(2)
_______________________
(1) تفسير القرآن العظيم: ابن كثير، 5/ 663، تحقيق: أ. د حكمت بشير ياسين، دار ابن الجوزي، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1431 هـ. (2) تفسير القرآن العظيم، 5/ 663 - 664.
تفسير سورة النمل الآية 16 تفسير ابن كثير - القران للجميع
قال العلامة الطاهر ابن عاشور، رحمه الله:
" طوى خبر ملك داود وبعض أحواله إلى وفاته لأن المقصود هو قصة سليمان كما قدمناه آنفا. وقد كان داود ملكا على بني إسرائيل، ودام ملكه أربعين سنة، وتوفي وهو ابن سبعين سنة، فخلفه سليمان، فهو وارث ملكه ، والقائم في مقامه في سياسة الأمة ، وظهور الحكمة ، ونبوءة بني إسرائيل والسمعة العظيمة بينهم. فالإرث هنا مستعمل في معناه المجازي ، وهو تشبيه الأحوال الجليلة بالمال ، وتشبيه الخِلْفة بانتقال ملك الأموال ؛ لظهور أنْ ليس غرضُ الآية إفادة من انتقلت إليه أموال داود ، بعد قوله: ( ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا) [النمل: 15] ؛ فتعين أن إرث المال غير مقصود ؛ فإنه غرض تافه، وقد كان لداود أحد عشر ولدا، فلا يُختص إرث ماله بسليمان، وليس هو أكبرهم، وكان داود قد أقام سليمان مَلِكا على إسرائيل. وبهذا يظهر أن ليس في الآية ما يحتج به لجواز أن يورث مال النبيء، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نورث ما تركنا صدقة. " انتهى، من "التحرير والتنوير" (19/235). وورث سليمان داود وقال. وتعبير ابن عطية بأنه (تركها له)، يوحي أنَّها وقعت في ملك سليمان تبعًا لوراثته الملك ، وهي من جملة الملك.
سليمان عليه السلام هو ؟ قال تعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ) [1] ، في هذا المقال ستنعرف على أحد الشخصيات البارزة في بني اسرائيل، والتي أمدها الله سبحانه وتعالى بمعجزات ميزتها عن سائر خلقه، ففي هذا المقال سنذكر هذه المعجزات، ونبين سبب إعطاء الله لسليمان هذه المعجزات، وسنوضح تفاصيل قصته مع النمل. سليمان عليه السلام هو ؟
سليمان هو نبيّ من أنبياء بني إسرائيل، ورد ذكرُه في القرآن الكريم في سبع سورٍ ، وفي ستّ عشرة آية، وهو ابن داوود عليه السلام، مَلَك بعد أبيه، وآتاه الله النّبوّة، قال عز وجل: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ) [2] ، وقد كان ذكره في القران ملازماً للنعم المترادفة التي أنعم الله عليه وعلى أبيه داوود عليهما السلام، ولسليمان العديد من القصص التي وردت في كتاب الله العزيز، كقصته مع النمل، وقصته مع الهدهد وملكة سبأ، وقصته مع الجن. معجزات سيدنا سليمان
تمكن النبي، من إقامة حضارة واسعة شملت البر، والبحر، والجو بهذه المعجزات، وفيما يلي معجزاته: [3]
تسخير الريح: يقول الله تعالى: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا) [4] ،وكانت ريحا عاصفة، شديدة، قوية، لكنها شدة تفيد ولا تضر؛ ولذا وصفها الله بأنها رخاء، ولينة وقد بلغ من سرعة الريح أن المسافة التي يسيرها الناس في شهرين مسرعين، تقطعها الريح في يوم واحد، وقد استعملها النبي لنصرة عبادة الله، وكانت الريح تسوق الماء إلى الجهة التي يشاؤها ، كما كانت تحرك السحاب إلى ما يأمر به لتمطر فيه.