فوضع يديه، وأعاد راحلته إلى الطريق. وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع زمارة راعٍ فصنع مثل هذا. قال الحافظ ابن عبد الهادي رحمه الله: وتقرير الراعي لا يدل على إباحته، لأنها قضية عين، فلعله سمعه بلا رؤية، أو بعيدًا منه على رأس جبل، أو مكان لا يمكن الوصول إليه، أو لعل الراعي لم يكن مكلفًا، فلم يتعين الإنكار عليه. وسماع نافع للمزمار لا إشكال فيه، إذ المحرم هو الاستماع لا مجرد السماع عن غير قصد. صفحات الشيخ أبي عبدالرحمن مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله | ما حكم الأناشيد الدينية الإسلامية ؟ | فتاوى الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله. اهـ
ولتمام الفائدة تنبغي مراجعة "إغاثة اللهفان" لابن القيم ، و"كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع" لابن حجر الهيتمي المكي و"تحريم آلات الطرب" للألباني. والله أعلم.
خطبة بعنوان: (حفلات التخرج: الواقع والمأمول) بتاريخ: 17-7-1438هـ - الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار
( [2]) أبو
مالك
الأشعري،
اختُلف في
اسمه، فقيل:
عُبيد، وقيل:
عبد الله،
صحابي جليل. مات في طاعون
عمواس، عام 18هـ. ينظر: ابن
حجر، التقريب 1199. ( [3]) العلَم:
الجبل الطويل. ينظر: القاموس
المحيط
3/302. ( [4]) أخرجه
البخاري في
الصحيح، رقم
5590، وابن حبان في
6754، وأخرجه من
طريق آخر:
أحمد في المسند
5/342، وابن حبان
في الصحيح ،
رقم 6758. ( [5]) عبد
الأشعري. مختلف في
صُحبته. خطبة بعنوان: (حفلات التخرج: الواقع والمأمول) بتاريخ: 17-7-1438هـ - الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار. مات
سنة 78 هـ. ابن
حجر، التقريب 595. ( [6]) أخرجه
ابن ماجه في
السنن، رقم 4069،
وابن أبي شيبة
في المصنف 7/465،
وصححه ابنُ
تيمية في
إقامة الدليل
6/37، وابن القيم
في إغاثة اللهفان
1/278.
مناقشة الشيخ الغزالي في إباحته الغناء - إسلام ويب - مركز الفتوى
اهـ
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وأما كونه سمعه من هشام بلا واسطة وبواسطة فلا أثر له؛ لأنه لا يجزم إلا بما يصح للقبول، ولا سيما حيث يسوقه مساق الاحتجاج. ويبين الحافظ أن الحديث جاء موصولاً إلى هشام بن عمار عند الإسماعيلي في مستخرجه، والطبراني في مسند الشاميين. ويبين الشيخ الألباني رحمه الله، أن الحديث جاء موصولاً كذلك في صحيح ابن حبان ، ومعجم الطبراني الكبير، ومن أراد المزيد فليرجع إلى كتابه رحمه الله "تحريم آلات الطرب" فقد كفى وشفى.
صفحات الشيخ أبي عبدالرحمن مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله | ما حكم الأناشيد الدينية الإسلامية ؟ | فتاوى الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله
خطبة بعنوان: (حفلات التخرج: الواقع والمأمول) بتاريخ: 17-7-1438هـ
الثلاثاء 7 جمادى الآخرة 1440ﻫ 12-2-2019م
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مُضِلّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبدالله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فاتقوا الله أيها المؤمنون والمؤمنات {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران: 102]. عباد الله: في نهايةِ كلِّ عامٍ دراسي، تبدأُ الكلياتُ والمدارسُ للبنين والبنات تجهيزَ احتفاليةِ نهايةِ العامِ لتكريمِ الطلابِ والطالباتِ المتفوقينَ دراسياً، والمتخرجين في السنةِ الأخيرةِ من دراستهِم، والذي أصبح مظهرًا مجتمعيًّا يراهُ ويعيشه الجميع. وهذا ما دامَ داخلَ أسوارِ المدرسةِ وبإشرافٍ مباشرٍ منهَا فلا إشكالَ في ذلك، ما دام بعيداً عن التشبِه المذمومِ، والغالب أن كل احتفال داخل المدرسة يسلم من المحاذير الشرعية لتمام الضبط والمتابعة من المدرسة.
