تفسير:
(قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما)
♦ الآية: ﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الفرقان (77). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ ﴾؛ أي: ما يفعل ويصنع، وأيُّ وزنٍ لكم عنده؟ ﴿ لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ﴾ توحيدُكم وعبادتكم إياه، ﴿ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ ﴾ يا أهل مكة، فخرَجتم عن أن يكون لكم عنده مقدار، ﴿ فَسَوْفَ يَكُونُ ﴾ العذاب لازمًا لكم. القران الكريم |قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ۖ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي ﴾ قال مجاهدٌ وابن زيدٍ: أي ما يصنع وما يفعل بكم؟ قال أبو عبيدة يقال: ما عبَأتُ به شيئًا؛ أي: لم أعُدَّه، فوجودُه وعدمه سواءٌ، مجازه: أي وزنٍ وأي مقدار لكم عنده؟ ﴿ لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ﴾ إياه، وقيل: لولا إيمانُكم، وقيل: لولا عبادتكم، وقيل: لولا دعاؤه إياكم إلى الإسلام، فإذا آمنتم ظهر لكم قدرٌ. وقال قوم: معناه قل ما يعبأ بخَلْقِكم ربي لولا عبادتُكم وطاعتكم إياه؛ يعني إنه خلقكم لعبادته، كما قال: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]؛ وهذا قول ابن عباسٍ ومجاهدٍ.
- القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة الفرقان - الآية 77
- القران الكريم |قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ۖ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا
- القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الفرقان - الآية 77
القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة الفرقان - الآية 77
قال الرازي: "فإن قيل: إلى من يتوجه هذا الخطاب؟ قلنا: إلى الناس على الإطلاق". الوقفة الثانية: قوله تعالى: { ما يعبأ بكم ربي} أصل (العبء) في اللغة الحِمل، والجمع (أعباء) بمعنى أحمال. و(العبء) أيضاً: العِدْل، لما يوضع فيه من أشياء تحمل؛ اهتماماً بما فيها من خير أو مصلحة. وإنما يحمل العقلاء ما له قيمة، أو لهم به مصلحة أو منفعة، أما ما لا مصلحة لهم به، فإنهم يُهملونه فلا يحملونه، ولا يجعلونه في أوعيتهم. ومن هنا يأتي قولهم: ما عبأت بك شيئاً: أي ما عددتك شيئاً. وقولهم: ما عبأت بفلان، أي: ما باليت به، أي: ما كان له عندي وزن ولا قدر. فأصل { ما يعبؤا} ما يحمل عبئاً، تمثيلاً بحالة المتعب من الشيء، فصار المقصود: ما يهتم وما يكترث، وهو كناية عن قلة العناية. وقد روى الطبري عن ابن زيد في قوله: { قل ما يعبأ بكم ربي} قال: يعبأ: يصنع. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الفرقان - الآية 77. وعن مجاهد ، قوله: { قل ما يعبأ بكم ربي} قال: يعبأ: يفعل. الوقفة الثالثة: قوله تعالى: { لولا دعاؤكم} (الدعاء) الدعوة إلى شيء، وهو هنا مضاف إلى مفعوله، والفاعل يدل عليه قوله سبحانه في الآية: { ربي} أي: لولا دعوة الله إياكم إلى دينه وطاعته، وشرعه فوقع منكم الكفر والإعراض. وحذف متعلق (الدعاء) لظهوره من قوله: { فقد كذبتم} أي: الداعي، وهو محمد صلى الله عليه وسلم، فتعين أن (الدعاء) في الآية الدعوة إلى الإسلام.
القران الكريم |قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ۖ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا
وقال قومٌ: ﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي ﴾ ما يبالي بمغفرتكم لولا دعاؤكم معه آلهةً، أو ما يفعل بعذابكم لولا شِركُكم، كما قال الله تعالى: ﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾ [النساء: 147]، وقيل: ما يعبأ بعذابكم لولا دعاؤكم إياه في الشدائد، كما قال: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ ﴾ [العنكبوت: 65]، وقال: ﴿ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ﴾ [الأنعام: 42]، وقيل: ﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ﴾ يقول: ما خلقتكم ولي إليكم حاجةٌ إلا أن تسألوني فأعطيكم، وتستغفروني فأغفر لكم. ﴿ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ ﴾ أيها الكافرون، يخاطِب أهلَ مكة؛ يعني أن الله دعاكم بالرسول إلى توحيده وعبادته، فقد كذَّبتم الرسولَ ولم تجيبوه. ﴿ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا ﴾ هذا تهديد لهم؛ أي: يكون تكذيبكم لزامًا، قال ابن عباسٍ: موتًا. القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة الفرقان - الآية 77. وقال أبو عبيدة: هلاكًا. وقال ابن زيدٍ: قتالًا. والمعنى: يكون التكذيب لازمًا لمن كذَّب فلا يعطى التوبة حتى يجازى بعمله. وقال ابن جريج: عذابًا دائمًا وهلاكًا مقيمًا يلحق بعضكم ببعضٍ. واختلَفوا فيه؛ فقال قومٌ: هو يوم بدرٍ قُتِل منهم سبعون وأُسِر سبعون؛ وهو قول عبدالله بن مسعودٍ وأُبَيِّ بن كعبٍ ومجاهدٍ ومقاتلٍ، يعني أنهم قُتِلوا يوم بدرٍ واتصَل بهم عذابُ الآخرة لازمًا لهم.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الفرقان - الآية 77
سمعت من أحد الإخوة أن الدعاء والذكر وقوة الصلة بالله تقوي المناعه ؛الله سبحانه وتعالى هو الشافي ولا شفاء الا شفاءه. اللهم اشفينا شفاء لا يغادر سقما.
والمعنى: أن الله لا يلحقه من ذلك انتفاع، ولا اعتزاز بكم. وهذا كقوله تعالى: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون} (الذاريات:56-57). وضمير الخطاب في قوله: { دعاؤكم} موجه إلى المعرضين عن هدي القرآن، ورسالة الإسلام؛ بدليل تفريع { فقد كذبتم} عليه، وهو تهديد لهم، أي: فقد كذبتم الداعي، وهو الرسول عليه الصلاة والسلام. قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم تفسير. قال ابن عاشور: "هذا التفسير هو الذي يقتضيه المعنى، ويؤيده قول مجاهد ، و الكلبي ، و الفراء. وقد فسر بعض المفسرين (الدعاء) بالعبادة، فجعلوا الخطاب موجهاً إلى المسلمين، فترتب على ذلك التفسير تكلفات، وقد أغنى عن التعرض إليها اعتماد المعنى الصحيح، فمن شاء فلينظرها بتأمل ليعلم أنها لا داعي إليها". الوقفة الرابعة: لقائل أن يقول: هل لله عز وجل مصلحة لذاته لدى عباده؟ والجواب: لقد تنزه سبحانه عن ذلك؛ إن عبادة عابديهم لا تنفعه بشيء، وكُفْر كفارهم، وفجور فجارهم لا يضره بشيء، فهو سبحانه لا تنفعه عبادة العابدين، ولا يضره كفر الكافرين، ولا جحود الجاحدين، أو فجور الفاجرين. هذه الحقيقة جاء بيانها في الحديث القدسي فيما يرويه صلى الله عليه وسلم عن ربه، قال: ( يا عبادي!