والمترجمون الإنكليز كثيراً ما يتبعون طرقاً مختلفة في النقل، فقد قرأت عيون الأدب اليوناني كلها ملخصة في مجلد واحد وأفدت منها الكثير، وقرأت كتباً أخرى اجتزئ في ترجمتها ببعض فصول الكتاب دون البعض الآخر، ووجدت فيها متعة وفائدة، فالتلخيص جائز في الترجمة معروف في اللغات الأخرى، ومن حقنا أن نستعمله في العربية إذا اقتضتنا الضرورة ذلك
محمود محمود
بين القصة والشعر
قرأت كتاب (في بيتي) للكاتب الكبير الأستاذ (العقاد) ولعله من أعمق ما كتب، غير أنه لفت نظري فيه الموازنة بين القصة والشعر. فالقصة عنده دون الشعر في المرتبة، وهي أهون عليه من أن يضيع فيها وقتاً يمكن أن يقرأ فيه ديواناً من الشعر، وله في هذه المفاضلة مقياسان يحدثنا عنهما في كتابه فيقول: (غير أني اعتمد في ترتيب الآداب على مقياسين يغنياني عن مقاييس أخرى، وهما الأداة بالقياس إلى المحصول، ثم الطبقة التي يشيع بينها كل فن من الفنون. فكلما قلت الأداة وزاد لمحصول ارتفعت طبقة الفن والأدب، وكلما زادت الأداة وقل المحصول مال إلى النزول والإسفاف.
- قصة قصيرة عن الوطني
- قصة قصيرة عن حب وخدمة الوطن
قصة قصيرة عن الوطني
أنه لا يحتمل ذلك أراد أن يخادع الواقع بالكذب زاعماً أنها لم تطلب منه، وأنه يحلم.. ولكنه يرى أن خطها وأسلوبها الشعري ودموعها وراء كلماتها.. إنه أمام الحقيقة المرة... أنه لا يقوى على ذلك... وأسرع نحو النافذة يريد التخلص من الحياة ولم يفطن إلى أنها موصدة فاصطدمت ذراعه بالزجاج فجرحت جرحاً بالغاً تصبب منه الدم بغزارة... توماس كلايتون وولف - ويكي الاقتباس. فصرخ وأسرع نحو أولالا... فصادفته السنيورة فطلب مساعدتها. لقد هاج منظر الدم المتدفق جنونها المكبوت فاندفعت إلى ذراعه تعضها كالحيوان المفترس عضاً أليما وهي تصرخ صراخاً منكراً وصل إلى مسامع أولالا وفيليب فأسرعا وأنقذا حياته واحتملاه إلى غرفته وراحت أولالا تضمد جراحاته وتصلي وهي دامعة العينين.. وأفاق بعد لأي فوجد أولالا منفردة إلى جانبه تمرضه وتسهر عليه وهي تبكي راكعة أمام سريره فتناول يدها بقبلاته وبللها بدموعه وعلى حين فجأة تترك الغرفة، فيدخل فيليب ويحمله إلى مدخل القصر ويوصله إلى عربته إلى دير قريب. قضى صاحبنا في الدير الجديد أياما اندملت فيها جراح ذراعه ولكن ما تزال جراح قلبه دامية. وأخذ بعد أن استرد قسما من عافيته يتردد على جبل منيف يطل من مسافة بعيدة على قصر أولالا. كان يجد عزاء كبيراً في الجلوس على قمة ذلك الجبل.
قصة قصيرة عن حب وخدمة الوطن
مجلة الرسالة/العدد 633/البريد الأدبي
ملاحظة وتصحيح:
جاء في (العدد 632) من (الرسالة) بالصفحة 858، ضمن مقالة (روسيا والشرق) كلمتا مندشوريا ومندشوكو. والملاحظ أنهما اسمان لمسمى واحد يسميه الروس بالأول واليابانيون بالثاني. قصة عن الوطن قصيرة. وورد في هامش (الصفحة 856) اسم إسكندر الثاني، عن سهو، بدلا من اسم نقولا الأول قيصر روسيا. ولا بأس في هذه النهزة بزيادة بيان. ذلك أن نقولا الأول احتج بالنزاع الطويل بين اللاتينيين الكاثوليك واليونانيين الأرثوذكس في شأن الأماكن المقدسة وهو يحاول تحقيق طمعه ببلاد الدولة العثمانية؛ ولكن السلطان عبد المجيد في عام 1852 امتيازات فرنسا الخاصة بحماية الكاثوليك، وبكنيسة قبر المسيح وغيرها؛ فعرض نقولا الأول على إنجلترا، بعد ذلك بعام، أن يقتسما الإمبراطورية العثمانية من غير إشراك فرنسا في الغنيمة، وقال يومئذ كلمته المشهورة: (على سواعدنا رجل مريض، مريض في خطر، وإذا لم يكن بد من أن يفلت منا قبل أن تؤخذ العدة الضرورية كان ذلك بؤساً عظيماً). ورفضت إنجلترا فزحف جيش نقولا إلى الأراضي العثمانية في مايو عام 1853، وشنت حرب القرم في العالم التالي. ثم مات القيصر عام 1855، فخلفه إسكندر الثاني وعقد الصلح عام 1856.
مل هذه الحياة الرتيبة وكرهها، واستدعى فيليب إلى غرفته وأخذ يحدثه في لباقة وبراعة عن مواضيع بعيدة، يدس في ثناياها أسئلة عن الأسرة وأحوالها، ما لبثت أن أغضبت فيليب فتركه دون أن يجيبه عن شيء منها. غير أن ذلك لم يثبط عزيمته وصمم على أن يكتشف بنفسه كل شيء، وأخذ في ذهابه وإيابه يلتفت يميناً ويساراً فرأى الجناح الذي تعيش فيه السنيورة. وبينما يهم بالخروج في صبيحة يوم مشمس جميل رآها جالسة في نور الشمس بالقرب من طريقه فحاول أن يتقدم إليها بالتحية، ولكنه تذكر الشرط القاسي فمر بها وهي تتلفت إليه دون أن يرفع طرفه إلى مكانها، غير أن الجرأة عاودته فحياها، فردت له تحية جافة، لا حياة فيها ورمقته بنظرة جامدة هادئة، منبعثة عن كبرياء.. ولكنه أدرك بعد زمن أنها صادرة عن عقل غير سليم! عبد الرحمن مجيد الربيعي - ويكي الاقتباس. وألف صاخبا السنيورة وألفته، فكان يمر بها صباح ومساء يرفع إلى مكانها تحياته، وينطلق إلى رياضته وراء التلال أو يمر بفيليب وهو منهمك في أعماله الزراعية. لقد كان سلوك السنيورة السلبي غير مشجع له على التحدث إليها، لذلك رغب في الابتعاد عنها. وقد أدرك بفطنته أن الأسرة مرضاً وراثياً من الغباوة أو الجنون، بدا له واضحاً في عقل فيليب وسلوكه وفي عقل السنيورة وسلوكها.