كما بيّن ابن عباس حصار المشركين لبيته ابتغاء قتله, ومبيت علي رضي الله على فراشه ولحاقه صلى الله عليه وسلم بالغار, ولما علم المشركون ذلك في الصباح اقتصوا أثره إلى الغار فرأوا على بابه نسيج العنكبوت فتركوه. ولكن هذه الرواية لا تصلح للاحتجاج بها وهي أجود ما روي في قصة نسيج العنكبوت على فم الغار ، وقد ورد حديث ضعيف جداً يفيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما بات في غار ثور أمر الله شجرة, فنبتت في وجه الغار, وأمر حمامتين وحشيتين, فوقعتا بفم الغار. وأن ذلك سبب صدود المشركين عن الغار. ومثل هذه الأساطير تسربت إلى مصادر كثيرة في الحديث والسيرة. وعلى أية حال فإن ائتمار المشركين لقتله ثابت بنص الآية فلا يبعد أن يحاصروا بيته. في غار ثور قالت عائشة رضي الله عنها: ( فبينما نحن يوماً جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة, قال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متقناً في ساعة لم يكن يأتينا فيها. قصة رسول الله وابي بكر الصديق في غار ثور. فقال أبو بكر: فداء له أبي وأمي, والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر. قالت: فجاء رسول الله عليه وسلم فاستأذن فأذن له, فدخل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: أخرج من عندك. فقال أبو بكر: إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله.
- قصة رسول الله وابي بكر الصديق في غار ثور
قصة رسول الله وابي بكر الصديق في غار ثور
وتشير رواية صحيحة أخرى إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ركبا ، قال: ( فانطلقا حتى أتيا الغار وهو بثور). موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه وثمة رواية حسنة تفيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم انطلق إلى الغار من بيته حيث حاصره المشركون يريدون قتله, فلبس علي رضي الله عنه ثوبه ونام مكانه واخترق رسول الله صلى الله عليه وسلم حصار المشركين دون أن يروه, بعد أن أوصى علياً بأن يخبر أبا بكر أن يلحق به, فجاء أبو بكر وعليّ نائم, وأبو بكر يحسب أنه نبي الله صلى الله عليه وسلم, قال: فقال: يا نبي الله.. فقال له علي: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد انطلق نحو بئر ميمون فأدركه. قال: فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار. قصة الرسول في غار ثور. قال: وجعل علي يرمي بالحجارة, كما كان يرمي نبي الله صلى الله عليه وسلم وهو يتضور, قد لفّ رأسه في الثوب لا يخرجه, حتى أصبح. ثم كشف عن رأسه, فقالوا: إنك للئيم!. كان صاحبك نرميه فلا يتضوّر وأنت تتضوّر وقد استنكرنا ذلك. لقد كان غار ثور قد تحدد منطلقاً للهجرة, وضرب الموعد مع الدليل في ذلك المكان, وكان خروج المصطفى والصديق الى الغار ليلاً. ولا تقوى هذه الرواية على معارضة ما في الصحيح, ولكن يمكن التوفيق بينهما, لأن رواية الصحيح ليست صريحة في ركوبهما من بيت الصديق رضي الله عنه.
غار ثور مزار للحجاج والمعتمرين
وبات غار ثورٍ حالياً مزاراً للحجّاج والمعتمرين الذين يزدحمون لزيارته لأنه محطة حطّ فيها الرسول صلى الله عليه وسلم خلال هجرته من مكة المكرمة متجهاً إلى المدينة المنورة مستغلّين أيام وجودهم في مكة المكرمة ويبدأ الحجاج بالتوافد إليه عادة بعد صلاة الفجر تقريباً، ويستغرق الصعود إلى قمة الغار ثلاثين دقيقة تقريباً، تختلف باختلاف قدرة الحاج وصحته. وقد خُصص مركز خاص للتوجيه والإرشاد بأهمية ومكانة غار ثور توزع فيه الكتيبات والمطويات التوعوية والتثقيفية بعدّة لغات في موسم الحج، وشهر رمضان المبارك الذي تشهد فيهما مكة المكرمة كثافة كبيرة من الوفود والزوار.