ثم ألتفت إلى ما يقوم به المسئول عن رصف الشوارع وإقامة الأرصفة، وأعجب كما يعجب غيرى من المواطنين وهم يرون – فى دهشة – أن إقامة الأرصفة أصبحت موسمًا سنويًّا، يبدأ بالهدم والتكسير ثم البناء، هذه العملية التى تتم كلّ عام تطلق العنان لخيال المتسائلين: من المستفيد من هذا العمل السنوى المنتظم؟ ولماذا لم تكن هناك يقظة كاملة عند تسلم هذه الأعمال بعد إتمامها حتى لا تكون بحاجة إلى مناقصات جديدة فى عامها القادم؟ وما الذى يجعل كل ما يتصل بالطرق لدينا فى حاجة إلى مراجعة ويقظة ضمير خصوصًا عند الانتهاء وتوقيع صك التسلم. لقد رأيت بعينى فى سلطنة عمان سلطان البلاد وهو يطمئن بنفسه على رصف الشوارع – وبخاصة الجديدة منها – وخضوعها لمعايير السلامة الدولية ومعايير الأمان، ولا يتم تسلمها من مقاوليها إلا بعد التأكد من أنها قد أصبحت مطابقة للمواصفات. إن ما يفعله السلطان قابوس فى عمان هو إتمام القادرين على التمام، على حين أننا فى مصر نرضى بالقليل، ونتحايل – أحيانًا – بالذرائع والمبررات، فى الدفاع عن النقص أو التشوّه أو عدم الخضوع للمواصفات، أو التسبب فى ضيق المواطنين وإزعاجهم، بسبب هذا النقص الذى يرتضيه القادرون، وكان بوسعهم أن يكونوا أكثر أمانة ووطنية، وأخلص أداءً وسلوكًا، وأنقى ضميرًا ووجدانًا، كما هو مطلوب منهم على الوجه الأكمل حتى لا ينطبق عليهم قول المتنبي: كنقص القادرين على التمام!
كنقص القادرين على التمام » صحيفة الوكاد
{ولم أرَ في عيوب الناس عيْبًا... كنقصِ القادرين على التمام}
معنى عظيم في قول رسول ﷺ:« احرِص على ما ينفعُك » الحرص فيما تطلبُ: معناه ألّا تُبقِي مِنه شيئا تستطيعه إلا حصّلتَه يعني: تجمعُ من الأمر الذي تطلبُه كل ما قدرْت عليه (لا تُبقِي ولا تذَر) وهذا يظهر عند طالب العلم في أمور: -ألا تترك شيخا من أهل العلم تقدر على لقائه، والإفادة منه إلا سعيْت إليه. -ولا علما تقدر عليه إلا طلبتَه. -والحرصُ على تقييد كل معلومة وضبطها. -والحرصُ على تعليمها فلا يبقى في صدرك علمٌ إلا بلّغتَه وعلّمتَه. -والحرصُ في العمل بالعلم (ألا تتعلَّم خيرا إلا وتجتهدُ في الاستقامة عليه). فمن استحضر هذه الأمور ووَزن نفسه بها فلن يقنع بما حصّل، ولن يستكثر أبدا ما عنده من العلم والعمل،وبقِي يعمل ويُطوّر نفسَه إلى أن يلقى ربَّه. لكن كثيرا من الناس - أو أكثرهم-يغفلُ عن ذلك كلّه، ويقنع بقليل ما هو عليه، ويقيسُ نفسَه على من حوله (من قاصري العزم والهِمّة) فيغتر بعلمه وتحصيله وعمله، ولا ينتبِه لتفريطه. باختصار: ليس العاطلُ من لا يعمل! إنما العاطلُ من يعمل ب (جزء يسير من قُدراته) ويُعطّل بقيةَ مواهبه. وكم من شخصٍ كان على نوع من العمل يحسبُه كثيرا ويحسبُه سقفَه/وآخرَ ما عنده، ثم بالتجربة والسعي ظهر أنه كان على واحد بالمائة من قُدراتِه!
معلومات عن: المتنبي
المتنبي
احمد بن الحسين بن الحسن بن عبدالصمد الجعفي الكوفي الكندي ابو الطيب المتنبي. (303هـ-354هـ/915م-965م) الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي. له الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة. وفي علماء الأدب من بعده أشعر الإسلاميين. ولد بالكوفة في محلة تسمى "كندة"; واليها نسبته. ونشأ بالشام، ثم تنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام الناس. وقال الشعر صبياً. وتنبأ في بادية السماوة (بين الكوفة والشام) فتبعه كثيرون. وقبل أن يستفحل أمره خرج إليه لؤلؤ (أمير حمص ونائب الإخشيد) فأسره وسجنه حتى تاب ورجع عن دعواه. ووفد على سيف الدولة ابن حمدان (صاحب حلب) سنة 337 هـ فمدحه وحظي عنده. ومضى إلى مصر فمدح كافور الإخشيدي وطلب منه أن يوليه، فلم يوله كافور، فغضب أبو الطيب وانصرف يهجوه. وقصد العراق، فقرئ عليه ديوانه. وزار بلاد فارس فمر بأرجان ومدح فيها ابن العميد وكانت له معه مساجلات. ورحل إلى شيراز فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي وعاد يريد بغداد فالكوفة، فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في الطريق بجماعة من أصحابه، ومع المتنبي جماعة أيضاً، فاقتتل الفريقان، فقتل أبو الطيب وابنه محسد وغلامه مفلح، بالنعمانية، بالقرب من دير العاقول (في الجانب الغربي من سواد بغداد) وفاتك هذا هو خال ضبة بن يزيد الأسدي العيني، الذي هجاه المتنبي بقصيدته البائية المعروفة.