فلا فرق بين المدينة وبين القرية من ناحية حضرية وبحسب التعبير القرآني, فقد أطلق القرآن الكريم على مكة المكرمة لفظة أم القرى, وهي في ذلك الوقت قمة الرقي والتمدن فيما حولها من المدن والحواضر وكانت عاصمة التجارة والسياحة الموسمية (الحج بمعنييه في الجاهلية وفي الإسلام) والأدب (سوق عكاظ). ولكن يبدو أننا في العصر الحديث أطلقنا اصطلاحات وتعريفات للتجمعات العمرانية بناء على أسس بيئية عمرانية محضة تم على أساسها التفريق بين البيئة الحضرية (كما في المدينة) وبين البيئة الريفية (كما في القرية) تبعا لمقومات حسية وديموغرافية واقتصادية وسياسية منها العمل والتعداد السكاني وتوفر وسائل المواصلات والرفاهية والتكنولوجيا ومقر الحكم وغيرها. وفي الحقيقة فاللفظ القرآني يفرق بين الإصطلاحين لا من إعتبارات بيئية أو حضرية إنما من نواحي أخرى. وهنا يتردد التساؤل: لماذا وكيف فرق اللفظ القرآني الكريم بين اللفظتين؟ لعل من أبرز التعاريف والتفاسير التي تجلب الانتباه وبخاصة ما ورد في سورة الكهف في استعمال اللفظتين، هو التفريق بين ( الطبيعة المجتمعية) لسكان القرية والمدينة. ففي حين أن اللفظتين قد اطلقتا على نفس المكان في قصة موسى والخضر عليهما السلام، في قوله في الآية الاولى { فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما} الكهف، فقد اطلقت لفظة المدينة على نفس المكان في معرض تفسير الخضر لأعماله العجيبة مع موسى عليهما السلام.
- سورة الكهف في صفحه اصلی
- سورة الكهف في صفحة
سورة الكهف في صفحه اصلی
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استمتع بأجمل قراءات الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله
هاهنا يبدع في قراءة من سورة الكهف المباركة
سورة الكهف في صفحة
اقرأ وادرس وتعلم القرآن الكريم. موقع قرآن. كوم هو صدقة جارية. نأمل أن نسهل على الجميع قراءة القرآن الكريم ودراسته وتعلمه. القرآن الكريم له أسماء عديدة منها القرآن الكريم والكتاب والفرقان والموعظة والذكر والنور.
نترك الاجابة والتفكير مليا بهذا التساؤل للقارئ الكريم ،إنما يهمنا أن القرآن الكريم قد قرر في توصيفه للإختلاف بين المجتمعين أن الفرق يكمن في التركيبات الإجتماعية والتدرج الهرمي التكويني بين المجتمعين, ففي القرية تقوى الروابط الإجتماعية في مقابل تراخيها في المدينة لإعتبارات العمل والمال والمصالح, وربما الموروث الإجتماعي للخلف من السلف على القاعدة التكاسلية "إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم لمقتدون" والتي كرست العادات الخبيثة في المجتمعات وكانت سببا مباشرا في تقويض المدنيات والحضارات وإهلاك الأمم. ويبدو أن الالفاظ القرآنية قد حسمت القضية، فبالنظر الى التعبيرات القرآنية المختلفة، يتبين انه حيثما وردت لفظة (قرية) تجد الخير أو النزعة نحو الخير، ولذلك وصفت مكة في القرآن الكريم بأم القرى. أما المتأمل في لفظة (مدينة) في القرآن الكريم فيجد أنها تدل على تغير الطبيعة المجتمعية وظهور الصفات المتحورة التي غالبا ما تنزع نحوالدنيا وتبتعد عن الخيرية. فمثلا لم يستعمل التعبير القرآني لفظة (القرى) في قصة سحرة موسى إنما كان التعبير المستعمل هو (المدائن) جمع مدينة ( وأرسل في المدائن حاشرين يأتوك بكل ساحر عليم).