي د / بندر بن عبدالعزيز بليله د / سامي بن محمد الصقير"
هيئة كبار العلماء في السعودية تصدر فتوى بشأن فايروس (كورونا) | دنيا الوطن
فذلكم الفرْقُ بين العلم الذي هو الإخبار عن المشاهدة بالعيْنِ وبين الإيمان الْمُعَدَّى بالباء لِتعلُّقِه بالغيب المنتظر. ثانيها: الإخبار عن الوحي ومنه الكتاب المنزل كما في قوله ﴿يَا أَبَتِ إِنِّـي قَدْ جَاءَنِـي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَـمْ يَأْتِكَ﴾[مريم 43] من قول إبراهيم. وكان يعقوب ذا علم كما في قوله ﴿وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِـمَا عَلَّمْنَاهُ﴾[يوسف 68] أي صاحبه بالوحي إليه. هيئة كبار العلماء في السعودية. وكان الرسل والنبيون هم ﴿أُولُوا الْعِلْمِ﴾ أي أصحابه كما في قوله ﴿شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلَــهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ﴾[آل عمران 18] ويعني أنْ قد علِم الملائكة وهم في الملإ الأعلى والرسل والنبيون بالوحي ما جعل شهادة كل منهم أنه لا إلـه إلا الله أكبرُ من شهادتنا نحنُ عامة الناس. وتنزَّل في سورتي الحجر والذريات وصْفُ إسحاق ﴿بِغُلَامٍ عَلِيمٍ﴾ إذ هو نبيٌّ يُوحَى إليه. واتَّفَقَ للرسُل والنبيين الوحيُ مع المشاهدة بالعين فوقع وَصْفُهم بالعلماءِ كما في قوله ﴿إِنَّـمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾[فاطر 28] وبينتُ تفصيلَه في موسوعتي للتفسير وأصوله. وكان صحابة كل نبيّ أو رسول الذين تعلّموا منه هم الذين ﴿أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ بالتجهيل كما في قوله ﴿وَمِنْهُم مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّـى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ ءَانِفًا﴾[القتال 16] يعني أن المنافقين لم يفقهوا القرآن إذ لم يتجاوزْ آذانَهم بل سألوا عن معانيه ودلالاته الذين ﴿أُوتُوا الْعِلْمَ﴾.
الحسن ولد ماديك – لا يا هيئة كبار علماء السعودية – رسالة بوست
فعُلم من هذا: أن كل ما يؤثر على وحدة الصف حول ولاة أمور المسلمين من بث شبه وأفكار، أو تأسيس جماعات ذات بيعة وتنظيم، أو غير ذلك، فهو محرم بدلالة الكتاب والسنة. موقع هيئة كبار العلماء السعودية. وفي طليعة هذه الجماعات التي نحذر منها جماعة الإخوان المسلمين، فهي جماعة منحرفة، قائمة على منازعة ولاة الأمر والخروج على الحكام، وإثارة الفتن في الدول، وزعزعة التعايش في الوطن الواحد، ووصف المجتمعات الإسلامية بالجاهلية، ومنذ تأسيس هذه الجماعة لم يظهر منها عناية بالعقيدة الإسلامية، ولا بعلوم الكتاب والسنة، وإنما غايتها الوصول إلى الحكم، ومن ثم كان تاريخ هذه الجماعة مليئاً بالشرور والفتن، ومن رَحِمها خرجت جماعاتٌ إرهابية متطرفة عاثت في البلاد والعباد فساداً مما هو معلوم ومشاهد من جرائم العنف والإرهاب حول العالم. ومما تقدم يتضح أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام، وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب. فعلى الجميع الحذر من هذه الجماعة وعدم الانتماء إليها أو التعاطف معها. والله نسأل أن يحفظنا جميعاً من كل شر وفتنة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وثالثها: الإخبار عن اتفاق أدوات الكسب والدراية على المعلوم كما في قوله ﴿أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِـحًا مُرْسَلٌ مِن رَبِّهِ﴾[الأعراف 75] ولقد وقع من الخواصِّ تدليسُ العوامِّ في بيان قوله ﴿وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ﴾[البقرة 282] إذ ليست التقوى شرطا لزيادة العلم وحصوله من غير تعلُّم وكسْب وإلا لانتفَى الفرق بينه وبين قولنا "واتقوا اللهَ يُعَلِّمْكُم اللهُ" بجزم الفعل أي بإسكان الميم على جواب فعل الأمر والخطاب وعلى نسق الْمُتَّفَق على قراءته في قوله ﴿فَاتَّبِعُونِـي يُـحْبِبْكُمُ اللهُ﴾ [آل عمران 31]. إن قوله ﴿وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ﴾ [البقرة 282] لَمُتَّفَقٌ على قراءته برفع الفعل ﴿وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ﴾ والمعنى اتقوا اللهَ واللهُ يعلِّمُكم ما تتّقونه به أي أن اللهَ لم يكلف العبادَ بتقواه كما يتصوَّرُه كل واحد منهم ويتّخذه دِينا لنفسه وإنما اللهُ يُبيّن لهم ما يتّقونه به وهو مما يُعَلِّمُهم إذ نزل من عنده في الكتاب وعليهم تعلُّمُه بالكسْب والمدارسة والاستقصاء والاستقراء وكما في قوله ﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّـى يُبَيِّنَ لَـهُم مَّا يَتَّقُونَ﴾ [التوبة 115].
في نظر بعض المعنيين بالشأن الثقافي، قد لا تعدو هذه الأطروحة التي تحاول ممارسة الإغواء بالقراءة النوعية أن تكون طموحا مثاليا متجاوزا لشروط الواقع الثقافي العربي، وذلك بالنظر إلى حقيقة تدني مستويات القراءة الأولية في العالم العربي إلى الحضيض. فالإحصائيات الرقمية تدعمهم، إذ تشير إلى أن 50% من الذين تجاوزت أعمارهم الخامسة عشرة في العالم العربي هم أميّون لا يعرفون القراءة والكتابة. فهم من حيث وجودهم كمواد خام للفعل القرائي غير قابلين للتفعيل القرائي أصلاً، فضلا عن طرح مسألة القراءة النوعي كخيار استراتيجي لتحرير الذات رهاناً على هؤلاء. لاشك أن هذا واقع مزرٍ ومحبط لكل الآمال. لكن، مع كل هذا الواقع المخيب للآمال، لا يجوز الاستسلام لعبودية الجهل بحال. وإذا كنا سنتحدث بعد قليل عن بعض السُّبل التي يمكن أن ترفع من درجة النشاط القرائي على وجه العموم، فإننا نؤكد هنا أن طرحنا لمسألة القراءة النوعية لا يعني أن يكون كل قارئ ناشط في فعل القراءة قارئاً نوعياً، إذ يكفي أن تكون هناك شريحة فاعلة في الخطاب الثقافي، شريحة نوعية مؤثرة تصدر عن قراءات نوعية، بحيث يكون لهذا الفعل التثقيفي/ التحرري طريق إلى عقول الجماهير القارئة، هذه الجماهير التي لن تكون بمستوى واحد من حيث انفعالها بتعدد الخطابات المعرفية ولا بمصائر التفاعل الثقافي.
ونحن عندما نؤكد على (القراءة النوعية) فإنما نؤكد على النوعية من ناحيتين: من ناحية (نوعية المقروء) موضوع القراءة، وهو الذي تقتضي النوعية فيه أن يتوفّر على مستوى عال من الإبداع والبعد عن التكرار الاتباعي السائد في الخطاب النقلي، ومن ناحية (نوعية فعل القراءة)؛ حيث يقتضي الأمر هنا أن تكون القراءة نقدية تفاعلية، غير اتباعية/ غير تلقينية، بل يتم الاشتغال بها وعليها كفعل مواجهة مستمرة مع الفضاء التأويلي الذي هو دائما ميدان معركة خفية مع إرادتين متمايزتين، أو يجب أن تكونا متمايزتين: إرادة المؤلف من جهة، وإرادة القارئ من جهة أخرى، فضلا عن إرادة النص كوجود مستقل، أو يُفترض أنه مستقل عن هذا وذاك. تبعا لهذ المفهوم الذي نتقصّده في تحديد الذاتية المتحررة، وفي تحديد النوعية في القراءة؛ يصبح التحريض على فعل القراءة تحريضا مباشرا على الحرية، وتصبح القراءة ثورة، فالحرية تتحقق ضرورة للفرد وللمجموع بالتناسب مع فعل القراءة، وتحديدا القراءة في بعدها النوعي: نوعية موضوع القراءة/ المقروء، ونوعية الفعل القرائي. ومن هنا تأتي ضرورة الاشتغال عليها كفعل نضالي للتحرر من كل أشكال الاستبداد التى تمارسها الثقافات المهيمنة أو المؤسسات القامعة التي لا تشتغل إلا على ذوات غير متحررة ثقافيا/ عقليا.
وهو تصور ناتج عن الثقافة التلقينية، أي أولئك الذين تعودوا على تلقي المعرفة (أو ما يظنونه معرفة) كمقولات ناجزة تُلقى عليهم أو يتلقونها بسلبية من كتاب. فهؤلاء يعتقدون أن الإعلام المرئي يمنحهم الراحة (السلبية) في تلقي المعرفة. ومن ثم لا يرون أن ثمة حاجة ماسة لتفعيل الاهتمام القرائي في المنزل، خاصة وأن المرئي يتوفر فيه طابع الاشتراك التفاعلي في المشاهدة، ومن ثم متعة التواصل.. إلخ، بينما الفعل القرائي له طابع التفرد والانعزال. يذكر نجيب محفوظ في رصده لتأثر التلفزيون على اهتمامات الناس، أن التلفزيون أخذ بضربة واحدة نصف الوقت الذي كان مُخصصاً للقراءة عند كثير من المتعلمين. نجيب محفوظ شهد مرحلة ما قبل التلفزيون وما بعده، عاش طويلا قبله، كما عاش طويلا بعده. ومن هنا، فهو يلاحظ الأثر الذي تركه التلفزيون من حيث هو جهاز ترفيهي إعلامي تثقيفي. وبما أن الطبيعة البشرية تميل إلى الأمتع والأسهل والأقرب والمباشر.. إلخ مما يوفره الإعلام المرئي بامتياز، فستتنازل عن كل إغراءات القراءة المؤجلة واللامباشرة، لصالح الأمتع والأسهل والأقرب المتوفر في الإعلام المرئي. طبعا، وكما قلت في أول المقال، القراءة الحقيقية ليست فعلا ترويحيا ترفيهيا (حتى وإن وفرت الترويح والترفيه بنسبة ما)، بل هي فعل نضالي تحرري يتجاوز بالإنسان وضعه الطبيعي/ البدائي/ الغرائزي.