الدرر السنية
وكل والدٍ ووالدةٍ يسعدان برؤيةِ أبناءهِم وبناتهم وهم يحملون مشاعلَ العلمِ ويرتقون لمصافِّ التميّزِ والتفوقِ والنجاحِ، إلا أن هناك مظاهرَ غريبةً ما زالتْ تدبُّ في أوساطِ مجتمعِنا – وقد حذْرنَا منها مراراً وتكراراً -، فوجودُ الإسرافِ والتبذيرِ وحصولُ بعضِ المخالفاتِ الشرعيةِ، وقد حلَّت محلَّ الشكرِ للمنعمِ جلَّ وعلا للتعبيرِ عن هذا التفوقِ والنجاحِ، وقد تنامي مع ذلك المبالغةُ في حفلاتِ النجاحِ والتخرجِ في كثيرٍ من مراحلِ التعليم. ومما ساعدَ على انتشارِ هذه الحفلاتِ حرصُ أولياءِ الأمورِ على إقامتِها بما فيها من تكاليفَ وتبذيرٍ وإسرافِ، فالمقتدرُ يبادرُ وقلبُ الفقيرِ ينكسرُ ويحزنُ ويضطَّرُ إلى تحمِّل ما لا تطيقُ أُسرتُه في دفعِ قيمةِ تلك الاحتفالاتِ والأطباقِ والهدايا والملابسِ وزخرفةِ القاعاتِ وردهاتِ الاستراحاتِ، وفي ذلك عدمُ مراعاةٍ لمشاعرِ هؤلاءِ الفقراءِ وحالتِهم الماديةِ. وهذا خلافُ ما جاءَ به الإسلامُ من الحثِّ على التواضعِ والشعورِ بظروفِ الآخرين، وحبِّ الخيرِ لهم، وعدمِ التعالي عليهِم، والظهورُ والتباهي أمامهم بما لا يطيقون، فالمجتمعُ المسلمُ لبنةٌ واحدةُ، ومراعاةُ ظروفِ الآخرين من ذوي الدخلِ المحدودِ أمرٌ منشودٌ، والمسلمُ الحقُّ هو الذي يعي قولَ النبي صلى الله عليه وسلم:(لا يؤمنُ أحدُكم حتى يحبَّ لأخيهِ ما يحبُّ لنفسه)(متفق عليه).
ولا شكَّ أنَّ تكريمَ الناجحينَ والخريجينَ من الطلابِ والطالباتِ في حفلاتِ النجاحِ والتخرجِ ومشاركتِهم في حفلِ تكريمهِم وإدخالِ السرورِ عليهِم وإهداءِ الهدايا والجوائزِ لهم، من أعظمِ العباداتِ وأجَلِّ القُرباتِ، إذا احتسبهَا المسلمُ كتب اللهُ له في ذلك أجرًا عظيمًا، وفيه أيضاً اتباعٌ للسنةِ، فقد ورد عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه كان يَهدي ويُهدَى لهُ، ويَقبلُ الهديةَ، ويُثيبُ عليهَا، وهو القائل:(تهادوا تحابُّوا) (رواه البخاري في الأدب المفرد)، والقائل:(أجيبوا الداعي ولا تردوا الهدية)(رواه أحمد وصححه الألباني). عباد الله: إن فرحَ أبناءنِا من الطلابِ والطالباتِ بالنجاحِ والتخرجِ هو أمرٌ فطريٌّ جبلي، وإذا قُرِن ذلك بشكرِ اللهِ جلَّ وعلا انقلبَ هذا الفرحُ إلى عبادةٍ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى.. )(متفق عليه)، ولأنه جل وعلا هو صاحب الفضلِ عليهم في تفوقِهم ونجاحِهم، وصدق الله العظيم: { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: 53]. والشريعةُ لم تأتِ لحرمانِ المسلمِ من الفرحِ والسرورِ والبهجةِ، بل جاءت مرغبةً بذلك، وقد وضعتْ ضوابطَ سهلةً ميسرةً لتنظيمَ ذلك الفرح، بحيث لا يخرجُ عما يرتضيه الله جلَّ وعلا، قال تعالى:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 32].
وقال الجويني: "فإن قيل: أليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي العُشَراء: «وأبيك لو طعنت في خاصرته لحلَّ لك» ( [9]) ؟! الحلف بغير الله ( حكمه ، صوره ، كفارته ). قلنا: جرى هذا في كلامِه صلى الله عليه وسلم من غير قصدٍ كما يقول الواحدُ منَّا: لا والله، وبلى والله، من غير أن يجرد إلى الحلف قصدًا" ( [10]). وقال النووي في الجمع بين النهي وبين حديث « أفلح وأبيه »: "والنهي إنما ورد فيمن قصد حقيقةَ الحلِف؛ لما فيه من إعظام المحلوف به ومضاهاته به سبحانه وتعالى، فهذا هو الجواب المرضي" ( [11]). ثالثًا: أقسام الحلف بغير الله تعالى وحكمها:
على ما تقدَّم فالحلف بغير الله تعالى على ثلاثة أقسام:
الأول: أن يحلفَ بغير الله مع تعظيمِ المحلوفِ به كتعظيمِ الله أو أشدّ، وذلك مثل أن يُعرَض على السارق الحلف بالله فيحلِف، فإذا عرض عليه الحلِف بغير الله تعالى خافَ واضطرب وأبى أن يحلفَ وأقرَّ بالسرقة، فهذا شرك أكبر ( [12]). الثاني: أن يحلفَ بغير الله قاصدًا تعظيمَه لكنه ليس كتعظيم الله، سواء كان معتقدًا أن له منزلة في الشرع تسوغ الحلف به مثل الحلف بالنبي أو بالكعبة، أو ليست له منزلة في الشرع كمن يحلف بأبيه، فهذا محرَّم وهو شرك أصغر؛ لأنَّه يشمله عموم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحلف بغير الله، وهو ذريعة ووسيلة للشرك الأكبر.
