ويعاني البدون من البطالة، وتواجه بناتهن العنوسة ولا خيار أمامهن سوى الزواج العرفي بسبب استحالة الحصول على صك زواج لعدم وجود الرقم الآلي. وعلى الرغم من أن النظام السعودي استصدر بطاقات سوداء لهم فإن هذه البطاقات لا تعترف بأنهم من سكان الجزيرة الأصليين، وإنما تعتبرهم بدواً نازحين من الدول العربية المجاورة. البدون القبائل النازحة السعودية - ملك الجواب. كما أن حملة البطاقات السوداء من البدون لا يحصلون بسهولة على جواز سفر للعلاج أو الدراسة في الخارج، لكن السلطات تمنح البعض تذكرة مرور مدتها ستة أشهر لسفرة واحدة، كما لا يستطيعون الذهاب لأي دولة خليجية، والتجديد يستغرق أشهراً ويشمل الجميع كباراً وصغاراً إناثاً وذكوراً. وحملة البطاقة السوداء ليس بإمكانهم تسجيل أكثر من سيارة باسمهم أو تملك عقار، منزلاً كان أم أرضاً، كما أن بعضهم يواجه صعوبات في دفن موتاهم، فقد منحتهم السلطات السعودية هذه البطاقات على أساس فترة زمنية مؤقتة لكن المؤقت أصبح دائماً. وتوجد غالبية البدون في أحياء النظيم والنسيم والجنادرية في الرياض، وفي حفر الباطن والمنطقة الشمالية من رفحاء وعرعر إلى القريات والجوف.
البدون القبائل النازحة السعودية - ملك الجواب
ولا تقتصر حالات انعدام الجنسية على البدو، بل يوجد أعداد من المهاجرين الذين تركوا بلدانهم ليستقروا في المنطقة إما لأسباب اقتصادية أو دينية أو بسبب الحروب، مثال على هؤلاء المهاجرين جماعات "الروهينغا" من ماينمار الذين هاجروا لدول عدة حول العالم من ضمنها المملكة العربية السعودية، التي بدؤوا بالوصول إليها منذ عام 1948 وتم منحهم تصاريح إقامة وفي بعض الحالات منحوا الجنسية. ومع ذلك، في أعقاب1972 تغيرت قوانين الجنسية وأصبحت الروهينغا تخضع لمعايير جديدة جعلتها تصنف من ضمن عديمي الجنسية. إن الحصول على جنسية ما يعني أن يتمتع حامل الجنسية بمجموعة من الحقوق المدنية والسياسية وأن يحصل على كافة أشكال الحماية التي توفرها دولة الجنسية لمواطنيها في مقابل عدد من الواجبات التي يتوجب عليه تقديمها للدولة، ويمكن القول أن مضمون الحقوق التي يتمتع بها رعايا الدولة تختلف عن ما يحصل عليه غير المواطنين -وفي بعض الدول حتى المواليد في الدولة لأبوين أجنبيين- حيث يحصل حاملو الجنسية على امتيازات لا تتوفر لغيرهم. في الدول التي تحرم مواطنيها من حق المشاركة السياسية كدول الخليج مثلاً، تكون الامتيازات التي يحصل عليها المواطنون دون غيرهم مرتبطة بحقوق الإنسان الأساسية، كالرعاية الصحية والتعليم والضمان الاجتماعي وحق التملك وحرية التنقل والعمل.
إلا أن التعامل مع هذا الملف في العالم العربي مرتبط بشكل وثيق بالحالة السياسية؛ لذا يتم التعامل معه بحساسية شديدة، وعلى الرغم من وجود جهود لتصحيح أوضاع البدون من قبل بعض الحكومات، إلا أنها جهود بطيئة وغير كافية، خاصة في ظل اتباع السلطات لسياسات القمع والعزل والتعتيم لأسباب تتعلق بالأمن القومي، وتركها حل هذا الملف للزمن، دون أن تدرك أن الاستمرار بهذه السياسات ورفض التغيير، وعدم السعي لإيجاد حلول تقضي على المشكلة من جذورها ما هو إلا تعميق للأزمات الاجتماعية والسياسية القائمة. خاص بموقع "المقال"