⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد قوله ﴿يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ﴾ قال: سبحي. ⁕ حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة ﴿يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ﴾ أي: سبحي معه إذا سبح. ⁕ حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله ﴿يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ﴾ قال: سبحي معه، قال: والطيرُ أيضًا. ⁕ حُدثت عن الحسين قال سمعت أبا معاذ يقول أخبرنا عبيد قال سمعت الضحاك يقول في قوله ﴿يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ﴾ قال: سبحي. ⁕ حدثنا عمرو بن عبد الحميد قال ثنا مروان بن معاوية عن جويبر عن الضحاك قوله ﴿يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ﴾ سبحي معه. * * *
وقوله ﴿وَالطَّيْرَ﴾
وفي نصب الطير وجهان: أحدهما على ما قاله ابن زيد من أن الطير نوديت كما نوديت الجبال فتكون منصوبة من أجل أنها معطوفة على مرفوع بما لا يحسن إعادة رافعه عليه فيكون كالمصدر [[لعله كالمصروف عن جهته. يا جبال اوبي معهد. ]] عن جهته، والآخر: فعل ضمير متروك استغني بدلالة الكلام عليه، فيكون معنى الكلام: فقلنا يا جبال أوبي معه وسخرنا له الطير. وإن رفع ردا على ما في قوله: سبحي من ذكر الجبال كان جائزًا، وقد يجوز رفع الطير وهو معطوف على الجبال، وإن لم يحسن نداؤها بالذي نوديت به الجبال، فيكون ذلك كما قال الشاعر:
ألا يا عمرُو والضحاكَ سِيرا... فقد جاوزتما خَمَرَ الطريقِ [[البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة ٢٦١) قال في قوله تعالى: (يا جبال أوبي معه والطير): منصوبة على جهتين: إحداهما أن تنصبهما بالفعل، بقوله: (ولقد آتينا داود منا فضلا) وسخرنا له الطير، فيكون مثل قوله: أطعمته طعاما وما تريد، وسقيته ماء.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة سبإ - الآية 10
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (١٠) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١) ﴾
يقول تعالى ذكره: ولقد أعطينا داود منا فضلا وقلنا للجبال ﴿أَوِّبِي مَعَهُ﴾: سبحي معه إذا سبح. والتأويب عند العرب: الرجوع ومبيت الرجل في منزله وأهله، ومنه قول الشاعر:
يَوْمَانِ يَومُ مقاماتٍ وأنديةٍ... ويومُ سَيرٍ إلَى الأعْدَاءِ تَأْوِيبِ [[البيت لسلامة بن جندل. قاله أبو عبيدة في (مجاز القرآن، مصورة الجامعة رقم ٢٦٠٥٩ ص ١٩٧ - ب) وانظره في المفضليات طبع القاهرة سنة ١٩٢٦ والتأويب أن يبيت في أهله. قال سلامة بن جندل: (يومان... البيت). استشهد به (اللسان: أوب) ونسبه لسلامة وقال: التأويب أن يسير النهار أجمع، وينزل الليل. وقيل: هو تباري الركاب في السير. قال: سلامة... البيت. ثم قال التأويب في كلام العرب: سير النهار كله إلى الليل. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة سبإ - الآية 10. يقال: أوب القوم تأويبا: أي ساروا بالنهار. و (في اللسان: أوب): والتأويب: الرجوع. وقوله عز وجل: (يا جبال أوبي معه) ويقرأ: (أوبي معه) أي بضم الهمزة.
تفسير قوله تعالى: "يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ" - الشيخ صالح المغامسي - YouTube