[١]
شرح حديث الدين النصيحة
ورد من بين الأحادث النبويَّة حديثٌ مرويٌّ عن صحابيٍّ جليلٍ وهو تميم الدَّاري أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ألَا إنَّ الدِّينَ النَّصيحةُ ألَا إنَّ الدِّينَ النَّصيحةُ ألَا إنَّ الدِّينَ النَّصيحةُ، قالوا: لِمَن يا رسولَ اللهِ؟ قال: للهِ ولكتابِه ولرسولِه ولأئمَّةِ المسلِمينَ وعامَّتِهم. "
- شرح حديث: الدين النصيحة (من الأربعين النووية)
- الدرر السنية
- وقفات من حديث الدين النصيحة - موضوع
- حديث : الدين النصيحة - GHANAIM
شرح حديث: الدين النصيحة (من الأربعين النووية)
عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدين النصيحة "، قلنا لمن؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم". (رواه مسلم). الشرح الإجمالي للحديث:
حصر هذا الحديث الدينَ في النصيحة ، وهي إرادة الخير للغير، وفرّع النصيحة إلى خمسة أقسام: نصيحة لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، ولعامتهم، وتتوزع على الإجلال والتعظيم بالقلب، والقيام بالحقوق الواجبة بالقول والفعل. الفوائد التربوية من الحديث:
1- الاعتناء بخلق النصيحة ، وإشاعته في حياة المسلم؛ ليعيش صادق القلب لإخوانه المسلمين، وليقوم بحقيقة الاستخلاف في الأرض بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 2- الحذر من أخلاق الغل، والحقد، والغش للمسلمين. 3- والحديث يدل المسلم على ضرورة ترتيب الأولويات، وإعطاء كل ذي حق حقه من غير أن يطغى جانب على آخر. 4- ويبين أن من أساليب التعليم الناجحة طريقة التفصيل بعد الإجمال، واعتماد طريقة التقسيم لتقريب العلم.
الدرر السنية
متن الحديث
عن تميم بن أوس رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الدين النصيحة ، قلنا: لمن يا رسول الله ؟ قال: لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم) رواه البخاري و مسلم. الشرح
حديثنا الذي نتناوله في هذ المقال حديث عظيم ، ويكفيك دلالة على أهميته أنه يجمع أمر الدين كله في عبارة واحدة ، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: ( الدين النصيحة) ، فجعل الدين هو النصيحة ، كما جعل الحج هو عرفة ، إشارةً إلى عظم مكانها ، وعلو شأنها في ديننا الحنيف. والنصيحة ليست فقط من الدين ، بل هي وظيفة الرسل عليهم الصلاة والسلام ، فإنهم قد بعثوا لينذروا قومهم من عذاب الله ، وليدعوهم إلى عبادة الله وحده وطاعته ، فهذا نوح عليه السلام يخاطب قومه ، ويبين لهم أهداف دعوته فيقول: { أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم} ( الأعراف: 62) ، وعندما أخذت الرجفة قوم صالح عليه السلام ، قال: { يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين} ( الأعراف: 79). ويترسّم النبي صلى الله عليه وسلم خطى من سبقه من إخوانه الأنبياء ، ويسير على منوالهم، فيضرب لنا أروع الأمثلة في النصيحة ، وتنوع أساليبها ، ومراعاتها لأحوال الناس واختلافها ، وحسبنا أن نذكر في هذا الصدد موقفه الحكيم عندما بال الأعرابي في المسجد ، فلم ينهره ، بل انتظره حتى فرغ من حاجته ، يروي أبو هريرة رضي الله عنه تلك الحادثة فيقول: " بال أعرابيٌ في المسجد ، فثار إليه الناس ليقعوا به ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( دعوه ، وأهريقوا على بوله ذنوبا من ماء ، أو سجلا من ماء ؛ فإنما بعثتم ميسرين ، ولم تبعثوا معسرين) رواه البخاري.
وقفات من حديث الدين النصيحة - موضوع
مقالات متعلقة
تاريخ الإضافة: 5/12/2015 ميلادي - 23/2/1437 هجري
الزيارات: 195128
شرح حديث: الدِّين النَّصيحة
(من الأربعين النووية)
عن أبي رقية تميم بن أوسٍ الداري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الدِّين النصيحة))، قلنا: لِمَن؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم))؛ رواه مسلم.
