صفةُ الحبِّ صفةٌ من صفات الله عز وجل، وهي صفة من الصفات الفِعلية، التي تتعلَّق بأفعاله سبحانه، فتدخل تحت مشيئته؛ إن شاء فعلها، وإن شاء لم يفعَلْها. وحبُّه تعالى ليس كحبِّ المخلوق، بل هو حبٌّ يليق بجلاله وعظمته، فكما أن ذاته سبحانه ليست كذاتِ المخلوق، فكذلك صفاته ليست كصفات المخلوق، وحب الله ثابتٌ بالكتاب والسنة، لا نعرف كيفيتَه، ولكن نُدرِك أثره. ومن علامات حب الله للعبد:
1- القبول له في الأرض:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (( إذا أحبَّ الله العبدَ نادى جبريل: إن الله يحبُّ فلانًا فأحبِبْه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانًا فأحِبُّوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض))؛ صحيح البخاري 3209. 2- أن يُقرِّبه الله من نفسه، ويحبب إليه طاعته، وييسر له فعل الخيرات، ويبعده عن الذنوب والمحرَّمات:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل يعطي الدنيا مَن يحب ومَن لا يحب، ولا يعطي الدينَ إلا لمن أحب، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه))؛ رواه أحمد، وصححه الألباني. فيشغل لسانَه بذِكرِه، وجوارحَه بطاعته، ويؤنسه بمناجاته في الخلوات، ويوقظه من غفلته، فيكون دومًا موصولًا بربه، قد جعل الآخرةَ همَّه.
ما هي علامات حب الله تعالى لعبده المؤمن؟.. «الإفتاء» تجيب | بوابة أخبار اليوم الإلكترونية
وكذلك يكتب الله -سبحانه وتعالى- لعبده القبول في قلوب المؤمنين في الحياة الدنيا ، فيحبّه كل من عايشه من المتقين ،ويعرفون فضله وكرامته ،ويثنون عليه بالخير والصّلاح؛ ففي الصحيحين: ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: « إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا ، فَأَحِبَّهُ. فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ » ، ثالثا: من علامات حب الله للعبد: أن يُيسّر الله -سبحانه وتعالى- للعبد العمل الصّالح قبل موته، فيلقى ربّه -عزّ وجلّ- يوم القيامة وقد ختم حياته في الدُّنيا بعمل صالح، ففي سنن الترمذي: ( عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ ».
يجعل الله سبحانه وتعالى العبد صابراً شاكراً في كل الظروف سواء في السراء أو في الضراء، فإذا أصابته نعمة شكر الله عليها وإذا أصابته ضراء صبر واحتسب ذلك عند الله. يبعده الله عن البعد عن المعاصي والآثام وارتكاب الذنوب، وكذلك يجعل أخلاقه حسنة في كلّ الأوقات ويجعل أحد أهمّ سماته الخلق الحسن، وطيبة القلب فيكون أبعد ما يمكن عن الكره، والبغض، وقسوة القلب، فعن أسامة بن شَريك رضي الله عنه قال: (كنا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم كأنما على رؤوسنا الطَّير، ما يتكلَّم منا متكلِّم، إذ جاءه أناس، فقالوا: مَن أحبُّ عباد الله إلى الله تعالى؟ قال: " أحسنُهم خُلقًا)[صحيح الترغيب]. يكون حب الله للعبد على شكل توفيق في كافة أمور الحياة فنراه موفقاً في عمله وفي دراسته وفي كافّة مجالات الحياة المختلفة، ويكون ناجحاً في حياته وبالتالي يُصبح قدوةً للكثير من الناس.
