الحمد لله. اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (ت: العقل) (ط. الرشد) - المكتبة الوقفية للكتب المصورة PDF. كتاب "اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم"، لشيخ الإسلام أحمد ابن تيمية رحمه الله سنعرض له في عدة نقاط أخذًا من دراسة الشيخ "ناصر العقل" له، وتحقيقه للكتاب هو أفضل تحقيق له، وهو مطبوع. وقد عرض الشيخ "العقل" الكتاب عرضًا وافيًا في مقدمة تحقيقه (1/ 34- 68)، وسنأخذ أهم النقاط التي ذكرها، فمن ذلك:
1- يتضح للقارئ من عنوان الكتاب "اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم" أن الموضوع الرئيس للكتاب التنبيه على قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام وأصوله، وهي: النهي عن التشبه بالكفار، والأمر بمجانبة هديهم على العموم، وأعيادهم على الخصوص، وبيان حكمة ذلك، وما جاءت به الشريعة من مخالفة أهل الكتاب والأعاجم ونحوهم، وأصل هذه المسألة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهدي السلف الصالح، واستقراء الآثار في ذلك. 2- وكتاب "اقتضاء الصراط المستقيم" بجملته يعتبر دراسة تفصيلية فريدة لهذا الموضوع المهم والخطير في حياة المسلمين؛ فإن المؤلف رحمه الله استوفى مسألة النهي عن مشابهة الكفار، من أصولها وفروعها، وأدلتها العقلية والنقلية، وما ورد فيها من آثار ومواقف عن سلف الأمة، بأسلوب علمي رصين، يشبع القارئ ويجعله يشعر أنه أمام قضية واضحة المعالم، بينة المسالك، جلية الدليل والحكم، فلا يخرج من مسألة بحثها المؤلف إلا وقد فهمها، واقتنع بأدلتها، وما توصل فيها من حكم.
- بيان معنى: (الصراط المستقيم)
- اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (ت: العقل) (ط. الرشد) - المكتبة الوقفية للكتب المصورة PDF
بيان معنى: (الصراط المستقيم)
في الآية 101 من سورة آل عمران نقرأ: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ، وفي الآية 175 من سورة النساء: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}. 3- وفي الآيات 150 – 153 من سورة الأنعام يذكر الله تعالى مجموعة من الاوامر والنواهي، مثل: النهي عن الشرك، لزوم الاحسان للوالدين، عدم قتل الاولاد خشية الاملاق، عدم اقتراف الفواحش والمنكرات الظاهرة والباطنة، عدم قتل النفس المحترمة، عدم المساس بمال اليتيم الا لمصلحة اليتيم، ولزوم الوفاء بالكيل والميزان في التعامل الاقتصادي، والالتزام بالعدل في القول، والوفاء بعهد الله …، بعد كل هذه الاوامر والوصايا والنواهي الهامة يقول تعالى: {وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. 4- وفي آيات من سورة المائدة نقرأ بأنّ من شروط الهداية الى الصراط المستقيم اتباع رضوان الله تعالى، فمن يبتغي رضا عباد الله دون رضوان الله سبحانه لا يتوقع الهداية الى الصراط المستقيم.
اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (ت: العقل) (ط. الرشد) - المكتبة الوقفية للكتب المصورة Pdf
يقول تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}. إذن، فلكي يكون الواحد منا صادقاً في دعائه اليومي: {اهدِنَا الصِّراطَ المُستَقِیمَ} لابد أن يوفر شروط ومستلزمات الكون على هذا الصراط، وكل تلك الشروط والمستلزمات تُصنّف في دائرة العبودية لله تعالى، وتحت عنوان عبادة الله.
الأصل الأول: إخبار الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم القاطع الأكيد، بأن أمته ستتبع سنن الأمم التي سبقتها من اليهود والنصارى، وفارس والروم، ونحوهم، شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، وهذا يعني أن طوائف من هذه الأمة سوف تتشبه بالكفار قطعًا. الأصل الثاني: إخباره صلى الله عليه وعلى آله وسلم القاطع والأكيد أيضًا، بأن الله تعالى تكفل بحفظ الدين، وأنه لا تزال طائفة من المسلمين على الحق ظاهرين حتى تقوم الساعة، وأن الأمة لا تجتمع على ضلالة. 5- ونبه على قواعد أساسية في التشبه من خلال استعراض الأدلة من القرآن الكريم، ثم من السنة المطهرة، الواردة في النهي عن تشبه المسلمين بالكفار، وإجماع المسلمين في العصور الفاضلة على ذلك، أن يوصلنا إلى النتائج التالية:
* أن جنس المخالفة للكافرين والأعاجم ونحوهم، أمر مقصود للشارع، وأن التشبه بهم منهي عنه في الجملة، في عامة أمورهم الدينية والدنيوية. * أن هناك أمورًا خصت بالنهي، ووردت بها السنة بعينها، كالبناء على القبور، واتخاذها مساجد، وحلق اللحى وإعفاء الشوارب، والأكل والشرب بالشمال، ونحو ذلك. * أن مخالفتهم في عامة أمورهم أصلح لنا- نحن المسلمين- في دنيانا وآخرتنا. * أن تشبه فئة من المسلمين بالكفار، أمر لا بد أن يقع، مصداقًا لإخبار الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذلك، وأن الله تعالى حذَّر من ذلك، وأمر المسلمين بالاستمساك بالحق، والثبات والصبر رغم وقوع طوائف منهم بالمحذور.