حديث : الدين النصيحة - Ghanaim
النصيحة هي الإخلاص في الشيء، كما يقال في العربية: نصح العسل إذا خلصه من شوائبه، وهي تكون في كل شيء بحسبه؛ وذكر هنا مجموعة مما ينصح له. فالنصح لله يكون بكمالِ التوحيد والعبادة والذكر، وكمال الأعمال الظاهرة والباطنة من المحبة والخوف والرجاء وغيرها. والنصح لكتابه بتعلمه وتدبره وتعليمه وتلاوته، والعمل بما فيه من الأحكام والآداب وغيرها. والنصح للرسول ﷺ بتصديقه ومحبته وتوقيره وطاعته واتباع سنته، وكمال الذب عنه، وتعلم سنته. والنصح لأئمة المسلمين والمراد بهم العلماء والأمراء على السواء، فالعلماء هم أئمة الدين، والأمراء هم أئمةٌ الدنيا، فأما النصح للعلماء: فيكون بتلقّي العلم عنهم، وتوقيرهم، وتأييدهم على الحق، ومعرفة حقهم، وترك تزهيد الناس بهم، وأما النصيحة لأئمة المسلمين فتكون بإعانتهم على القيام بما حمّلوا من أعباء الولاية، وشد أزرهم على الحق، وطاعتهم في المعروف، وتجنب الخروج على أئمة المسلمين. والنصح لعامة المسلمين بأن يحب المسلم لأخيه ما يحب لنفسه، ويكون معه كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى لها سائر الجسد، وأن يكمل معهم أحسن الأخلاق في الأقوال والأعمال. ماذا نفعل بعد ذلك
التدرب على النصيحة والترقِّي في كمالاتها.
النصيحة لكتاب الله -جلّ وعلا-. النصيحة لرسوله -صلّى الله عليه وسلّم-. النصيحة لأئمة المسلمين. النصيحة لعامّة المسلمين. كيف تكون النصيحة لله
بيّن شُرّاح الحديث أنّ النصيحة لله -تعالى- تكون بما يأتي: [٢]
الإيمان به -تعالى-، ونفي الشريك عنه. تنزيهه -جلّ وعلا- عن جميع النقائص، ووصفه بصفات الكمال. أنْ يُطاع فلا يُعصى، وأن يُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يكفر. وقد بيّن الإمام الخطّابي أنّ حقيقة هذه الإضافة أي النصيحة لله؛ راجعة إلى العبد في نصيحة نفسه لله -تعالى-، ودعوة غيره من الخلق إلى هذه الخصال الحميدة في أمر خالقه -جلّ وعلا-، فالله -سبحانه وتعالى- غني عن نُصح الناصحين، وإرشاد المرشدين، فهو المرشد والهادي لجميع الناس. [٥]
كيف تكون النصيحة لكتاب الله
تكون النصيحة لكتاب الله -تعالى- بما يأتي: [٦]
الإيمان بأنّه من عند الله -جلّ وعلا-، لا يشبهه شيء من الكلام، ولا يقدر على مثله أحد. تعظيمه، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، والتصديق بما فيه. دفع الشبهات التي تُثار حوله من أصحاب الأهواء. تعلّمه، وتعليمه، وتلاوته، وتجويده. كيف تكون النصيحة لرسول الله
تكون النصيحة لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بما يأتي: [٧]
تصديق خبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، والإيمان بأنّه الصادق المصدوق، صادق فيما يخبر به عن ربّه -جلّ وعلا-، مصدوق فيما أُخبر به من الوحي.
وفي الحديث الذي بين أيدينا ، حدد النبي صلى الله عليه وسلم مواطن النصيحة ، وأول هذه المواطن: النصيحة لله ، وهناك معان كثيرة تندرج تحتها ، ومن أعظمها: الإخلاص لله تبارك وتعالى في الأعمال كلها ، ومن معانيها كذلك: أن يديم العبد ذكر سيده ومولاه في أحواله وشؤونه ، فلا يزال لسانه رطبا من ذكر الله ، ومن النصيحة لله: أن يذبّ عن حياض الدين ، ويدفع شبهات المبطلين ، داعيا إلى الله بكل جوارحه ، ناذرا نفسه لخدمة دين الله ، إلى غير ذلك من المعاني. وأصل النصيحة: من الإخلاص ، كما يقال: " نصح العسل " أي: خلصه من شوائبه ، وإذا كان كذلك فإن إخلاص كل شيء بحسبه ، فالإخلاص لكتاب الله أن تحسن تلاوته ، كما قال عزوجل: { ورتل القرآن ترتيلا} ( المزمل: 4) ، وأن تتدبر ما فيه من المعاني العظيمة ، وتعمل بما فيه ، ثم تعلمه للناس. ومن معاني النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: تصديقه فيما أخبر به من الوحي ، والتسليم له في ذلك ، حتى وإن قصُر فهمنا عن إدراك بعض الحقائق التي جاءت في سنّته المطهّرة ؛ انطلاقا من إيماننا العميق بأن كل ما جاء به إنما هو وحي من عند الله ، ومن معاني النصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم: طاعته فيما أمر به ، واتباعه في هديه وسنته، وهذا هو البرهان الساطع على محبته صلى الله عليه وسلم.