139 من: (باب علامات حب الله تعالى العبد والحث على التخلق بها والسعي في تحصيلها)
والعكس بالعكس: مَن أبغضه الله نادى جبرائيلَ فقال: إني أُبغض فلانًا فأبغضه ، فيُبغضه جبرائيل، ثم ينادي في السماء: إنَّ الله يُبغض فلانًا فأبغضوه، ثم تُوضع له البَغْضَاءُ في الأرض. فأنت يا عبدالله جديرٌ بك أن تجتهد في طاعة ربك والتقرب إليه بما يُحبّ، والحذر من مساخطه، فإنَّ هذا كله من أسباب محبَّة الله لك. الحديث الثالث
وهكذا حبّ القرآن، وحبّ سور القرآن، وحبّ أسماء الله؛ من أسباب محبَّة الله للعبد، فكما في قصة الذي يُصلي بأصحابه ويقرأ بـ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، فقال له أصحابُه: لماذا لا تكتفي بها وتقرأ معها غيرها؟ فقال: إنها صفةُ الرحمن، وأنا أُحبّها، فقال النبيُّ ﷺ لما أخبروه: أخبروه أنَّ الله يُحبّه ، وفي اللفظ الآخر قال: حُبُّك إيَّاها أدخلك الجنةَ. فكون الإنسان يُحب تلاوة القرآن، ويأنس بذلك، ويُسَرُّ بذلك، ويجتهد في ذلك؛ هذا من أسباب محبَّة الله له، ومن أسباب توفيق الله له، وهدايته له، فحبّ صفات الرحمن وأسمائه جل وعلا، وحبّ كتابه الكريم، والتَّلذذ بقراءته، والأنس بقراءته، كلُّ هذا من أسباب محبَّة الله للعبد، ومن أسباب أنَّ الله يُوفِّقه لعملٍ صالحٍ يدخل به الجنة............
رزق الله الجميع التوفيقَ والهدايةَ.
وقال تعالى: ﴿ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ﴾ [المائدة: 54]؛ يجاهدون بالسيف والسِّنان، والحُجة والبيان، ولا يخشَون في الله لومة لائم. وقال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31]؛ يتَّبعون السُّنة، ويتجنَّبون البدعة، اللهم اجعلنا ممن تحبُّهم ويحبونك. فلَيْتَك تَحلو والحياةُ مريرةٌ
ولَيْتَك ترضَى والأنامُ غِضابُ
وليتَ الَّذي بيني وبينَكَ عامرٌ
وبيني وبينَ العالَمينَ خَرابُ
إذا صحَّ مِنْكَ الودُّ فالكلُّ هيِّنٌ
وكلُّ الذي فوقَ التُّرابِ تُرابُ
علامات محبة الله للعبد ....!!!
وبيَّن أهل العلم أن الذي يُمسَك عنه هو المنافق ، فإن الله يُمسِك عنه في الدنيا ليوافيه بكامل ذنبه يوم القيامة. فاللـــهم اجعلنا من أحبابـــــك فإذا أحبك الله فلا تسل عن الخير الذي سيصيبك.. والفضل الذي سينالك.. فيكفي أن تعلم بأنك " حبيب الله ".. فمن الثمرات العظيمة لمحبة الله لعبده ما يلي: أولاً: حبُّ الناسِ له والقبول في الأرض ، كما في حديث البخاري (3209): " إذا أحبَّ الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلاناً فأحببه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض ".
الحديث الأول والثاني
وهكذا في الحديث الصحيح يقول الله جلَّ وعلا: مَن عادى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب ، مَن عادى أولياء الله أبغضه الله، ومَن أحبَّهم أحبَّه الله، وأولياء الله هم المؤمنون، قال تعالى: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:63]، فأولياء الله هم أهل الإيمان والتقوى والهدى، فمَن أحبَّهم أحبَّه الله جل وعلا، وهم محبوبون لله . مَن عادى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب، وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنَّوافل حتى أُحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبْصر به، ويده التي يبطش بها، ورجلَه التي يمشي بها ، هذا يُبين أنَّ عناية العبد بالفرائض والنوافل والاستقامة على هذا من أسباب محبَّة الله له، فهو بأداء الفرائض وترك المحارم من أولياء الله، والله يُحبُّ أولياءه، وإذا زاد على هذا فتقرَّب بالنوافل وترك المكروهات كان ذلك أكمل في حبِّ الله له، وهو سبحانه يُحبُّ عبادَه المؤمنين، ويكره الكافرين. فأنت يا عبدالله بطاعتك إياه سبحانه، واستقامتك على دينه، وعنايتك بالنوافل والتَّقرب إلى الله بها؛ كل هذا من أسباب كمال محبَّة الله لك، ومن فضل محبَّة الله للعبد، ومن جوده وكرمه عليه أنه يُنادي جبرائيلَ ويقول: يا جبرائيل، إني أُحبُّ فلانًا فأحبّه ، فيُحبّه جبرائيل، ثم يُنادي جبرائيلُ في السماء: إنَّ الله يُحبُّ فلانًا فأحبُّوه، ثم يُوضَع له القبول في الأرض بسبب محبَّة الله له ومحبَّة الملائكة له.