فإن الله تعالى أمر موسى -عليه السلام- بأن يضم ذراعه وعضده إلى جنبه؛ فقد قال ابن كثير:... أن يضم إليه جناحه من الرهب، وهي يده... وقال الطبري: (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ) يقول: واضمم إليك يدك... ومن أوضح ما ذكر أهل العلم في هذا قول الألوسي في روح المعاني (10/ 284): قال مجاهد وابن زيد: أمره سبحانه بضم عضده وذراعه وهو الجناح إلى جنبه ليخف بذلك فزعه، ومن شأن الإنسان إذا فعل ذلك في وقت فزعه أن يقوى قلبه. تفسير قوله تعالى: واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من. وقال الثوري: خاف موسى -عليه السلام- أن يكون حدث به سوء، فأمره سبحانه أن يعيد يده إلى جنبه لتعود إلى حالتها الأولى، فيعلم أنه لم يكن ذلك سوءا، بل آية من الله -عز وجل-، وقريب منه ما قيل: المعنى إذا هالك أمر لما يغلب من شعاعها فاضممها إليك يسكن خوفك. وفي الكشاف فيه معنيان: أحدهما: أن موسى -عليه السلام- لما قلب الله تعالى العصا حية فزع واضطرب فاتقاها بيده كما يفعل الخائف من الشيء، فقيل له: إن اتقاءك بيدك فيه غضاضة عند الأعداء فإذا ألقيتها فكما تنقلب حية فأدخل يدك تحت عضدك مكان اتقائك بها ثم أخرجها بيضاء ليحصل الأمران: اجتناب ما هو غضاضة عليك، وإظهار معجزة أخرى. والمراد بالجناح اليد؛ لأن يدي الإنسان بمنزلة جناحي الطائر، وإذا أدخل يده اليمنى تحت عضده اليسرى فقد ضم جناحه إليه.
القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة القصص - الآية 32
وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ يقول سبحانه وتعالى سورة القصص: { اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} آية رقم 32 جنـــــح الجناح: جناح الطائر، قال تعالى: " ولا طائر يطير بجناحيه " الأنعام/38 وسمي جانبا الشيء جناحيه، فقيل: جناحا السفينة، وجناحا العسكر، وجناحا الإنسان لجانبيه. قال عز وجل: " واضمم يدك إلى جناحك " طه/22 ، أي: جانبك: " واضمم إليك جناحك " القصص/32 ، عبارة عن اليد ؛ لكون الجناح كاليد ، وقوله عز وجل: " واخفض لهما جناح الذل من الرحمة " الإسراء/24 ، فاستعارة، وذلك أنه لما كان الذل ضربين: ضرب يضع الإنسان، وضرب يرفعه - وقصد في هذا المكان إلى ما يرفعه لا إلى ما يضعه. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة القصص - الآية 32. خفضتُ جناحَ الذلّ رفعاً لقدرها *** فأوجبَ ذاك الخفضُ رَفعي عن النّصبِ وجنحت العير في سيرها: أسرعت، كأنها استعانت بجناح. وجنح الليل: أظل بظلامه، والجنح: قطعة من الليل مظلمة. قال تعالى: " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها " الأنفال/61 ، أي مالوا ، من قولهم: جنحت السفينة، أي: مالت إلى أحد جانبيها.
تفسير قوله تعالى: واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد ﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ﴾ قال: وجناحاه: الذراع. والعضد: هو الجناح. والكفّ: اليد، ﴿اضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ﴾. وقوله: ﴿مِنَ الرَّهْبِ﴾
يقول: من الخوف والفرَق الذي قد نالك من معاينتك ما عاينت من هول الحية. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. واضمم إليك جناحك من الرهب | سواح هوست. * ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ﴿مِنَ الرَّهْبِ﴾ قال: الفرَق. ⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ﴾: أي من الرعب. ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿مِنَ الرَّهْبِ﴾ قال: مما دخله من الفرق من الحيّة والخوف، وقال: ذلك الرهب، وقرأ قول الله: ﴿يَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا﴾ قال: خوفا وطمعا. واختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء أهل الحجاز والبصرة: ﴿مِنَ الرَّهَب﴾ بفتح الراء والهاء.
