وأما الآية المذكورة في قصة يوسف فتدل على جواز التوصل إلى الأغراض بالحيل؛ إذا لم تخالف الشريعة ولا هدمت أصلا كما قال ابن العربي في الاحكام عند قوله تعالى: كذلك كدنا ليوسف، وهذا موافق لما قررناه سابقا.
- أكاديمك للتدريب والتعليم عن بعد - مدونات أكاديمك
أكاديمك للتدريب والتعليم عن بعد - مدونات أكاديمك
فَإن كَانَت الأنا متضخِّمة فستقرّر هي، وتفسّرُ جَمِيع البيانات من مَنطقِ حفظ الذات، وتُنكر كثيرًا من الحَقيقة، وأمَّا إن كانت نفسا مطمئنَّة أو الضَّمير على حدّ تقدير كوفي فتقدّر التغذية الراجعة وتُحاول الوُقُوفَ على ما فيها من حَقِيقة، ويمكنها أن تفسّر بدقَّة حَقيقَة ما يَجرِي. وبما أنَّ (النفس المطمئنَّة) الضّمير، هي تنحيَة الذات أو الأنَا لدى الشّخص لصَالِح الغاية أو المبدَأ الأعظم، فهُنا لا يمكن لأيّ شخص ذو مبادئ وإيمانٍ حقيقي بأيّ حالٍ من الأحوال أن يحقِّق الهدف الأنبل والأعظم من خلال وَسَائِل خَسِيسَة، لأنه لا يُمكن الفصل بينَ الغايات والوَسَائل كا يقول إيمانويل كانت: "إنَّ الوسائل المستخدمة لتحقيق الغايات بذات أهمية الغايات". أكاديمك للتدريب والتعليم عن بعد - مدونات أكاديمك. لذلك فإنَّ بُلُوغ الغايَة بالوسائِل الخاطِئة، سُرعان ما يُحوِّل تلك الغَاية إلى سَرَاب. وهذا ما نُلاحظه في عُظماء الأمة. تأمّل: أفضل الخلق محمد صلّى الله عليه وسلم، المهاتما غاندي، مانديلا، لوثر كينج، لينكولن، أينشتاين.. خلّدهم التاريخ بينما هتلر، ميكيافيلي وغيرهم، فقد أصبحوا مشاهير بالفعل بمواقفهم ولكنَّهم لم يُحدثوا تغييرا إيجابيا حقيقيًا ليكونوا من العظماء.
في هذه الفترة وضع معظم نظرياته وألّف كتابه الأمير ، وحاول في البداية التقرب من "لورينزو الثاني" ومن عائلة ميديشي ولكن دون جدوى، ثم تحسنت الأمور عندما منح الحكام صلاحيات للناس وخففوا عنهم القيود فتحسنت أحوال ميكافيلي وطلب منه الكاردينال دي ميديشي تأليف كتاب تاريخ فلورنسا ؛ الذي شغله حتى عام 1525م، ثم في عام 1527م سقط حكم آل ميديشي من جديد، وفي نفس العام مرض ميكافيلي ومات. كتاب الأمير الذي ألفه ميكافيلي عام 1213م لم يطبع إلا بعد وفاته عام 1513، كما حورب الكتاب ومنع حتى إن الكنيسة أصدرت قراراً بتحريم قراءة كتب ميكا فيلي، إلا أن الكتاب انتشر وصار يحكم السياسة إلى اليوم. أقوال ميكافيلي الغاية تبرر الوسيلة: وبه برر لقائد القيام بأي شيء في سبيل الحفاظ على حكمه، ورأينا أثر هذا في تدمير شعوب وبلاد مقابل بقاء حاكم في سلطته. حبي لنفسي فوق حبي لبلادي: رأينا حكاماً أغرقوا دولهم بديون حتى لا بفكر شعبهم إلا بلقمة العيش. من الأفضل أن يخشاك الناس على أن يحبوك ، والقائد المُهاب أفضل من القائد المحبوب ، لذلك كان كرومويل القائد العسكري الإنكليزي يقول: (تسعة مواطنين من أصل عشرة يكرهونني، وما أهمية ذلك إذا كان العاشر وحده هو المسلح).