[٦] حيث كان النبيّ يعظهم خوفاً عليهم من استحقاق العذاب يوم القيامة ورأفةً بهم ممّا قد يحلّ بهم، ثمّ إنّ العاقبة والمرجع يوم القيامة إلى الله -تعالى- وحده، فيحاسبهم ويجازيهم على أعمالهم، قال -تعالى-: (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم). [٧] [٦]
التعريف بالسورة
تعدّ سورة الغاشية من السور المكيّة بالاتّفاق، وقد نزلت بعد سورة الذّاريات، ويبلغ عدد آياتها ستّاً وعشرين آية، وترتبط السورة مع سورة الأعلى التي جاءت قبلها بما ذكرته سورة الأعلى من الجنّة والنّار، وحال المؤمن والكافر إجمالاً، وقال فيها -تعالى-: (فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى)، [٢] فجاءت سورة الغاشية لتبيّن ما ذكرته الأعلى على وجه التفصيل. [٨] وذكر أبو حيان أنّ سورة الغاشية جاءت لتبيّن أنّ الناس ينقسمون إلى قسمين؛ قسم في الجنّة وآخر في النّار، وقالوا إنّ سورة الأعلى اختتمت بالترغيب بالآخرة، فقال -تعالى-: (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى)، [٩] فجاءت سورة الغاشية بعدها لتبيّن هذه الأحوال التي رغّبت فيها سورة الأعلى من قبلها. فضل سورة الغاشية وخواصها. حيث إنّ وجود سورة الغاشية بعد سورة الأعلى لتبيّنها وتشرحها، [٨] وقد سُمّيت سورة الغاشية بهذا الاسم كونها تتحدّث عن يوم القيامة وما فيه من الأهوال والأحداث، والغاشية هو اسم من أسماء القيامة، ومعناه ما يغشى النّاس كلّهم.
فضل سورة الغاشية وخواصها
( لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ): أي لست عليهم بجبار تقهرهم على الاستجابة وتكرههم على الإيمان! ( إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ): إلا بمعنى لكن ، لأنّ الاستثناء منقطع ، يعني المستثنى من غير جنس المستثنى منه ، والتولي هو الإعراض عن الذكر ، والاستجابة لنداء الحق. ( فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ): أي العذاب الذي لا عذاب فوقه ، وهو عذاب أبدي سرمدي موجع مُدمِّر! ( إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ): أي رجوعهم بعد البعث إلينا دون غيرنا. ( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ): أي نتكفل وحدنا بحسابهم وتقريرهم بذنوبهم. هدايــــــــة الآيــــــــات. في مستهل هذه السورة العظيمة ، يسوقُ الله تعالى جملة من أحداث القيامة بادئاً الحديث في هيئة استفهام لافت للأنظار ، جامع للانتباه ، مستحضر للحواس! (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ) الخطاب موجه للرسول صلى الله عليه وسلم وكلّ من آمن بالله واليوم الآخر وتاقت نفسه لمعرفة شيء من أنباء ذلك اليوم الرهيب. (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ) ؟ أي هل أتاك نبأ ذلك اليوم.. يوم الغاشية التي تغشى الخلائق كلّهم بأهوالها وشدائدها ،وتغمرهم بأحداثها وفظائعها! فيتضاءل كلّ كبير ، ويتقزم كلّ عملاق ، ويذلُّ كلّ مستكبر ؛فتخفت الأصوات ، وتخشع الوجوه ، وتتطامن الرؤوس!
وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب. وآخر ذلك نار تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم ". من معاني البعث في القرآن الكريم:
البعث في القرآن له ثلاثة معاني. البعث بمعنى الإرسال والبعث بمعنى الإحياء بعد الموت والبعث بمعنى القيام والعرض أمام الله عز وجل للحساب والجزاء عن أعمال الدنيا
1- البعث بمعنى إرسال الرسل إلى الناس: " قال تعالى ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه... الأعراف 103 - و قال سبحانه و تعالى أيضا " ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات " يونس 74
2-البعث بمعنى الإحياء بعد الموت " ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون ": البقرة 56 ويتعلق الأمر ببني إسرائيل الذين قالوا لرسول الله موسى عليه الصلاة والسلام لن نؤمن بالتوراة حتى نرى الله جهرة فأماتهم الله ثم أحياهم بعد أن تاب عليهم. وجاء في سورة الكهف 19 " وكذلك بعثناهم " ويتعلق الأمر بأهل الكهف الذين أماتهم الله عز وجل ثلاث مئة سنة ثم بعثهم أي أحياهم بعد الموت. وهناك دليل آخر في سورة مريم 15 " وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا" وهدا قول الله تعالى عن نبيه يحي بن زكريا عليهما السلام.