وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم بالنَّفْر إلى جهاد أعداء الله, فخالفوا أمْرَه وجلسوا في منازلهم. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة التوبة - الآية 81. * * * وقوله: (خِلاف) ، مصدر من قول القائل: " خالف فلان فلانًا فهو يخالفه خِلافًا " ، فلذلك جاء مصدره على تقدير " فِعال ", كما يقال: " قاتله فهو يقاتله قتالا ", ولو كان مصدرًا من " خَلَفه " لكانت القراءة: " بمقعدهم خَلْفَ رسول الله ", لأن مصدر: " خلفه " ، " خلفٌ" لا " خِلاف ", ولكنه على ما بينت من أنه مصدر: " خالف " ، فقرئ: (خلاف رسول الله) ، وهي القراءة التي عليها قرأة الأمصار, وهي الصواب عندنا. * * * وقد تأول بعضهم ذلك بمعنى: " بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ", (8) واستشهد على ذلك بقول الشاعر: (9) عَقَــبَ الــرَّبِيعُ خِــلافَهُمْ فَكَأَنَّمَـا بَسَــطَ الشَّـوَاطِبُ بَيْنَهُـنَّ حَـصِيرَا (10) وذلك قريبٌ لمعنى ما قلنا, لأنهم قعدوا بعده على الخلافِ له. * * * وقوله: (وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله) ، يقول تعالى ذكره: وكره هؤلاء المخلفون أن يغزُوا الكفار بأموالهم وأنفسهم (11) = (في سبيل الله) ، يعني: في دين الله الذي شرعه لعباده لينصروه, (12) ميلا إلى الدعة والخفض, وإيثارًا للراحة على التعب والمشقة, وشحًّا بالمال أن ينفقوه في طاعة الله.
آيات النار في القرآن الكريم - سطور
الخطبة الأولى:
الحمد لله...
أما بعد:
أيها الإخوة المسلمون: أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم ". وأخرج البخاري أيضاً عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون مم ذلك؟ يجمع الله الناس الأولين والآخرين في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر وتدنو الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون.. قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يعلمون. " حديث الشفاعة. وعند مسلم عن المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق؛ فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً " قال: وأشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده إلى فيه. أيها الإخوة: لأجل أن تدركوا بعض الحقيقة في تلك الأحاديث تصوروا حال رجل حافي القدمين حاسر الرأس، وفي منتصف الظهيرة في مثل هذه الأيام الحارة والشمس المحرقة ترسل سهامها فوق رأسه والعرق يتصبب من جبينه ومن جميع جسده، يكاد حر الشمس أن يحرق وجهه، يشعر وكأنه في مرجل يغلي، ولفحات السموم تصفعه بلذعاتها؛ أي شعور يحمله هذا الرجل؟!
تفسير قوله تعالى: {..قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}
[قال الألباني: صحيح السلسلة الصحيحة # 2509] وقال الأعمش عن أبي إسحاق، عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لمن له نعلان وشِرَاكان من نار، يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل، لا يرى أحدا من أهل النار أشدُّ عذابا منه، وإنه أهونهم عذابا". أخرجاه في الصحيحين، من حديث الأعمش [ تفسثر ابن كثير] _______________________ تنبيه: الروايات الضعيفة قد أزيلت من المقالة
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة التوبة - الآية 81
خرج ابن عمر في سفر معه أصحابه، فوضعوا سفرة لهم، فمر بهم راع، فدعوه إلى أن يأكل معهم، فقال: إني صائم، فقال ابن عمر: في مثل هذا اليوم الشديد حره وأنت بين هذه الشعاب في آثار هذه الغنم وأنت صائم؟! فقال: أبادر أيامي هذه الخالية. تفسير قوله تعالى: {..قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}. ويقول أبو الدرداء موصياً أحبابه: " صوموا يوماً شديداً حره لحر يوم النشور، وصلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور ". خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى غزوة تبوك وكانت في حر شديد، فتواصى المنافقون فيما بينهم بعدم النفير في هذا الحر، فجاء الوعيد من الله ( وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي ٱلْحَرّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ) [التوبة:81].
ثم قال تعالى جلَّ جلاله مُتوعدًا هؤلاء المنافقين على صنيعهم هذا: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا الآية [التوبة:82]، قال ابنُ أبي طلحة: عن ابن عباسٍ: الدنيا قليل، فليضحكوا فيها ما شاءوا، فإذا انقطعت الدنيا وصاروا إلى الله استأنفوا بكاء لا ينقطع أبدًا. وكذا قال أبو رزين، والحسن، وقتادة، والربيع بن خثيم، وعون العقيلي، وزيد بن أسلم. وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا عبدالله بن عبدالصمد ابن أبي خداش: حدثنا محمد بن جبير. الشيخ: أيش عندكم؟
الطالب: حميد. الشيخ: حدثنا محمد بن حميد. مُداخلة: في نسخة "الشعب": حدثنا محمد بن جبر. وفي حاشيةٍ قال: كذا في المخطوطة، ولا ندري مَن محمد بن جبر هذا. الشيخ: وقال مَن؟
الشيخ: حطّ نسخة: ابن حميد. حتى يُراجع "المسند". الطالب: في "المسند": حميد. الشيخ: معك "المسند"؟
الطالب: راجعته بالأمس: حميد. الشيخ: نعم، ابن حميد، نعم. عن ابن المبارك، عن عمران بن زيد: حدثنا يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: يا أيها الناس، ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا، فإنَّ أهل النار يبكون حتى تسيل دموعهم في وجوههم كأنها جداول، حتى تنقطع الدموع، فتسيل الدماء، فتقرح العيون، فلو أنَّ سفنًا أزجيت فيها لجرت.