الحلف بغير الله ( حكمه ، صوره ، كفارته )
ويُثار هنا سؤالان: الأول لماذا يَحلِف الله بالمخلوقات كالشمس والقمر والليل، والثاني كيف يَحلِف الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بغير الله، وقد نَهَى عنه؟
أثار ذلك الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " وخلاصة ما جاء فيه: أن لله أنْ يَحلِف بما شاء مِن خلْقه "لا يُسْألُ عمّا يَفْعَلُ" وذلك لتعظيم المحلوف به وهو ـ سبحانه ـ صاحِب الأمْر في خلْقه، وفيه لَفْتٌ لأنظارنا أنْ نَتدبر وجْه العظمة في هذا المحلوف به. أما حَلِفُ الرسول ـ بغير الله فقد جاء في الصحيح أنه قال للأعرابي الذي أَقْسَم ألا يَزيد ولا يَنقُص عما تَعلَّمه من الرسول من الواجبات "أفْلَحَ وأبِيه إنْ صَدَقَ" وأُجِيب عنه بأجوبة:
أ ـ الطعن في صحة هذه اللفظة ـ وأبيه ـ كما قال ابن عبد البر: إنها غير محفوظة، وزَعَم أنَّ أصل الرواية "أفْلَحَ والله" فصَحَّفَها بعضُهم. ب ـ أنَّ ذلك كان يَقَع من العرب ويَجري على ألسنتهم من دون قصد للقسم أي للحلف، والنهي إنما وَرَدَ في حقِّ مَنْ قَصَد حقيقة الحلف، قاله البيهقي، وقال النووي: إنه الجواب المَرضِيُّ. ج ـ أنه كان يَقع في كلامهم على وجْهين للتعظيم وللتأكيد، والنهي إنما وَرَد عن الأول وهو التعظيم. د ـ أنَّ الحلِف بغير الله كان جائزًا، وما صَدَر من النبي كان على الجواز، ثم نُسِخ، قاله الماوَرْدِيُّ، وقال السُّهَيْلي: أكثر الشُّرَّاح عليه، قال المُنذري: دَعوَى النَّسْخ ضعيفة؛ لإمكان الجمْع بين الأمْرين المختلفين، ولعدم تَحقُّق التاريخ حتى يُعرَف السابِق من اللاحِق.
كقول ابن عبد البرّ رحمه الله تعالى:
" فإن احتج محتج بحديث يروى عن إسمعيل بن جعفر، عن أبي سهيل نافع بن مالك بن ابن أبي عامر، عن أبيه، عن طلحة بن عبيد الله - في قصة الأعرابي النجدي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أفلح وأبيه إن صدق). قيل له: هذه لفظة غير محفوظة في هذا الحديث ، من حديث من يحتج به، وقد روى هذا الحديث مالك وغيره عن أبي سهيل لم يقولوا ذلك فيه، وقد روي عن إسمعيل بن جعفر هذا الحديث وفيه: ( أفلح والله إن صدق)، ( أو دخل الجنة والله إن صدق)، وهذا أولى من رواية من روى ( وأبيه) لأنها لفظة منكرة تردها الآثار الصحاح، وبالله التوفيق " انتهى من "التمهيد" (14 / 367). وقد بسط الشيخ الألباني رحمه الله تعالى بيان عدم صحة ورود هذه الألفاظ داخل هذه الأحاديث، وهذا في كتابه "السلسلة الضعيفة" (10 / 750 - 768). وعلى القول بصحتها؛ فالسياق والمقام يؤكد أنها لم ترد على سبيل القسم ، الذي يفيد تعظيم المقسم به. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقسم بأبيه "عبد الله"، فلم يقل "بأبي" حتى ترد شبهة القسم، وأنه ذكره معظما له لحق الأبوة، وإنما ذكر أب المخاطب ، وهو في غالب الظن مشرك؛ فلا تتطرق شبهة تعظيمه أصلا، وإنما هي صيغة من صيغ توكيد الكلام ، جرت عليها العرب من غير قصد القسم ، كما يقولون: ويحك ، وويلك ، وثكلتك أمك ، ولا يقصدون حقيقة معنى هذه الألفاظ.