في محكم التنزيل يقول رب العزة والجلال بسورة «نوح»: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا. وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا. مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}. وبسورة «آل عمران» يقول جل وعلا: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ}. وفيما روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «علمني دُعاء أدعو به في صلاتي؟ قال صلى الله عليه وسلم: قل: "اللهم إني ظلمتُ نفسي ظُلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم". واستغفروا ربكم انه كان غفارا. وفي حديث بصحيح ابن ماجه للألباني: أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أقول حين أسأل ربي؟ فقال صلى الله عليه وسلم قل: "اللهم اغفر لي، وارحمني، وعافني، وارزقني، فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك". إنها أبواب المغفرة الواسعة، فالحق سبحانه وتعالى يقول بسورة النساء: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}.
واستغفروا ربكم إنه كان غفارا 1-2
وقد ذكر ابن رجب الحنبلي في كتابه لطائف المعارف: أن ابن عمر رضي الله عنهما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب، فأنكرت الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما أم المؤمنين عائشة ذلك عليه وابن عمر يسمع، فسكت. غير أن الفاروق عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين الذي قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي». استحب الاعتمار في رجب ليس هو وحده وإنما هو وآخرون من الصحابة وكانت عائشة تفعله وابن عمر رضي الله عنهما. وفيما ذكر فضيلة الدكتور سعد الشويعر فيما كتب بجريدة "الجزيرة" عدد (9556) بعنوان (رجب وشعبان وما قيل فيهما): "أن بعض السلف كانوا يصومون الأشهر الحُرم كلها"... واستغفروا ربكم إنه كان غفارا (2-2) - مقالات مع الفجر. والذي لا شك فيه أن التقرب إلى الله بالنوافل من أفضل الأعمال التي يحسن بالمسلم أن يؤديها وبالذات في الأشهر الحُرم من صيام وقيام وصدقة وأمر بالمعروف واجتناب المنكر. السطر الأخير: يقول الحق سبحانه وتعالى بسورة المزمل: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
واستغفروا ربكم إنه كان غفارا (2-2) - مقالات مع الفجر
01-07-2018
لوني المفضل
Darkred
رقم العضوية: 2
تاريخ التسجيل: Jan 2018
فترة الأقامة: 1575 يوم
أخر زيارة: منذ أسبوع واحد (05:42 AM)
المشاركات:
20, 196 [
+]
التقييم:
10
بيانات اضافيه [
استغفروا ربّكم إنّه كان غفّارا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دخل رجل على الإمام الحسن البصري
فقال:" يا إمام إنّ السّماء لا تمطر "؟
فقال: " استغفر الله "
ثمّ دخل رجل آخر. فقال:" إن زوجتي لا تنجب "؟
فقال:" استغفر الله ". ثمّ دخل رجل ثالث
فقال:" إني أشكو الفقر" ؟
قال أحد الجالسين:
"عجبنا لكـ يا إمام أكلما دخل عليكـ رجل
يسألك حاجة تقول له استغفر الله "!!
فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ** أي سلوه المغفرة من ذنوبكم السالفة بإخلاص الإيمان. {إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً** وهذا منه ترغيب في التوبة. {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً**
أي يرسل ماء السماء و {مِدْرَاراً ** ذا غيث كثير:
لما كذبوا نوحا زمانا طويلا حبس الله عنهم المطر، وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة؛ فهلكت مواشيهم وزروعهم، فصاروا إلى نوح عليه السلام واستغاثوا به. فقال
{اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً**
أي لم يزل كذلك لمن أناب إليه. ثم قال ترغيبا في الإيمان:
{يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً. وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً**: علم نبي الله صلي الله عليه وسلم أنهم أهل حرص على الدنيا فقال: "هلموا إلى طاعة الله فإن في طاعة الله درك الدنيا والآخرة". - في هذه الآية والتي في "هود" دليل على أن الاستغفار يستنزل به الرزق والأمطار. واستغفروا ربكم إنه كان غفارا 1-2. خرج عمر يستسقي فلم يزد على الاستغفار حتى رجع، فأمطروا فقالوا: ما رأيناك استسقيت؟ فقال: لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر؛ ثم قرأ:
{اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً.
وكلامهم مردود، فالشاهد أنه ما نصّ له الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا بدليل أنّ أبا هريرة قال (فكان خُبيب أوّل من سنّ ركعتين عند التقديم للقتل). وروى البخاري أن عمر بن الخطاب حين نظر في الناس يُصلون التراويح متفرقين قال (لأجمعنّ هؤلاء في صلاة رجل واحد) ثم جاء في اليوم الثاني وهم يصلّون جماعة خلف إمام فأعجبه ذلك فقال (نعْمَةِ البدعة هذه). ومن عجيب أمر نُفاة التوسل أنّ أحدهم حين أورد عليه قول عمر هذا قال أخطأ عمر!!! وروى البخاري أن عثمان بن عفان حين رأى زيادة الناس يوم الجمعة عمل أذانًا ثانيًا فلم يعترض عليه أحدٌ من الصحابة ولا من جاء بعدهم. وروى أبو داود السجستاني في كتاب المصاحف أنّ أوّل من أحدث تنقيط المصحف هو التابعيّ الجليل يحيى بن يعمر. (2) “حسن المقالة في حديث كل بدعة ضلالة” – الموقع الرسمي للدكتور وليد ابن الصلاح. وأوّل من أحدث الهمزات والشدّات في المصحف هو الحسنُ البصريّ. وفي صحيح البخاري أنّ عمر بن الخطاب زاد في التلبية على تلببية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن تلبية الرسول كانت (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك) فزاد عمر (لبيك اللهم وسَعدَيْك والخيرُ كلّه في يديك والعمل والرغباء إليك) فلم يعترض عليه أحد من الصحابة ولا من جاء بعدهم.
(2) “حسن المقالة في حديث كل بدعة ضلالة” – الموقع الرسمي للدكتور وليد ابن الصلاح
وهكذا البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها من البدع؛ لأن هذا حدث بعد النبي ﷺ؛ ولأن أصحابها يتقربون به إلى الله، وهو مما يبعدهم من الله، وهو من البدع التي توقع في الشرك وقد حذر منه النبي ﷺ فقال: ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك. وقال عليه الصلاة والسلام: لعن الله اليهود و النصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ونهى عن تجصيص القبور القعود عليها والبناء عليها، فالذي يبني عليها المساجد والقباب قد ابتدع في الدين وخالف نص الرسول ﷺ وأتى بأمر وسيلة إلى الشرك، وهكذا وضع الستور عليها والأطياب من البدع، ومن وسائل الشرك. وهكذا الاحتفال بموت فلان أو بولادته فلان هذه من البدع أيضاً، ومن ذلك الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم لا أصل له، لم يفعله الرسول ﷺ ولا أصحابه ، ولا العلماء والأخيار في القرون المفضلة، إنما حدث بعد القرون الثلاثة، حدث في المائة الرابعة وما بعدها. والمسلم ليس له أن يتقرب إلا بشيء شرعه الله، كما تقدم في الأحاديث.
الفوائد من الحديث:
1- الوعظ والنصح والإرشاد منهاج الرسل وطريق الدعاة. 2- حرص النبي صلى الله عليه وسلم على موعظة أصحابه؛ حيث يأتي بالمواعظ المؤثرة التي توجل منها القلوب، وتذرف منها العيون. 3- قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: حق على الإمام أن يحكم بالعدل، ويؤدي الأمانة، فإذا فعل ذلك وجب على المسلمين أن يطيعوه، وألا يأمر بمعصية الله، فإن أمر بمعصية فلا سمع له ولا طاعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنما الطاعة بالمعروف)) [14]. 4- ظهور آية من آيات الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال: ((من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا))، والذين عاشوا من الصحابة رأوا اختلافًا كثيرًا، كما يعلم ذلك من التاريخ. 5- لزوم التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، لا سيما عند الاختلاف والتفرق. 6- التحذير من محدثات الأمور، والمراد بها المحدثات في الدين. 7- التحذير من الابتداع في أمور الدين؛ قال عبدالله بن مسعود: اتبعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كفيتم، وقال رجل لابن عباس رضي الله عنهما: أوصني، قال: عليك بتقوى الله، والاستقامة، واتبع ولا تبتدع. [1] السير (3/ 421). [2] السير (3/ 419) تهذيب التهذيب (7/ 174 رقم 340) الإصابة (2/ 473 رقم 5501) أسد الغابة (4/ 19 رقم 3624).