واضمم إليك جناحك من الرهب | سواح هوست
وقال الثوري: خاف موسى -عليه السلام- أن يكون حدث به سوء، فأمره سبحانه أن يعيد يده إلى جنبه لتعود إلى حالتها الأولى، فيعلم أنه لم يكن ذلك سوءا، بل آية من الله -عز وجل-، وقريب منه ما قيل: المعنى إذا هالك أمر لما يغلب من شعاعها فاضممها إليك يسكن خوفك. وفي الكشاف فيه معنيان:
أحدهما: أن موسى -عليه السلام- لما قلب الله تعالى العصا حية فزع واضطرب فاتقاها بيده كما يفعل الخائف من الشيء، فقيل له: إن اتقاءك بيدك فيه غضاضة عند الأعداء فإذا ألقيتها فكما تنقلب حية فأدخل يدك تحت عضدك مكان اتقائك بها ثم أخرجها بيضاء ليحصل الأمران: اجتناب ما هو غضاضة عليك، وإظهار معجزة أخرى. والمراد بالجناح اليد؛ لأن يدي الإنسان بمنزلة جناحي الطائر، وإذا أدخل يده اليمنى تحت عضده اليسرى فقد ضم جناحه إليه. والثاني: أن يراد بضم جناحه إليه تجلده وضبطه نفسه وتشدده عند انقلاب العصا حية حتى لا يضطرب ولا يرهب استعارة من فعل الطائر لأنه إذا خاف نشر جناحيه وأرخاهما، وإلا فجناحاه مضمومان إليه مشمران. ومعنى من الرهب: من أجل الرهب؛ أي: إذا أصابك الرهب عند رؤية الحية فاضمم إليك جناحك، جعل الرهب الذي كان يصيبه سببًا وعلة فيما أمر به من ضم جناحه إليه.
والمشدّد مثنى ذلك ، { برهانان} حجتان بينتان نيرتان. فإن قلت: لم سميت الحجة برهانا ؟ قلت: لبياضها وإنارتها من قولهم للمرأة البيضاء. برهرهة ، بتكرير العين واللام معا. والدليل على زيادة النون قولهم: أبره الرجل ، إذا جاء بالبرهان. ونظيره تسميتهم إياها سلطاناً من السليط وهو الزيت ، لإنارتها.
وقرأته عامة قرّاء الكوفة: ﴿مِنَ الرُّهْبِ﴾ بضم الراء وتسكين الهاء، والقول في ذلك أنهما قراءتان متفقتا المعنى مشهورتان في قراء الأمصار، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وقوله: ﴿فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ﴾
يقول تعالى ذكره: فهذان اللذان أريتكهما يا موسى من تحول العصا حية، ويدك وهي سمراء، بيضاء تلمع من غير برص، برهانان: يقول: آيتان وحجتان. وأصل البرهان: البيان، يقال للرجل: يقول القول إذا سئل الحجة عليه: هات برهانك على ما تقول: أي هات تبيان ذلك ومصداقه. وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ⁕ حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي ﴿فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ﴾ العصا واليد آيتان. ⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله ﴿فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ﴾ تبيانان من ربك. ⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق ﴿فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ﴾ هذان برهانان. ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ﴾ فقرأ: ﴿هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ﴾ على ذلك آية نعرفها، وقال: ﴿برهانان﴾ آيتان من الله.
الموضوع: التلفظ بالنية في العبادات مستحب
رقم الفتوى: 3636
التاريخ: 23-08-2021
التصنيف: عبادات
نوع الفتوى: بحثية
المفتي: لجنة الإفتاء
السؤال:
ما الحكم الشرعي للجهر بالنية في العبادات؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله النيةُ محلُّها القلب، فيلزم من أراد عبادةً من وضوءٍ وصلاةٍ وزكاةٍ وصومٍ وحجٍّ ونحوها أن يستحضر النية بقلبه؛ لتصحَّ عبادتُه، قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5]. قال الإمام القرطبي رحمه الله: "قوله: {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} أي: العبادة، ومنه قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ}، وفي هذا دليل على وجوب النية في العبادات، فإن الإخلاص من عمل القلب وهو الذي يراد به وجه الله تعالى لا غيره" [تفسير القرطبي 20/ 144]. وأخرج الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه عن عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ، قال: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى المِنْبَرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ).
التلفظ بالنية في الصلاة هل هي واجبة؟ – المكتبة - اكاديمية نيوز
نور على الدرب: حكم التلفظ بالنية قبل الشروع في الصلاة - الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز (رحمه الله) - video Dailymotion
Watch fullscreen
Font
التلفظ بالنية في الصلاة - خالد عبد المنعم الرفاعي - طريق الإسلام
اهـ، كلامُه - رحمه الله،، والله أعلم. 11
0
50, 019
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله النيةُ محلُّها القلب، فيلزم من أراد عبادةً من وضوءٍ وصلاةٍ وزكاةٍ وصومٍ وحجٍّ ونحوها أن يستحضر النية بقلبه؛ لتصحَّ عبادتُه، قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5]. قال الإمام القرطبي رحمه الله: "قوله: {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} أي: العبادة، ومنه قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ}، وفي هذا دليل على وجوب النية في العبادات، فإن الإخلاص من عمل القلب وهو الذي يراد به وجه الله تعالى لا غيره" [تفسير القرطبي 20/ 144]. وأخرج الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه عن عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ، قال: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى المِنْبَرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ).